بقدر ما يمكن التعلم من نجاحات رواد الأعمال والمديرين التنفيذيين، يمكن التعلم أيضًا من فشلهم وأخطائهم، التي يقرون بها ليجنبوا الآخرين الوقوع بها، مثلما فعل جيف إيميلت المدير التنفيذي السابق لشركة "جنرال إلكتريك" الأمريكية، في كتابه "مقعد ساخن: ما تعلمته من قيادة شركة أمريكية كبيرة".
ويتحدث إيميلت في كتابه الصادر في شهر فبراير من هذا العام عن الأخطاء التي ارتكبها خلال فترة توليه منصب المدير التنفيذي لشركة "جنرال إلكتريك" في الفترة من 2001 وحتى عام 2017.
وتولى إيميلت هذا المنصب خلفًا لـ جاك ويلش الذي شغل منصب المدير التنفيذي للشركة لمدة عقدين، وأصبحت "جنرال إلكتريك" في عهده الشركة الأكثر قيمة في العالم، إلا أن ذلك الحال لم يدم في عهد إيميلت.
وواجه إيميلت سوء حظ منذ اليوم الثاني لتوليه منصبه، والذي تزامن مع وقوع هجمات 11 سبتمبر، والتي تضررت بسببها العديد من خطوط الأعمال الرئيسية للشركة.
لكن ليس سوء الحظ وحده الذي لعب دورًا في عهد إيميلت، بل القرارات الخاطئة أيضًا؛ إذ يكشف الكتاب أن إيميلت أنفق الكثير من أموال الشركة على عمليات الاستحواذ، ويرى المنتقدون له أنه لم يوفّق في رهاناته الكبيرة على الشركات التي اشترتها "جنرال إلكتريك" خلال عهده، ولم يكن قادرًا على التكيف مع ظروف السوق المتغيرة.
قرارات كارثية
- كانت نتائج القرارات التي اتخذها إيميلت كارثية، ففي عهده تراجعت أسهم الشركة بنسبة 30%، وخسرت "جنرال إلكتريك" أكثر من 150 مليار دولار من قيمتها السوقية، وحتى بعد رحيل إيميلت عن المنصب عام 2017 ازدادت أوضاع الشركة سوءًا، واستمر سعر سهمها في الانخفاض، كما دفعت الشركة مؤخرًا 200 مليون دولار غرامة لتضليلها المستثمرين فيما يخص ربحية أعمال الطاقة والتأمين.
- كان كل ذلك بمثابة فشل كبير لشركة كانت ذات يوم واحدة من أكبر وأهم الشركات الأمريكية على مدى قرن، ورغم أن الشركة لا تزال قائمة وتنتج المحركات والمعدات الطبية، إلا أنها لم تعد كسابق عهدها كشركة كبيرة في مجال إنتاج الأجهزة والبلاستيك، وغير ذلك من منتجات عديدة.
- يمثل ذلك الفشل درسًا يمكن أن تتعلم منه الشركات الأخرى كيف يمكن حتى لأكبر الشركات أن تقع ضحية للإدارة السيئة، وتقلبات سوق الأوراق المالية.
أسباب وصول "جنرال إلكتريك" لهذه المرحلة
- يعترف إيميلت (64 عامًا) في كتابه بإخفاقاته، ويشرح في الوقت نفسه مدى صعوبة وتعقيد إدارة شركة تضم أكثر من 200 ألف موظف، ولها عمليات في جميع أنحاء العالم، ويقر إيميلت بأنه ارتكب أخطاءً خلال فترة إدارته لـ "جنرال إلكتريك"، لكنه في بعض المقاطع في الكتاب يؤكد أنه كان يعمل وفقًا لما توافر لديه من معلومات.
- كانت تلك المعلومات تعتمد على دراسات أجرتها شركة "ماكينزي" أو بنك "جولدمان ساكس" أو اتجاهات السوق، ولا يلوم إيميلت في معظم أجزاء الكتاب آخرين على أخطائه، ولم يحدث ذلك سوى مرة واحدة فقط. كما حكى موقفًا حدث خلال سنواته الأخيرة في منصب المدير التنفيذي، حيث كان رئيس قسم الطاقة ستيف بولز في الشركة يدعم بشدة عملية الاستحواذ على شركة "ألستوم" الفرنسية، وحين جاء وقت تنفيذ الصفقة تردد وأوقف الأمر، ووصفه إيميلت بأنه لم يكن يفكر في المستقبل.
- يشير إيميلت إلى أن بولز كان يستهدف أن يحل محله، وانشغل عن مهام عمله الأساسية، وأصبح شغله الشاغل الترويج لنفسه، ولذلك يؤكد إيميلت أن عدم إقالته لـ بولز كان خطأ فادحًا، بل يمكن أن يكون أسوأ خطأ ارتكبه من وجهة نظره.
- كما تحدث إيميلت في كتابه أيضًا عن جون فلانري الذي خلفه في منصب المدير التنفيذي، مشيرًا إلى أنه لم يكن قادرًا على اتخاذ القرارات. ورغم أن جاك ويلش الذي حقق نجاحًا كبيرًا لشركة "جنرال إلكتريك" خلال فترة توليه المنصب، هو من اختار إيميلت خلفًا له، إلا أن الأخير لم يستطع رفع سعر أسهم الشركة.
- يحكي إيميلت عن مدى تأثره حين قال ويلش في أحد اللقاءات إنه سيطلق النار عليه إذا فشل في تحقيق أهداف الربح التي وضعها، وذكر إيميلت أن ذلك جرحه للغاية.
المصدر: نيويورك تايمز
مواقع النشر (المفضلة)