سألت في شبابي رجلًا كبيرًا في السن كل حلاله في العقار: وش رأيك طال عمرك أشتري أو استأجر؟ قال يا ولدي شاري العقار مغلوب! قلت باستغراب: هذا بعد وأنت تشتري ولا تبيع! يمكن تقصد، طال عمرك إن العقار مرتفع الآن (كان الكلام أثناء الطفرة الأولى 1977).. قال لا تستعجل خلني أكمّل، أنتم الشباب (عجلين) قلت آسف، تفضل، مع أن كلامك واضح تقول مغلوب! قال (إيه تبي تشري هالحين وأنت مغلوب ثم تصير الغالب) قلت وهذي أعجب (تراي على قدّي اشرح لي) قال رحمه الله (أنت إذا جيت تشتري الآن ما تحس إنك مغلوب لأنهم يحدّون عليك بغالي؟) قلت (بلى وهذا البلا) قال (هاه! لو جيتهم بعد شهر حدوا عليك بأغلى يعني شاري العقار مغلوب ثم يصير هو الغالب، عرفت!) قلت (عرفت جزاك الله خيرا)..
هذا الكلام لا ينطبق على الدوام ولا في كل المواقع فالأحياء السكنية تنتعش وتموت، والطفرات تأتي وتذهب، هي الاستثناء لا القاعدة، وكما مر على العقار طفرات مر عليه أيضا كسرات، والموفق من يشتري وقت النزول وفي مواقع مرغوبة من الناس، بعد التقصي ومعرفة اتجاه المدن ورغبة الناس والطرق تحت الإنشاء أو الاعتماد، العقار مثل غيره له قمة وقاع ودورات وطلب أساسي أو مجرد مضاربة وهل يتناسب مع متوسط الدخل الأسري أم لا، كما هو حاصل الآن، واتجاهات الفائدة، وحجم العرض الحالي والمستقبلي الذي كان يعاني من عجز هيكلي سببه الأساسي ثقافة الاحتفاظ بالأرض عند كثيرين (لا تأكل ولا تشرب وعمارها الشمس وربحها في الانتظار) لكن أتوقع أن يزيد العرض بشكل ملحوظ مع تطبيق مراحل جديدة من رسوم الأراضي (صارت تأكل!) وجهود وزارة الإسكان والبلديات في تحفيز العرض وتسهيل التراخيص والسماح بالمزيد من الأدوار والبيع الموثوق على الخارطة، وبرنامج شريك الذي يغري المطورين بإنجاز حقيقي متنوع، والأهم هو دخول صندوق الاستثمارات العامة العملاق في مجال التطوير العقاري الكثيف كمّا والمتميز نوعا والمختلف تمامًا عن معظم المعروض التجاري الذي كثير منه رديء جدًا.. متغيرات كثيرة وكبيرة في المشهد العقاري لا يظهر أثرها العميق سريعًا لأن العقار ثقيل بطبيعته.. وأولا وآخرا التوفيق من الله سبحانه وتعالى.. وفق الله الجميع.
مواقع النشر (المفضلة)