استراتيجيات الاستثمار
عندما يقرر المستثمر الاستثمار في الأسهم أو في صناديق الاستثمار فبإمكانه الاختيار من بين أسهم العديد من الشركات المدرجة في الأسواق المالية. وتحف هذه الاستثمارات المتاحة عادةً مستويات مختلفة من المخاطر، ومستويات متفاوتة من العوائد. ولأن الخيارات المتاحة من الاستثمارات أمام المستثمر متعددة ومختلفة بشكل كبير وتصل إلى العشرات من الأسهم والصناديق الاستثمارية- فإن احتمال نجاح المستثمر تكون أكبر إذا كان لديه إستراتيجية محددة للاختيار والمفاضلة بين هذه الاستثمارات. بل قد يكون وضعه أفضل لو تبنى العديد من الإستراتيجيات التي يوافق كل منها ظرفاً اقتصادياً مختلفاً. فعلى سبيل المثال، قد يستخدم المستثمر إستراتيجية معينة عند ارتفاع معدل الفائدة، و أخرى عند انخفاضه. ولأي إستراتيجية استثمارية عامة عدة متطلبات أولها: يتعلق بالكيفية التي يجب أن يقوم المستثمر فيها بتوزيع أصوله المستثمرة على فئات الأوعية الاستثمارية المختلفة، كالأسهم مثلاً، أو المعادن الثمينة، أو العقار. ثانياً: ضرورة أن تتضمن الإستراتيجية ضوابط لشراء الاستثمارات وأخرى للفترات التي يرغب المستثمر الاحتفاظ فيها بهذه الاستثمارات. وأخيراً، ينبغي أن يحدد المستثمر في إستراتيجيته مستوى المخاطرة الملائم في كل استثمار من هذه الاستثمارات.
وبإمكان المستثمر بناء على طبيعة شخصيته، أن يحدد من بين العديد من الإستراتيجيات الاستثمارية أيهما أكثر تواؤماً مع شخصيته وظروفه وأهدافه الاستثمارية. فعلى سبيل المثال، قد تشتمل إحدى الإستراتيجيات على منهج يركز على اقتناء أسهم النمو (أسهم تنمو قيمها الرأسمالية). وقد يتبنى إستراتيجية أخرى تسعى للمحافظة على رأس المال، ويُركّز فيها على استثمارات ذات مخاطر أقل. وبغض النظر عن الإستراتيجية التي يختارها المستثمر، إلا أنه يجب أن تتوافق مع أهدافه الاستثمارية، كهدف التقاعد، أو شراء منزل، أو القيام بنشاط تجاري، أو دفع تكاليف الدراسات العليا... وما إلى ذلك. فمثلا لو كان المستثمر في العشرينيات من عمره، ويقوم بالاستثمار لتأمين راتب تقاعدي لنفسه، فقد يلجأ بسبب صغر سنه إلى إستراتيجية استثمارية منفتحة تقبل مستوى مخاطر أعلى. و لكن لو كان في الخمسينيات من عمره، ويستثمر للهدف ذاته، فقد تكون إستراتيجيته أكثر تحفظاً.
إتاحة الوقت للإستراتيجية
بمجرد انتهاء المستثمر من تحديد إستراتيجيته في توزيع الأصول فإن عليه منح هذه الإستراتيجية الوقت لتعمل وتؤتي ثمارها، حيث إن التزام المستثمر بخططه التي وضعها يعد عنصراً مهماً لنجاحها. و ربما يكون من المستحسن أن يحافظ المستثمر على إستراتيجية توزيع الأصول التي اختارها لدورة اقتصادية كاملة، مع الوضع في الاعتبار ضرورة الاحتفاظ ببعض المرونة للتغيير عند توافر فرص استثمارية جيدة.
التنويع في الأصول
التنويع، شأنه ِشأن توزيع الأصول، هو جزء مهم في إدارة المحفظة الاستثمارية. فتنويع وتوزيع الأصول لهما أهداف و إستراتيجيات متشابهة و هي: توزيع المال على قطاعات مختلفة، والحد من مخاطر الاستثمار. وبينما ينطبق توزيع الأصول على نشر رأس المال في أصول استثمارية متنوعة، كالأسهم أو السيولة النقدية، فإن التنويع يعني شراء عدد من الاستثمارات ضمن فئة واحدة من الأصول. فلو كانت الأسهم، على سبيل المثال، تمثل جانباً من استثماراتك ، فإن عليك تنويع أسهمك أو صناديق استثماراتك لتتمكن من تحقيق التنويع بشكل كاف. يساعد التنويع على إبعاد أثر التخمين عن قرارات الاستثمار. فمن المعروف أنه لا يمكن توقع زيادة الطلب على أي فئة من الأسهم في أي وقت - وذلك يجعل توزيع الأصول أمراً مهماً- ولا يمكنك أيضاً التنبؤ بأن سهم بعينه سيكون أداؤه جيداً ضمن قطاع واحد من الأوراق المالية. وغالباً ما يصعب على المستثمر تمييز الشركات ذات الإدارة الجيدة من الإدارة الضعيفة، أو تحديد الشركات التي يمكن أن يكون أداؤها جيداً في ظروف معينة من تلك التي سيكون أداؤها ضعيفاً في الظروف ذاتها. و لكن، ومن خلال الاحتفاظ بمحفظة استثمارية متنوعة، غالباً ما يحد الاستثمار في شركة ذات إدارة جيدة من تبعات الآثار السيئة لشركات ذات إدارة ضعيفة.
ويفضل بعض المستثمرين تنويع استثماراتهم بالاعتماد على مؤشرات معينة، كاختيار أسهم ثانوية مثلاً، والتي تمثل فئات أصغر ضمن فئة معينة من الأسهم. فعلى سبيل المثال، يمكن تقسيم الأسهم إلى فئات أصغر اعتماداً على القيم السوقية الكلية، وذلك لقياس حجم الشركة: كبيرة، أو صغيرة، أو متوسطة، وبشكل عام، تعكس التباينات في القيم السوقية اختلافات في النمو المتوقع، وتذبذب سعر السهم، وإمكانية أن تنجو الشركة المصدرة للسهم من ظروف التراجع الاقتصادي. و يتباين عادة أداء الأسهم الصغيرة، والمتوسطة، والأسهم ذات الحجم الكبير بحيث يتذبذب بشكل دوري يكون معه أداء كل فئة جيداً في فترة ما، ً و ضعيفاً في فترة أخرى. و بعيداً عن حجم القيم السوقية، فإن هناك طرقاً أخرى لفرز فئات الأسهم الثانوية منها: نوع النشاط، والقطاع، والتقييم.
إعادة موازنة المحفظة
لإدارة المستثمر لمحفظته، فإن عليه المحافظة على توزيع الأصول الذي اختاره في إستراتيجيته الاستثمارية إلى أن يشعر بأن الوقت قد حان، بناءً على معطيات تقدم عمره أو تغير وضعه المالي، لتغيير هذا التوزيع. ومن متطلبات الاستمرار في إستراتيجية توزيع الأصول الحالية للمستثمر أن يقوم بإعادة الموازنة لها، أو إعادة توزيعها بشكل كامل بين حين وآخر. إن إعادة الموازنة للمحفظة أمر مهم، لأن أداء الأسواق يرفع أو يخفض من قيمة الأصول لبعض الاستثمارات مع مرور الوقت. فلو ارتفعت مثلاً قيم أصل من الأصول المستثمرة في المحفظة مقارنة بأصل آخر، فسنجد أن ذلك الأصل سيستحوذ بنسبة كبيرة على أداء المحفظة الاستثمارية، والعكس صحيح لو انخفضت قيم أحد الأصول المستثمرة، حيث سيستحوذ هو الآخر على أداء المحفظة. ونتيجة لذلك فقد تُعرّض المحفظة الاستثمارية صاحبها لمستويات من المخاطر أكثر مما يرغب، أو أن تعود عليه بعوائد طويلة الأجل متدنية بشكل أكبر مما كان يأمل.
و يعيد بعض المستثمرين موازنة محافظهم الاستثمارية كل عام، لكن التجارب تشير إلى أنه ليس هناك جدول زمني يجب على المستثمر أتباعه. وبشكل عام.. كلما طال الوقت الذي يعطيه المستثمر لاستراتيجيته الاستثمارية لتحقيق أهدافه قلت الحاجة لإعادة موازنة المحفظة الاستثمارية. وأحد المحددات للحاجة لإعادة موازنة المحفظة الاستثمارية هو عندما تتعدى نسبة الأصل المهيمن والأقوى عائداً في المحفظة الـ 10 بالمائة، متجاوزاً بذلك التوزيع المستهدف في الاستراتيجية الاستثمارية، حينها على المستثمر إعادة استثمار المال الفائض عن ال 10% في أنواع أصول استثمارية أضعف أداء. و بما أن أداء الأصول يتغير بشكل نمطي ومتكرر، فيمكن الافتراض بأن النوع الأضعف الذي استثمر به هذا اليوم قد يكون صاحب الأداء الأقوى في الغد. وبالتالي فإن ما يقوم به المستثمر هنا هو أن يقوم بالشراء مستغلاً الأسعار المنخفضة والبيع لاحقاً بقيّم مرتفعة.
وعندما يقرر المستثمر بأن الوقت مناسب لإعادة الموازنة في المحفظة، فهناك عدة أساليب لعمل ذلك و كلها قد تحقق الغرض. لكن المستثمر قد يفضل أحداها على الآخر. ولإعادة موازنة المحفظة يستطيع المستثمر:
1-بيع جزء من نوع الأصل الاستثماري الذي ارتفعت قيمته بشكل كبير، و إعادة استثمار أرباحه في أصل آخر لم يرتفع بعد.
2-تغيير الكيفية التي توزع بها الأموال الاستثمارية الجديدة التي تضاف للمحفظة، بوضعها في أنواع أخرى من الأصول التي لا تزال أسعارها دون قيمها العادلة، حتى يصل المستثمر إلى التوزيع الذي يناسبه.
3-رفع رأس مال المحفظة الاستثمارية، وتخصيص الزيادة للاستثمار بالكامل في الأصول التي لا تزال دون قيمها العادلة.
مسببات المخاطر
هناك العديد من العوامل المسببة لمخاطر الاستثمار، أكثرها شيوعاً هو التذبذب. فقد تتذبذب أسعار الاستثمارات من أعلى إلى أدنى مستوى دون سابق إنذار، أي أن السعر قد يهوي إلى ما دون السعر الذي دفعه المشتري. ومما يزيد من تعقيد مشكلة التذبذب أنه لا يمكن التنبؤ بها، ولا بما يمكن أن تحدثه من تأثيرات على الاستثمارات.
متابعة أداء المحفظة الاستثمارية
يعد متابعة أداء المحفظة الاستثمارية أمراً مهماً لأنه يساعد على القيام بالتغييرات الضرورية على المحفظة. فلو تسببت –على سبيل المثال– أسهم محددة في خفض أداء محفظة المستثمر أو تسببت بمخاطر إضافية للمحفظة أكبر مما يتحمله المستثمر، فيمكنه حينها التخلص منها والاستثمار في غيرها. كذلك إذا لم تحقق المحفظة الاستثمارية الحد الأدنى من العائد الذي أراده المستثمر فبإمكانه حينها إعادة توزيع أصوله الاستثمارية بشكل جزئي أو كامل، أو حتى زيادة رأسمال محفظته. وجرت العادة أن يقوم معظم المستثمرين بإجراء مراجعة لمحافظهم الاستثمارية مرة كل عام.
إن قواعد متابعة المستثمر لمحفظته الاستثمارية تبدأ بمتابعته للعوائد الاستثمارية لكل مجموعة من الشركات المنتمية لقطاع معين ومقارنة عوائدها بالعوائد الخاصة بمؤشر ذلك القطاع، وبعدها يقوم بتحديد متوسط العائد لكامل المحفظة. وإذا كان المستثمر يملك وحدات استثمارية في صندوق استثماري فإن شركة الاستثمار هي من يقوم بإعداد تقرير عن عوائد الصندوق. وفي حال امتلاك المستثمر لأسهم أو أوراق مالية من خلال حساب لدى شركة تمارس اعمال الأوراق المالية فأنها، حينئذٍ تقوم بحساب العوائد للمستثمر.
https://cma.org.sa/Awareness/Pages/IFManagement.aspx
ملاحظة: ان استفدت من مشاركاتي لا تنساني من دعائك بظهر الغيب
تحياتي
مواقع النشر (المفضلة)