يركز علماء الاقتصاد في نصيحتهم للأفراد على الادخار، لما للادخار من أثر إيجابي على حياة الفرد، وهم لا يتركون الأمر فوضى، بل يضعون قواعد منظمة للادخار، فيقولون إنه يجب أن يدخر الفرد على الأقل 15 في المائة من دخله، ولا بأس أن يرتفع الادخار إلى 25 في المائة إذا استطاع الفرد ذلك.وهم أيضاً يضعون قواعد ناظمة لكيفية الادخار، فهم، أي علماء الاقتصاد، يقولون إنه لا يجب على الفرد أن يبدأ بالصرف من دخله الشهري ثم يدخر المتبقي، بل يطالبون الفرد بتجنيب ما يستطيع الاستغناء عنه ليدخره، ثم ينظم مصاريفه على المتبقي، ولو احتاج إلى شيء ما لشرائه ولنقول جهاز تلفزيون فإنه يجب أن يقسّم قيمة الجهاز على عدة أشهر غير ما يدخره، فإذا اكتملت قيمة الجهاز قام بشرائه دون التأثير على ما يدخره شهرياً.ثم إن الاقتصاديين يذهبون أبعد من ذلك، ويطالبون الفرد باستثمار ما يدخره مهما بلغت قلته. وأفضل استثمار للمبالغ القليلة سوق الأسهم، إذ يمكن لأي فرد أن يستثمر هذا المبلغ القليل في السوق، إذ يمكنه **** سهم أو عدة أسهم حسب ادخاره، فيما لا يستطيع **** متر واحد من قطعة أرض لأنه ببساطة لا يمكن تجزئتها، ويصفون ذلك الادخار بالبذرة التي قد تنتج شجرة وارفة الظلال إذا أحسن استثماره.ولن أطيل عليكم الأمر، ولكني سأقص عليكم قصة مفيدة، فقد كان زملائي الصحافيون يأتون إلى مكتبي يسألون ماذا نشتري في سوق الأسهم السعودية بمبالغنا القليلة المتوفرة؟ وكنت أرد عليهم اشتروا سهم مصرف الراجحي، وكان ذلك عام 2000 ميلادية، فكانوا يردون «على ماذا نشتري 4 أسهم كل شهر؟» وكان ردي «القليل مع القليل بركة»، للأسف هم لم يأخذوا بنصيحتي وأنا أيضاً لم أطبقها، لذلك أنا أكتب لكم عن تجربتي وتجربة زملائي الفاشلة لتتجنبوا أخطاءنا.والآن فلنبدأ القصة، سهم مصرف الراجحي طرح عام 1989 ميلادية، برأس مال قدره 750 مليون ريال (200 مليون دولار) ووصل رأس ماله الآن إلى 25 مليار ريال (6.6 مليار دولار) عبر الرسملة أو ما يسميه المتعاملون في السوق المنح المجاني، أي أن السهم أصبح نحو 34 سهماً، لم تنتهِ القصة، فسعر الطرح للسهم كان 100 ريال (26.6 دولار) القيمة الاسمية للسهم أصبحت 10 ريالات (2.6 دولار) بمعنى أن من كان يمتلك سهماً أصبح يمتلك نحو 340 سهماً.وقيمة السهم، حسب إغلاق الخميس الماضي، 142 ريالاً (37.8 دولار) أي أن قيمة السهم الواحد أصبحت بعد نحو 32 سنة 48280 ريالاً (12874 دولاراً).طبعاً هذا غير العائد الذي يوزع سنوياً على شكل أرباح، الذي يرتفع كلما ارتفع عدد الأسهم، ولك أن تتخيل أيها القارئ الكريم لو أنني وزملائي قمنا بتطبيق نظرية التوفير والاستثمار بالتأكيد أوضاعنا المالية ستكون أفضل.طيب هل ذهبت الفرصة؟ بصفة أنني استعرضت لكم استعراضاً تاريخياً لسهم محدد بالتأكيد لم تذهب الفرصة، وفي كل يوم تشرق فيه الشمس هناك فرص جديدة، وهذا ينطبق على جميع أسواق الأسهم العربية ولكني أخذت سوق الأسهم السعودية مثلاً لأنني أعرفه.الفرص الواعدة تتجدد، وعلينا فقط أن نبادر، لا سيما في القطاعات الواعدة، مثل قطاع الطاقة المتجددة، وقطاع التطبيقات الحاسوبية وغيرها. بقي القول إن هذه ليست ***** استثمار، ولكنه رأي نابع من تجربة ومتابعة للسوق امتدت نحو 35 عاماً، ودمتم.
مواقع النشر (المفضلة)