الأزمة الأكبر في تاريخها .. ما المخاطر التي تواجه الدجاجة التي تبيض كل الذهب للفيسبوك؟
تواجه فيسبوك بصفة خاصة وشركات التواصل الاجتماعي بشكل عام موجة غضب واسعة النطاق تهدد بخسائر بالمليارات على خلفية المحتوى المنشور عبر صفحاتها.
وأعلنت نحو100 شركة قراراً بوقف إعلاناتها على فيسبوك لمدة شهر واحد على الأقل، بل زاد البعض بالاتجاه لتعليق كافة الدعاية على كل منصات التواصل الاجتماعي.
أوقفوا أرباح الكراهية
في السابع عشر من شهر يونيو انطلقت حملة تضم تحالفا لمنظمات للحقوق المدنية تشمل الجمعية الوطنية لدعم الملونين ورابطة مكافحة التشهير وغيرها تدعو الشركات المعلنة على فيسبوك لوقف إعلاناتها خلال شهر يوليو المقبل، بدعوى فشل المنصة في التصدي لخطاب لكراهية عبر المحتوى المنشور عليها.
"لقد سمحوا بالتحريض على العنف ضد المتظاهرين الذين يقاتلون من أجل العدالة العرقية في الولايات المتحدة في أعقاب وفاة جورج فلويد وبرونا تايلور وتوني مكاد وأحمد أربيري ورايشار بروكس وغيرهم".. هكذا وصف التحالف شركة فيسبوك في صدر موقعه الرسمي.
وتابع أعضاء الحملة: "99% من إيرادات فيسبوك تأتي من الإعلانات، إلى جانب من سيقف المعلنون؟".
وكانت فيسبوك تعرضت مؤخراً لاستياء بعض المستخدمين وحتى عدد من الموظفين لديها، بسبب سماحها بنشر تعليقات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" عن المتظاهرين وتهديده بـ"إطلاق النار على اللصوص".
وقال ترامب آنذاك عبر صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي: "عندما تبدأ السرقة، يبدأ إطلاق النار"، في رد فعل على التظاهرات العنيفة التي اجتاحت الولايات المتحدة على خلفية مقتل "جورج فلويد" الأمريكي من أصل أفريقي على يد رجل شرطة أبيض.
ولاقت الدعوة في البداية صدى من قبل بعض الشركات الصغيرة من حيث الوزن النسبي لإعلاناتها بالنسبة لإجمالي عوائد الدعاية عبر المنصة، لكن مؤخراً أعلنت شركات كبرى مشاركتها في الحملة.
وخرجت شركات مثل "فيرايزون" و"يونيليفر" و"هيرشي" و"بين آند جيري" والتي ينفق بعضها ملايين الدولارات سنوياً على الإعلانات عبر فيسبوك لتعلن وقف الدعاية على منصة التواصل الاجتماعي لمدة شهر على الأقل.
بينما ذهبت "ستاربكس" و "كوكاكولا" خطوة أبعد بإعلان وقف إعلاناتها على كل مواقع التواصل الاجتماعي لمدة 30 يوماً على الأقل.
واتجهت بعض الشركات لرد فعل أكثر حدة، حيث أعلنت مجموعة "يونيليفر" المالكة لعدد من العلامات التجارية مثل "دوف" و"ليبتون" و"لوكس" وغيرها وقف كل الإعلانات عبر فيسبوك وإنستجرام وتويتر حتى نهاية العام الحالي.
ما الذي على المحك؟
عند التحدث عن الإعلانات على فيسبوك فإن ذلك يشير إلى المصدر الكاسح لكافة إيرادات الشركة الأمريكية المالكة لمنصة التواصل الاجتماعي الشهيرة.
وتكشف نتائج أعمال فيسبوك في عام 2019 عن تسجيل إجمالي إيرادات بقيمة 70.6 مليار دولار وصافي ربح 18.4 مليار دولار.
ومن إجمالي الإيرادات المسجلة تستحوذ الإعلانات على 69.6 مليار دولار أو ما يعادل 98.6% من العوائد.
وبلغ عدد المستخدمين النشطين يومياً عبر المنصة 1.66 مليار شخص، بينما سجل النشطون شهرياً 2.50 مليار بنهاية شهر ديسمبر الماضي.
ووصل عدد المعلنين على فيسبوك إلى نحو 8 ملايين معلن، منها بعض الشركات التي تنفق ملايين الدولارات سنوياً عبر المنصة.
وأنفقت "يونيليفر" مثلاً نحو 42.3 مليون دولار على إعلانات فيسبوك في العام الماضي لتحتل المرتبة 30 بين قائمة أكبر المعلنين، بحسب بيانات "باثماتيكس".
كما بلغ إجمالي نفقات "فيرايزون" على إعلانات فيسبوك نحو 23 مليون دولار في المرتبة 88 عالمياً.
ومع صدى الحملة وانضمام كبار المعلنين، تهاوى سهم فيسبوك يوم الجمعة الماضي بنسبة 8.3% في أكبر خسارة يومية في ثلاثة أشهر، لتفقد القيمة السوقية للشركة نحو 56 مليار دولار.
كما تراجعت ثروة مؤسسها "مارك زوكربيرج" بنحو 7.2 مليار دولار في نفس اليوم لتتراجع إلى 82.3 مليار دولار، بحسب مؤشر بلومبرج للأثرياء.
ولم تقف الخسائر على فيسبوك وحدها، بل تبعتها تويتر والتي شهدت هبوطاً لسعر السهم في آخر جلسات الأسبوع الماضي بنسبة 7.4%.
وجاء تضرر تويتر أيضاً من حملات وقف الإعلانات رغم قرارها بوضع إشارة تحذيرية على تغريدات الرئيس الأمريكي التي يُرى أنها تدعو لتمجيد العنف بالإضافة إلى وضع روابط لرصد حقائق بعد التغريدات الأخرى للرئيس، ما جعلها تدخل في أزمة مع ترامب.
فيسبوك تستجيب
ومع تصاعد الأزمة وانضمام لاعبين مؤثرين لحملة وقف الإعلانات مؤقتا، خرج "مارك زوكربيرج" في بث حي عبر فيسبوك ليعلن قرارات جديدة.
وقال مارك إن فيسبوك سوف تمنع الإعلانات التي تسيئ للأقليات والمهاجرين أو الأعراق أو المجموعات الأخرى ضمن تدابير للتضييق على المحتوى الذي يدعو للكراهية.
كما أشار مؤسس منصة التواصل الاجتماعي أن فيسبوك سوف تبدأ في تطبيق إشارات تحذيرية على المنشورات التي تستحق المعرفة لكنها تخالف سياسات المنصة.
بينما يرى المتحدث باسم فيسبوك "أندي ستون" إن شركته استثمرت مليارات الدولارات لجعل المنصة مكاناً أفضل، مشيراً إلى منع 250 منظمة عنصرية من التواجد عبر فيسبوك وإنستجرام.
ومن جانبه، يرى تحالف الحقوق المدنية أن قرارات فيسبوك غير كافية لكنها تمثل خطوة في اتجاه تصحيح الأوضاع.
وذكر "رشاد روبنسون" رئيس مجموعة لون التغيير، إن خطاب "مارك" كان بمثابة 11 دقيقة من الفرصة الضائعة، مؤكداً دعوته لوقف الإعلانات عبر فيسبوك.
الأمر أصعب مما يبدو
رغم إعلان عشرات الشركات نيتها وقف الإعلانات عبر فيسبوك لمدة شهر أو حتى نهاية العام الجاري، فإنها لا تزال تمثل عددا محدودا من المعلنين الذين يتجاوز عددهم 8 ملايين .
كما شاركت 3 شركات فحسب حتى الآن من ضمن أكبر 100 معلن لدى المنصة في حملة وقف الإعلانات، وهي "فيرايزون" و"يونيليفر" و"أر إيه إي".
وتشير بيانات "باثماتكس" إلى أن إنفاق أكبر 100 معلن لدى فيسبوك يعادل 4.2 مليار دولار من إيرادات الإعلانات أو 6% من عوائد الشركة.
وتتوزع النسبة الأكبر من إيرادات الإعلانات لدى منصة التواصل الاجتماعي على عشرات آلاف من الشركات الصغيرة، ما يعني أن الأمر بحاجة لانضمام المزيد من المؤسسات لحملة المقاطعة حتى تنجح في التأثير على عوائد فيسبوك.
وتضم قائمة أكبر المعلنين لدى فيسبوك شركات مثل "هوم ديبوت" و"وول مارت" و"مايكروسوفت" و"إيه تي آند تي" و"ديزني".
مواقع النشر (المفضلة)