تعتبر بطارية سيارة "تسلا موديل إس" إنجازًا هندسيًا معقدًا؛ إذ تعمل آلاف الخلايا الأسطوانية المصنوعة من مكونات يتم الحصول عليها من جميع أنحاء العالم على تحويل الليثيوم والإلكترونات إلى طاقة كافية لدفع السيارة مئات الكيلومترات، وذلك بدون انبعاثات.
ورغم أن هذه السيارات من المفترض أن تكون صديقة للبيئة، إلا أنه عندما ينتهي عمر هذه البطاريات، لا تعود صديقة للبيئة، وإنما ينتهي بها الحال إلى مكب النفايات، ويمكن أن تطلق خلاياها حينئذ السموم الضارة للغاية، بما في ذلك المعادن الثقيلة.
وفي هذا الإطار تحذر عالمة المواد دانا طوسون من جامعة ليستر، من أن إعادة تدوير هذه البطاريات يمكن أن تكون خطيرة للغاية، ويرجع ذلك إلى أن قطع الخلايا داخل البطارية بشكل خاطئ يمكن أن يتسبب في حدوث ماس كهربائي، أو إطلاق أبخرة سامة.تعد هذه المشكلات بعضًا من المشكلات العديدة التي تواجه الباحثين، الذين يحاولون معالجة مشكلة كيفية إعادة تدوير الملايين من بطاريات السيارات الكهربائية المتوقع إنتاجها على مدى العقود القليلة المقبلة.
تؤكد طومسون أن بطاريات السيارات الكهربائية الحالية ليست مصممة بشكل يسمح بإعادة تدويرها، وفي حين أن ذلك لم يكن يمثل مشكلة عندما كانت السيارات الكهربائية نادرة، إلا أنه بات يمثل مشكلة الآن مع إعلان العديد من شركات السيارات عن خططها للتخلص التدريجي من محركات الاحتراق خلال بضعة عقود.
يتوقع المحللون أن يتم إنتاج ما لا يقل عن 145 مليون سيارة كهربائية بحلول عام 2030، مقارنة بـ 11 مليون سيارة فقط العام الماضي، وبدأت الحكومات بالفعل في الانتباه إلى هذه المشكلة، ففي عام 2018 فرضت الصين قواعد جديدة تستهدف تعزيز إعادة استخدام مكونات بطاريات السيارات الكهربائية.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية بدأت العديد من الولايات بما في ذلك كاليفورنيا، التي تعد أكبر سوق للسيارات في الدولة، تستكشف إمكانية وضع قواعدها الخاصة.
مزايا وصعوبة إعادة تدوير البطاريات
- لن تكون إعادة تدوير البطاريات الكهربائية سهلة؛ نظرًا لأنها تختلف بشكل كبير في طريقة تصنيعها، مما يجعل من الصعب إنشاء أنظمة إعادة تدوير فعّالة، كما يتم تثبيت الخلايا معًا باستخدام مواد لاصقة يصعب تفكيكها، مما يخلق مشكلة أخرى؛ إذ يصبح من الأرخص بالنسبة لصانعي البطاريات **** معادن مستخرجة حديثًا، بدلاً من استخدام مواد معاد تدويرها.- وجد الباحثون أن أساليب إعادة التدوير المثلى لن تساهم في منع التلوث فحسب، وإنما أيضًا تساعد الحكومات على تعزيز أمنها الاقتصادي والوطني، ويتم ذلك من خلال زيادة الإمدادات من المعادن الأساسية المستخدمة في البطاريات، والتي تتحكم بها دول قليلة.
أنواع البطاريات وإعادة التدوير
- هناك ثلاثة أنواع من بطاريات السيارات الكهربائية، والتي تختلف باختلاف المعادن المستخدمة بها، وهي إما نيكل وكوبالت وألومنيوم أو حديد وفوسفات، أو نيكل ومنغنيز وكوبالت، ويستهدف القائمون على إعادة التدوير الآن بشكل أساسي معادن مثل الكوبالت والنيكل، التي تُباع بأسعار عالية، لكن بسبب كميات المعادن الصغيرة للغاية في البطاريات، يصبح من الصعب العثور عليها من أجل إعادة تدويرها.- يعتمد القائمون على إعادة التدوير على تقنيتين تعرفان باسم المعالجة الحرارية للمعادن، والمعالجة المائية للمعادن، والطريقة الأولى هي الأكثر شيوعًا، لكل من الطريقتين مزايا وعيوب، فعلى سبيل المثال لا تتطلب المعالجة الحرارية للمعادن معرفة تصميم البطارية أو مكوناتها، من أجل إعادة تدويرها بأمان، لكنها تستهلك طاقة كبيرة.
- بينما تتيح المعالجة المائية استخراج المعادن التي لا يسهل الحصول عليها بسهولة من خلال الحرق، إلا أنه قد يُستخدم بها مواد كيميائية لها مخاطر صحية، ويرى الخبراء أن الطريقة المثلى لإعادة تدوير البطاريات هي إعادة التدوير المباشر، والتي يمكن أن تحافظ على المعادن عند الاستخراج، لكن تنفيذ هذه الطريقة يتطلب حل عدة مشكلات.- يتضمن ذلك ضمان أن تقوم الشركات المصنعة بتسمية البطاريات، حتى يعرف القائمون على إعادة التدوير نوع الخلية التي يتعاملون معها، وما إذا كانت المعادن المستخدمة بها ذات قيمة. - التحدي الآخر الذي يواجه القائمون على إعادة التدوير يتمثل في تفكيك البطارية بكفاءة، فعلى سبيل المثال يمكن أن يستغرق تفكيك بطارية سيارة "نيسان" ساعتين، ويشير الباحثون إلى أن المهندسين يمكنهم بناء روبوتات تُسرع عملية تفكيك البطاريات، ومع ذلك تظل هناك مشكلة متعلقة بالتعامل مع الخلية نفسها.
- من أجل تسهيل عملية إعادة التدوير، يرى الباحثون أنه من الضروري أن يقوم صانعو السيارات الكهربائية والبطاريات بوضع عملية إعادة تدوير البطاريات في اعتبارهم من البداية، مشيرين إلى أن البطارية المثالية هي التي سيكون من السهل تفكيكها.
المصدر: ساينس
مواقع النشر (المفضلة)