الأذكى أم الأسرع .. من يفوز في سوق الأسهم؟
في سوق الأسهم، لا شيء أغلى من "المعلومة"؛ المحرّك الأول لاتجاهات الأموال وعمليات البيع وال****، ما دام المستثمر يمتلك معلومات كافية حول جزء معين من السوق، فإنه يرى ويدرك أين سيذهب لاحقًا بالضبط وكيف سيجني الأرباح أو يحافظ على ثروته من الضياع.
ولا يخفى على أحد المتعاملين في السوق، ما قد يفعله البعض من أجل الحصول على معلومة قيمة، أملًا في رهان رابح، وذلك قد يتم عن طريق القنوات المشروعة وأحيانًا غير المشروعة، وقد أدى ذلك بالبعض إلى عقاب شديد ونبذ.
أُغلقت صناديق تحوط وغُرمت شركات تداول ومحللين واستقال رؤساء تنفيذيون؛ بسبب التفافهم على القواعد ومحاولتهم إجراء معاملات بناء على معلومات مسربة من الشركات أو عن طريق تضليل مستثمرين آخرين، حتى أن الرئيس الألماني "كريستيان وولف" استقال عام 2012 بعد اكتشاف استفادته من معلومات مسربة في سوق الأسهم.
لكن في عالم سمته الرئيسية التقنيات المتطورة باستمرار، أصبحت السرعة عاملًا لا يقل أهمية عن المعلومة، وبات مطلوبًا معها بالتزامن من أجل تحقيق أفضل قرار استثماري في أحسن توقيت، خاصة في ظل تقنيات التداول عالي التذبذب التي قد تؤدي إلى انهيارات خاطفة.
يمكن أن تمتاز حركة سوق الأسهم بالتقلب الشديد كما تابع العالم مؤخرًا مع هوس "جيم ستوب"، لذا يحاول المستثمرون استخدام أفضل المعلومات المتاحة وخوارزميات التداول الأسرع للاستفادة من السوق.
السرعة والمعلومات أصبحتا عاملين مثيرين للاهتمام، فأحد الأسباب المهمة وراء تداول الأشخاص للأسهم هو رغبتهم في رؤية معلوماتهم تحقق ربحًا، وهذه المعلومات قد تكون تغريدة أو خبرًا أو مقالاً أو شيئًا أكثر جوهرية، مثل التحليل الدقيق لأسهم الشركة.
المعلومة والسرعة
- سعر السهم ليس سوى انعكاس لقيمته المقدرة من قبل المشاركين في السوق، والذين يقدرون السعر بناءً على توقعاتهم للتدفقات النقدية المستقبلية للشركة، وهذه التوقعات يشكلونها بطبيعة الحال بناء على معلوماتهم، ومن ثم يقومون بعملية المعالجة والتحليل حتى يخلصوا إلى قرارهم الاستثماري.
- بالطبع، ليست كل المعلومات متطابقة، لكن الكثير من المعلومات لها سمة مشتركة، وهي أنها حساسة للوقت، وقد تكون حساسية الوقت بسبب إعلان عام قادم، لذلك، تصبح السرعة أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة للمتداول، لأن الانتظار أو التأخير بسبب الاتصال يعني أن المعلومات القيمة أصبحت الآن عامة وبالتالي أصبحت قديمة وليس لها تأثير.
- يتنافس المتداول مع أقرانه، وإذا لم يتصرف المتداول الذي لديه معلومات مهمة، وربما معلومات خاصة، بناءً على ذلك بسرعة كبيرة، يوجد احتمال أن متداولاً آخر لديه نفس البيانات سيتحرك وفقًا لذلك، وبمجرد إجراء هذه المعاملة، تصبح المعلومات أقل قيمة.
- تنفق شركات التداول الموارد من أجل الحصول على معلومات جيدة النوعية، إنهم يشترون البيانات أو يوظفون الأشخاص لإجراء البحث أو يشترون حواسيب مخصصة لمعالجة البيانات، لذا فإن المعلومات ذات النوعية الجيدة لا تأتي بثمن بخس.
- بالمثل، فإن التداول السريع مكلف؛ إذ يعد اتصال الشبكة فائق السرعة أمرًا إلزاميًا للوصول السريع إلى الأسواق، وقد تكون هناك حاجة إلى فريق تنفيذ كبير مدرب جيدًا (ومكلف) لتنفيذ استراتيجيات التداول، كلما زاد عدد الموظفين الداعمين لتحسين عملية إدارة المخاطر يؤدي ذلك إلى تنفيذ أسرع.
- لدى المتداول السريع دائمًا حافز أقوى للحصول على مزيد من المعلومات، وبالمثل، فإن المتداول الأكثر اطّلاعًا لديه حافز أقوى ليصبح أسرع، وهذا هو سبب أهمية الجمع بين السرعة والمعلومات، لكن هل أحدهما أكثر أهمية من الآخر؟
الاستثمار في السرعة أم المعلومات
- تحفز الزيادة في السرعة أو المعلومات المستثمرين على اكتساب المزيد من السرعة والمعلومات، وإذا كان المتاح من أي منهما قليلًا فإنهما يكملان بعضهما البعض، ولكن عندما يكون المتداول في مرحلة متقدمة من امتلاك المعلومات أو تقنيات السرعة، يمكن أن يحل أحدهما مكان الآخر.
- يؤدي التقدم في تقنية السرعة المتاحة بالفعل إلى تقليل طلب المستثمرين على المعلومات والعكس صحيح، بحسب تحليل لـ"بارت زو يوشين" الأستاذ المساعد في العلوم المالية بكلية إنسياد، و"شيانغ هوانغ" أستاذ المالية بكلية هونغ كونغ.
- وجد الباحثان أن السوق المالي يقوم بدورين أساسيين؛ هما تخصيص الموارد لمن يحتاجها أكثر، وتجميع المعلومات أو عكسها، ويقولان إن عملية "اكتشاف السعر" تتأثر بشكل مختلف بتقنيات المعلومات والسرعة.
- على سبيل المثال، بافتراض أن السعر الحقيقي هو 100 ريال لسهم ما، فإن المعلومات الجيدة قد تستغرق أسبوعًا لتقرب المستثمر من مستوى 90 ريالًا، لكن بدمجها مع تقنية السرعة فإن المتداول يستطيع أن يدرك ذلك في يوم واحد.
- التقدم في تكنولوجيا المعلومات يمكن عند مرحلة ما أن يعيق الوصول إلى المستوى السعري الأمثل، وفي هذه الحالة، تؤدي تقنية المعلومات المحسنة إلى زيادة الطلب على السرعة، وبالتالي يترتب على ذلك اكتشاف المزيد من الأشخاص لمستوى 90 ريالًا خلال يوم واحد.
- مع إدراك أن كثيرين آخرين قد اكتشفوا نفس السعر في نفس الإطار الزمني، فمن المحتمل ألا يهتم الباقون بالحصول على مزيد من المعلومات، وبذلك فإن عملية اكتشاف السعر لن تتواصل حتى كشف مستوى 100 ريال وستتوقف على الأرجح عند 90 ريالًا فقط، بحسب الباحثين.
آثار جانبية للتطور
- المزيد من المعلومات يؤدي إلى تقديرات أكثر دقة حول قيمة السهم، لكن في بيئة السوق الحالية، يجب أن تعمل المعلومات بسرعة، تؤثر التطورات في تقنية السرعة على الطريقة التي يجمع بها السوق المعلومات.
- إذا أصبحت السرعة قياسية ووفيرة ورخيصة، فإن التأثير الأول هو أن الجميع سيرغب في الحصول على المعلومات فقط على المدى القصير، ويعني ذلك أن المنافسة ستشتعل في جميع المجالات، وفي فترة قصيرة جدا، ستكون هناك وفرة من المتداولين السريعين.
- ينعكس ذلك بدوره في ازدحام السوق، وسيحصل كل شخص على شريحة أصغر من الكعكة، لأن المتداولين لن يكون لديهم الحافز لإنفاق مواردهم على المعلومات على المدى الطويل.
- مع تبني المزيد من التطبيقات التي تسهل وتسرع عملية التداول وتنفيذ القرار، وتتيح ذلك بسهولة أمام الجميع، مثل تطبيق "روبن هوود" والذي يقوم على مفهوم الاقتصاد السلوكي لتبسيط الاستثمار وتسهيله، وفي ظل إتاحة المعلومات (أو ربما صناعتها) عبر منصات مثل "ريديت" يتشوه السوق.
- يتم وضع رهانات جامحة ضخمة من قبل المضاربين، والأدوات المالية عالية الاستدانة متاحة بسهولة للمستثمرين عديمي الخبرة، وتشهد الأسعار تقلبات حادة خلال اليوم، لا معنى لها من الناحية الاقتصادية (تحرك سهم "جيم ستوب" في 10 مارس بين 172 دولارًا و348 دولارًا)، هذا يجعل وول ستريت أشبه بالكازينو مع حدوث خسائر فادحة وغير منطقية.
مواقع النشر (المفضلة)