قصة عن الصبر رب انى مسنى الضر وانت ارحم الراحمين.
كان سيدنا أيوب رجلًا كثير المال متنوع من ماشية وأنعام وغنم وعبيد والأراضي الممتدة وكان له أولاد كثيرون وأهل كُثر؛ فابتلاه ربه بفقد كل ذلك، بجانب ابتلائه بالمرض الذي أنتشر في سائر جسده، فلم يبقى في جسمه عضو سليم سوى قلب خاشع يذكر الله مع لسان لا ينفك عن حمد الله.
بينما هو على هذه الحالة صابر محتسب أجره عند الله عز وجل، يذكر الله ويحمده؛ طال عليه المرض حتى أبتعد عنه الناس ولم يعد أحد يجالسه من وحشة المرض والخوف منه.
خرج من بلده وأنقطع عن الناس وانقطعوا عنه، لم يبقى له أحد من الخلق إلا رجلين من أصحابه وزوجته كانت تتردد عليه وتزوره من الفنية للأخرى تصلح من شأنه و ترتب أحواله وتعينه على قضاء مصالحه كانت سيدة أصيلة طيبة الخلق، ترعى حقه عليها وتعترف بقديم إحسانه وشفقته عليها قديمًا أيام صحته.
فقر زوجة نبي الله أيوب
ضعف حال زوجة نبي الله أيوب وقل مالها؛ فكانت تخدم الناس بالأجر لتصرف على مصالحها وتطعم زوجها المريض، وهي صابرة معه على الفقر وضيق ذات اليد، وخدمة الناس بعدما كان عندها من يخدمها.. صبرت على ذاك كله.
ظل في هذا الابتلاء لمدة ثمان عشر سنة كاملة حتى لم يعد يقوى على النوم؛ فكانت زوجته تأتيه بالرماد وتفرشه تحته لينام عليه، وكلما كانت تطلب منه أن يدعو أن يفرج عنه كان رده إنه ظل في نعيم الله سبعين عام صحيحًا معافى في جسده وفي ماله، فأجزع أن أصبر على البلاء.. ثم بعد ذلك لم يعد الناس يستخدمون زوجة أيوب في بيوتهم خشية أن تعديهم بأمراض زوجها بحكم مخالطته.
في أحدى الأيام عندما أشتد بها الحال قامت ببيع أحدي ضفيرتيها (خصل الشعر تقوم المرأة بنسجه على بعضه بطريقة جميلة) وأتت به طعام طيبب وذهبت به إلى زوجها، عندما سألها عن مصدره قالت أنها كانت تخدم لبعض الناس (وهي فعلًا كانت تخدم في بيوت الناس لم تكن تكذب في ذلك).
بعدها عندما تجد تلك المرأة ذات الأصل الطيب ما تشتري به الطعام إلى زوجها فقامت ببيع الضفيرة الأخرى من شعرها، وأتت بالطعام إلى نبي الله أيوب؛ عندما رأى الطعام أعرض عنه وغضب مقسمًا ألا يلمسه إلا أن يعرف مصدر المال، فكشفت عن رأسها ورأى شعرها محلوق، فدعى الله قائلًا: “ربِّ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”.
بعد دعاء سيدنا أيوب ربه.. أمره الله أن يقف في مكانه ويضرب الأرض برجله وفور تنفيذ نبي الله للأمر خرج من جسده كل ما به من أمراض ومن أذى.. ثم أمره أن يضرب الأرض مرة أخرى، فظهر تحت رجله عين ماء، أمره الله بالاغتسال فيه فوقع عن جسده كل ما علق به طيلة الثمان عشر سنة من أذى ومرض.
ثم امره الله تعالى أن يضرب الأرض مرة ثالثة في مكان آخر فانبجست من الأرض عين ماء، أمره الله أن يشرب منها فاختفى من بطنه كل ألم كان يشعر به، وبذلك تكون قد عادت إليه عافيته من الداخل ومن الخارج.
قال الله تعالى: “اركْضْ بِرِجْلِكَ هَذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وشَرابٌ ووهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ ومِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةُ مِنّا وذِكْرَى لأولِي الألبابِ وخُذْ بِيدِكَ ضِغْثًا فاضْربْ به ولا تَحنَثْ إنّا وَجَدْنَاه صِابِرًا نِعْمَ العَبْدُ إنّهُ أَوّابٌ” ( سورة ص 42:44).
مواقع النشر (المفضلة)