في خضم عملية تحويل "أمازون" أعمالها من كونها متجرًا لبيع الكتب عبر الإنترنت إلى لاعب رئيسي في سوق التجارة الإلكترونية وكذلك الحوسبة السحابية، أصبحت الشركة واحدة من أكبر المشترين في العالم لرقائق الحواسيب التي تشغل مراكز البيانات.
ومع توسع أعمالها السحابية، أصبحت الشركة تركز بشكل متزايد على تصميم رقائقها الخاصة بدلاً من شرائها، في تحول قد يكون له تداعيات خطيرة على جانب مهم من صناعة التكنولوجيا، ويهدد صانعي الرقائق التقليديين مثل "إنتل" و"Advanced Micro Devices" (إيه إم دي).في الحقيقة، لدى العالم الآن ما يكفي من أوجاع في هذا الجانب، حيث أزمة واسعة النطاق في سلسلة إمدادات الرقائق الإلكترونية تؤثر على صناعات مختلفة (بما في ذلك الجوالات ومنصات الألعاب الإلكترونية وحتى السيارات وغيرها)، متسببة في إزعاج الساسة وقادة الأعمال.اضطرت شركات السيارات الرئيسية بما في ذلك "تويوتا" و"جنرال موتورز" و"فولكس فاجن" وقائمة تطول من المنتجين، إلى تعليق أعمالها جزئيًا في مناطق مختلفة من العالم بسبب نقص هذه الشرائح التي باتت أساسية لأعمالها، حيث أصبحت القدرات الحاسوبية جزءًا رئيسيًا في إنتاج المركبات.وتشير تقديرات إلى خسائر محتملة في مبيعات هذه الشركات بقيمة 61 مليار دولار هذا العام، إلى جانب تراجع إنتاج السيارات العالمي في العام ذاته بنحو 1.5 مليون وحدة، نظرًا لنقص هذا المكون الذي يساهم في إدارة ومراقبة أداء المركبة بدءًا من وسائل الترفيه وأنظمة الهواء وإلى المحرك والأداء.تهديد بيج تيك- بدأت أمازون في الإشارة إلى نواياها عام 2015 عندما استحوذت على شركة صغيرة لتصميم الرقائق تدعى "Annapurna Labs"، ومنذ ذلك الحين، أصبح الأمر عدائيًا بشأن تطوير شرائح مصممة خصيصًا لمراكز البيانات الخاصة بوحدة "أمازون" لخدمات الويب "AWS".- تقول "Smugmug"، وهي خدمة صور عبر الإنترنت تستخدم "إيه دبليو إس" لعرض مليارات الصور لمستخدميها يوميًا، إنها خفضت تكاليف خدمات "أمازون" بنسبة تصل إلى 40%، فقط عندما تحولت إلى خدمة "إيه دبليو إس" المدعومة بشرائح "أمازون" (تحمل العلامة التجارية "جرافيتون").- لا تزال "إيه دبليو إس" تعتمد في الغالب على رقائق "إنتل"، لكن "أمازون" تفرض رسومًا على "سموجموج" أقل بنسبة 20% للخدمات التي تستخدم أجهزتها الخاصة، كما تحتاج الأخيرة طاقة حوسبة أقل لأن رقائق "أمازون" تستغرق وقتًا أقصر بنسبة 20% لتشغيل مهامها.- تعمل "مايكروسوفت" و"جوجل" أيضًا على إنتاج رقائق مخصصة لأعمالهما، ما يعكس (جزئيًا) مدى اختلاف المجموعة الحالية من كبار اللاعبين في سوق التكنولوجيا عن مشغلي مراكز البيانات في الماضي، والذين لم يكن لديهم الموارد اللازمة لضخ مئات الملايين من الدولارات في تصميم رقائقهم الخاصة.- هناك أيضًا تحول تقني يجري مقترناً بظهور الهواتف الذكية، فبينما كانت "إنتل" و"إيه إم دي" تصنعان رقائق لمراكز البيانات التي تعطي الأولوية للسرعة، تطلبت الأجهزة المحمولة معالجات تستخدم أقل قدر ممكن من الطاقة.- في النهاية، ستواجه أكبر شركات أشباه الموصلات في العالم تهديدًا تنافسيًا متزايدًا، حيث يصنع أكبر عملائها رقائقهم الخاصة المصممة خصيصًا للمجالات فائقة الشحن من الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.تغيرات مزعزعة- أصبحت كفاءة الطاقة ذات أهمية متزايدة، وبحلول عام 2025، من المتوقع أن تستهلك مراكز البيانات 15% من الكهرباء في العالم، ارتفاعًا من نحو 2% العام الماضي، وفقًا لشركة "Applied Materials" التي تعد أكبر منتج لمعدات تصنيع الرقائق.- تصنع التكنولوجيا الأساسية لرقائق الهواتف الذكية منخفضة الطاقة بواسطة شركة "Arm Ltd" البريطانية، التي تُرخصها ولكن لا تصنع الرقائق نفسها، وتستخدم "أمازون" و"مايكروسوفت" خدمات "أرم" كأساس لتصميمات الرقائق الداخلية الخاصة بهما.- رقائق "جرافيتون" أصبحت أول رقائق معتمدة من "أرم" تشكل منافسة حقيقية لعروض مراكز بيانات الاستخدام العام التي تقدمها "إنتل"، ونظرًا لأن "أمازون" و"جوجل" و"مايكروسوفت" تتنافس على عملاء الحوسبة السحابية، فقد تصبح المزايا المحددة لشرائحها نقطة بيع رائجة أخرى.- لا تصنع أي من الشركات الكبرى الرقائق الجديدة التي تصممها؛ إنهم يعتمدون على نفس سلسلة التوريد الدولية التي تعرضت لضغوط خلال جائحة فيروس كورونا، وإذا استمرت هذه الأزمة، فسوف تبطئ من تقدمهم وتؤثر على الأرباح.- هناك عملية استحواذ معلقة على "أرم" من قبل "نفيديا" التي وعدت بالحفاظ على الوصول المفتوح إلى تكنولوجيا "أرم" وتقول إنه ليس لديها حافز للقيام بخلاف ذلك، فيما أعرب بعض عملاء "أرم" عن مخاوفهم ومن بينهم "كوالكوم" و"جوجل" و"مايكروسوفت".- الزيادة الكبيرة في الرقائق المصنوعة حسب الطلب، قد تؤدي إلى تقليل تكلفة منتجات الحوسبة المتقدمة، وإطلاق الابتكارات، الأمر الذي سيكون مفيدا للجميع تقريبًا، وللبقاء في الصدارة بين منافسين لديهم موارد لا حدود لها، سيكون على "إنتل" مواصلة الاستثمار الضخم.
يتبع
مواقع النشر (المفضلة)