في الوقت الذي تستعد فيه "أمازون" لبدء حقبة جديدة في مسيرتها، حيث يعتزم الملياردير المؤسس "جيف بيزوس" التنحي عن الرئاسة التنفيذية- كشفت عن صفقة جديدة قد تساهم بشكل كبير في رسم ملامح العهد الجديد.من المقرر أن يتنحى "بيزوس" رسميًا عن منصب الرئيس التنفيذي في الخامس من يوليو، ليحل بدلًا منه مدير وحدة الحوسبة السحابية "آندي جاسي"، ويتفرغ المؤسس لمهام منصب مجلس الإدارة حيث يرغب في التركيز على المنتجات الجديدة والمبادرات المبتكرة.وبالحديث عن المنتجات الجديدة، فقد تزامن الإعلان عن موعد انتقال دفة القيادة مع كشف الشركة عن صفقة بقيمة 8.45 مليار دولار للاستحواذ على شركة إنتاج وتوزيع الأفلام الأمريكية "إم جي إم استوديوز"، فيما ستكون ثاني أكبر عملية استحواذ لـ"أمازون" بعد صفقة "هول فودز" في 2017 مقابل 13.7 مليار دولار."أمازون" التي بدأت مشوارها كمنفذ لبيع الكتب عبر الإنترنت، تحولت إلى أكبر لاعب في صناعة التجارة الإلكترونية وإحدى أبرز شركات التكنولوجيا في العالم، وتوسعت لاحقًا في مجالات عدة منها الحوسبة السحابية والمنتجات الإلكترونية والبرمجيات والذكاء الاصطناعي.الآن، تقول الشركة البالغة قيمتها نحو 1.65 تريليون دولار، إنها تسعى للاستفادة من تاريخ "إم جي إم" ومحفظتها التي تحتوي 4 آلاف فيلم و17 ألف برنامج تلفزيوني، لتعزيز محتوى استوديوهات "أمازون" وقسم الأفلام والتلفزيون التابع لها.قاعدة جيدة مع بعض الأعباء- أنفقت "إم جي إم" أكثر من 6 مليارات دولار على المحتوى الجديد والمكتسب منذ عام 2011، وفقًا لبيانات الشركة المقدمة للمستثمرين، وهو مستوى متواضع مقارنة بإنفاق "أمازون" المتوقع وكذا إنفاق المنافسين.- أنفقت "أمازون" 11 مليار دولار على محتوى الأفلام والتلفزيون والموسيقى في عام 2020، ارتفاعًا من 7.8 مليار دولار في عام 2019. أهم ما يميز مكتبة "إم جي إم" الضخمة هو سلسلة أفلام "جيمس بوند" وقد سجل آخر جزأين منه "سكاي فول" و"سبكتر" إيرادات بأكثر من مليار دولار عالميًا.- تُظهر البيانات المالية على موقع الشركة أنها حققت إيرادات في عام 2020 بلغت 1.5 مليار دولار، بانخفاض نحو 3% عن العام السابق، وبلغ صافي دخل الشركة 33.9 مليون دولار، فيما حققت أرباحًا معدلة قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك بقيمة 307 ملايين دولار.- بالنسبة للربع المنتهي في مارس 2021، حققت "إم جي إم" إيرادات قدرها 348.6 مليون دولار، بانخفاض 13% عن الربع المقابل من العام الماضي، وبلغ صافي الدخل 23.3 مليون دولار، بانخفاض عن 29.8 مليون دولار. ولديها حوالي مليارا دولار من الديون.إشعال حرب- تتوقع "نتفليكس" إنفاق 17 مليار دولار على المحتوى هذا العام وحده، وقالت "والت ديزني" إنها تتوقع أن يصل الإنفاق على المحتوى إلى 16 مليار دولار سنويًا عبر منصاتها المختلفة بحلول عام 2024، فيما تتوقع "ديسكفري" و"وارنر ميديا" إنفاق 20 مليار دولار سنويًا على المحتوى بمجرد اندماجهما.- وفقًا لخدمة البحث "ReelGood"، تمتلك "أمازون" مكتبة تلفزيونية وأفلاما متنوعة وقوية لأي خدمة بث، لكن تراكم المحتوى قد لا يكون كافيًا للنجاح في عالم البث المزدحم بشكل متزايد.- ركزت "نتفليكس"و"إتش بي أو ماكس" على المحتوى الأصلي، في حين أن "آبل تي في بلس" لديها محتوى مؤرشف محدود، أما"ديزني" فحققت أكبر رهان على المحتوى القديم، حيث تمتلك الشركة مكتبة كبيرة من أفلام الرسوم المتحركة التي تجذب المشاهدين الصغار الذين يرغبون في إعادة مشاهدة برامجهم وأفلامهم المفضلة.- بالاستحواذ على "إم جي إم"، من المحتمل أن تحاول "أمازون" ضمان وصولها طويل المدى إلى المحتوى، وهي خطوة بالغة الأهمية، حيث إن استوديوهات الأفلام التي تاريخيًا كانت ترخص المحتوى لشركة "أمازون" تتحول الآن إلى خدمات البث الخاصة بها، مما قد يدفع "أمازون" للتركيز أكثر على المحتوى الأصلي.- هناك حرب بين الشركات على الوقت والاهتمام (الخاص بالمشاهدين) وتمتلك "إم جي إم" الكثير من الملكية الفكرية، ونظرًا لأن الكثير من محتواها موجود حاليًا على منصات أخرى، فيمكن أن يخضع لاتفاقيات ترخيص طويلة الأجل، وتستفيد "أمازون" من منافسيها.إعلاء القيم وجذب المعلنين- قديمًا كان يركز المستهلكون على الحالة، بمعنى أنهم يبحثون عن قيادة السيارة الأكثر فخامة أو وضع شعار أعلى جودة على ملابسهم، لكنهم تغيروا وينظرون الآن إلى القيم، ليس فقط القيم الاقتصادية لأدنى سعر يريدونه، ولكن أيضًا القيم الشخصية المرتبطة بالأشياء المهمة في حياة الناس.- الطريقة التي يتم بها نقل هذه القيم الآن هي من خلال المحتوى. صحيح أنه يجب أن يكون المحتوى ترفيهيًا لإبقاء المستهلكين مهتمين، ولكنه يحتاج أيضًا إلى نقل معلومات حول ما يعتقده مؤسسو الشركة أو مديروها.- المحتوى هو السبب في نجاح العلامات التجارية ذات التواصل المباشر مع المستهلك عبر الإنترنت، في اقتناص حصتها في السوق بعيدًا عن العلامات التجارية وتجار التجزئة الذين لديهم موارد اقتصادية أكبر بكثير.- في الوقت الحالي، تتحكم شركات التواصل الاجتماعي في الوصول إلى المحتوى المخزن على مواقعهم، ويفرضون رسومًا على المعلنين للوصول إلى المستهلكين الذين يشاهدون المحتوى وهذه هي الطريقة التي يجنون بها المال.- في المستقبل، ستذهب الإيرادات التي تحصل عليها شركات الوسائط الاجتماعية الكبرى الآن من المعلنين إلى منشئي المحتوى ومالكيه، وهذا بالضبط ما هو تفعله "برايم فيديو" التابعة لـ"أمازون"، حيث تسمح بتدفق أرباح لبائع تجزئة، ما يضيف قيمة إلى اشتراكات المستهلكين للحفاظ على مشاركتهم في النظام البيئي لبائع التجزئة هذا.- في المقابل، بعد الاشتراك، يكون لدى المستهلكين المزيد من الأسباب لمواصلة **** المنتجات على "أمازون"، ورغم أن معظم المحتوى الموجود على "برايم" لا يرتبط مباشرة بالمنتجات التي يتم بيعها على "أمازون"، فإنه يحفز المستهلكين على البقاء مرتبطين بشبكة "أمازون" وهذا هو بالضبط المكان الذي يسير فيه الاتصال بين المحتوى والبيع بالتجزئة.- "أمازون" متقدمة بالفعل في هذا الاتجاه، وتوفر المحتوى الذي يبقي المستهلكين داخل نظامها البيئي، وسيؤدي الاستحواذ على "إم جي إم" إلى تعزيز العلاقة مع المستهلكين من خلال إضافة المزيد من القيمة إلى خدمة الاشتراك الخاصة بها، إنها صفقة تدور حول العصر الذهبي المقبل للمحتوى والذي يضمن وصولًا أكبر إلى المستهلكين.المصادر: أرقام- بارونز- فوربس- سي إن بي سي
مواقع النشر (المفضلة)