يشكل الهيدروجين مصدرا أساسيا للطاقة، وتكمن فيه فرص كبيرة وواعدة على صعيد الاستثمارات في العقود المقبلة.. كانت هذه كلمات وزير الطاقة الأمير"عبد العزيز بن سلمان" عقب توقعيه مذكرة مع نظيره الألماني للتعاون في إنتاج الهيدروجين.
وقال الوزير في الحادي عشر من مارس عقب توقيع المذكرة، إن المملكة لديها وفرة في مصادر إنتاج الهيدروجين الأزرق والأخضر، إلى جانب المكونات اللازمة لقيادة العالم في هذا المجال، وفي حقيقة الأمر لم تكن هذه أولى خطوات السعودية في هذا المجال.في العام الماضي، وقعت "نيوم" شراكة مع "إير بروداكتس" الأمريكية و"أكوا باور" بقيمة 5 مليارات دولار، لبناء منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مدينة نيوم، وفي أوائل مارس الجاري، أعلنت "أرامكو" عن اتفاقية تعاون مع "هيونداي" لإنتاج الهيدروجين الأزرق.ويأتي ذلك كله في إطار خطة المملكة التي تهدف إلى تحويل 50% من مصادر الطاقة إلى متجددة، والحد من الانبعاثات، والتي من شأنها جعل السعودية رائدًا عالميًا في مجال إنتاج الهيدروجين، بحسب الوزير "عبد العزيز بن سلمان".في الحقيقة، الطموح والجهود السعودية باتت محل نقاش عالمي، لكن المملكة ليست وحدها التي ترى في الهيدروجين "الشيء الكبير القادم" في مستقبل الطاقة، وهناك اندفاع عالمي نحو هذا الأمر، حيث يعتقد العديد من المستثمرين والشركات والحكومات وعلماء البيئة أنه مصدر طاقة يمكن أن يساعد في إبطاء مسار الاحتباس الحراري في العالم. لكن ما هي إمكاناته؟ما طاقة الهيدروجين بالضبط؟- اليوم، نحو 99% من الهيدروجين المنتج للاستخدام الصناعي يسمى الهيدروجين "الرمادي"، ويُشتق بشكل أساسي من الغاز الطبيعي، وينتج عن ذلك كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون (تسعة أجزاء من ثاني أكسيد الكربون لكل جزء من الهيدروجين).- فيما يتطلب إنتاج الهيدروجين الأزرق الأكثر صداقة للبيئة التقاط ثاني أكسيد الكربون والتخلص منه بطريقة ما، مثل حبسه في أعماق الأرض، أو استخدامه بطريقة مفيدة، كما هو الحال في الاستخراج المتقدم للنفط.- من ناحية أخرى، ينتج الهيدروجين الأخضر عن طريق التحليل الكهربائي، وهي عملية فصل الماء إلى هيدروجين وأكسجين، وعندما تأتي الكهرباء المستخدمة في العملية من مصادر متجددة، مثل الرياح أو الطاقة الشمسية، فإن النتيجة تكون هيدروجين خاليًا من الكربون تمامًا.- الهيدروجين الأخضر هو أنظف أنواع هذه العائلة (هناك أيضًا الأصفر والوردي- كلاهما قريب للأخضر)، لكن بتكلفة نحو 6 دولارات للكيلوغرام، يعتبر الأخضر هو أغلى شكل من أشكال الهيدروجين في الإنتاج.- الهيدروجين الأخضر أغلى مرتين إلى ثلاث مرات من الهيدروجين الأزرق، وفقًا لتقرير ديسمبر 2020 الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، لكن من المتوقع أن تنخفض تكلفتة في السنوات العديدة المقبلة، مع تحسين تكنولوجيا التحليل الكهربائي وتوسيع نطاق هذه التكنولوجيا إلى مستويات الإنتاج الصناعية.وقود المستقبل- يُروج لإمكانيات الهيدروجين كمصدر للوقود لعقود من الزمن، لكن هذه التكنولوجيا لم تنطلق بعد ولسبب وجيه، ووفقا للمتشككين فإن وقود الهيدروجين يحتاج إلى طاقة متجددة ليكون أخضر، الأمر الذي يتطلب توسعًا هائلاً في توليد الطاقة المتجددة لتشغيل محطات التحليل الكهربائي التي تقسم الماء إلى هيدروجين وأكسجين.- يصعب أيضًا تخزين الهيدروجين الأخضر ونقله دون خط أنابيب، والآن في بعض الأماكن، مثل الولايات المتحدة، يعتبر الهيدروجين أغلى بكثير من أنواع الوقود الأخرى مثل الغاز الطبيعي.- على الجبهة الأخرى، يرى المؤيدون أن المستقبل المنتظر قبل سنوات بات في المتناول، حيث أطلق 7 من أكبر مطوري مشاريع الهيدروجين الأخضر مبادرة "منجنيق الهيدروجين الأخضر" في محاولة لزيادة إنتاج الهيدروجين الأخضر 50 ضعفًا في السنوات الست المقبلة.- تهدف المبادرة الجديدة إلى خفض تكلفة الهيدروجين الأخضر إلى أقل من دولارين/ كجم، مما يساعد على خفض الانبعاثات من الصناعات الأكثر كثافة في إطلاق الكربون عالميًا، بما في ذلك صناعة الصلب والشحن وإنتاج المواد الكيميائية وتوليد الطاقة.- الشركاء المؤسسون هم "أكوا باور" السعودية للطاقة النظيفة، وشركة "سي دبليو بي رينيوابلز" الأسترالية، وشركة "إنفيجن" الصينية لتصنيع توربينات الرياح، وعمالقة الطاقة الأوروبيون "إيبردرولا" و"أورستد"، ومجموعة الغاز الإيطالية "سنام"، و"يارا"، وهي شركة نرويجية منتجة للأسمدة.- يشير تحليل حديث إلى أن سعر دولارين/ كجم ستكون نقطة تحول محتملة، تجعل الهيدروجين الأخضر وأنواع الوقود المشتقة منه قادرة على المنافسة في قطاعات متعددة، بما في ذلك إنتاج الصلب والأسمدة وتوليد الطاقة والشحن بعيد المدى.- في الشرق الأوسط، حيث تتوافر أرخص طاقة رياح وشمس في العالم، يُعتقد أن المنطقة ستكون لاعبًا رئيسيًا في سوق الهيدروجين الأخضر، ويقول رئيس برنامج الاختراق التكنولوجي بمعهد "روكي ماونتن" الأمريكي: "السعودية تمتلك طاقة متجددة منخفضة التكلفة بشكل لا يصدق، حيث الشمس مشرقة طوال الوقت والرياح تهب بشكل موثوق كل ليلة، لذا من الصعب هزيمتها".- بحلول عام 2050، ووفقا للمصرف الاستثماري "جولدمان ساكس"، يمكن أن يوفر الهيدروجين الأخضر ما يصل إلى 25 في المئة من احتياجات الطاقة في العالم ويصبح سوقًا قيمته 10 تريليونات دولار، مع التغلب على العقبات المرتبطة بالتخزين والنقل.تطبيقات الهيدروجين- يمكن استخدام الهيدروجين بطريقتين على نطاق واسع، حيث يمكن حرقه لتوليد الحرارة أو تغذيته في خلية وقود لتوليد الكهرباء، ولذلك تطبيقات عديدة يمكن أن يدعمها الهيدروجين الأخضر.- من بين التطبيقات التي يمكن أن يدعمها هذا الوقود؛ السيارات والشاحنات الكهربائية التي تعمل بخلايا الوقود الهيدروجينية، وسفن الحاويات التي تعمل بالأمونيا السائلة المصنوعة من الهيدروجين، وهو أيضًا بديل موثوق للغاز الطبيعي للطبخ والتدفئة في المنازل.- يمكن الاستفادة منه في تشغيل مصافي "الصلب الأخضر" التي تحرق الهيدروجين كمصدر للحرارة بدلاً من الفحم، وأيضًا يمكن للتوربينات الكهربائية التي تعمل بالهيدروجين، توليد الكهرباء في أوقات ذروة الطلب للمساعدة في تثبيت شبكة الطاقة.- تصفه وكالة الطاقة الدولية بأنه "ناقل طاقة متعدد الاستخدامات"، إذ يحتوي الهيدروجين على مجموعة متنوعة من التطبيقات ويمكن نشره في قطاعات مثل الصناعة والنقل (القطارات والطائرات والحافلات التي تعمل بخلايا وقود الهيدروجين).المصادر: أرقام- فوربس- شركة "بيتروفاك" للطاقة- مجلة "Yale Environment 360"- شبكة "إيه بي سي أستراليا"- سي إن بي سي
مواقع النشر (المفضلة)