مع تصاعد الأزمة الأوكرانية سيكون هناك تداعيات اقتصادية على مستوى العالم وفي الولايات المتحدة، مما يؤدي إلى تصعيد حالة عدم اليقين وإحداث اضطراب في أسواق السلع الأساسية، وربما يتسبب أيضًا في ارتفاع التضخم مع تزايد أسعار الغاز والغذاء حول العالم.
لأن روسيا تعد منتجًا رئيسيًا للنفط والغاز الطبيعي، وقد أدى الصراع الجيوسياسي إلى ارتفاع أسعارهما، كما أنها أكبر مصدر للقمح في العالم، ومورد رئيسي للأغذية إلى أوروبا.
وتستورد الولايات المتحدة القليل نسبيًا بشكل مباشر من روسيا، لكن أزمة السلع الأساسية الناتجة عن الصراع يمكن أن يكون لها آثار غير مباشرة تؤدي على الأقل مؤقتًا إلى رفع أسعار المواد الخام والسلع النهائية.
كما أن الشركات الغربية التي لديها عمليات في روسيا وأوكرانيا قد تواجه تأثيرًا محتملاً بسبب العقوبات الجديدة التي فرضت على موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية.
وتجدر الإشارة إلى أنه نظرًا للحجم الصغير نسبيًا للاقتصادين الروسي والأوكراني، والصعوبة الملحوظة في ممارسة الأعمال التجارية هناك، فإن تعرض الشركات متعددة الجنسيات للبلدين بعيدًا عن صناعة السلع الأساسية يعد ضئيلا، ولكن بعض الشركات الغربية أقامت أعمالاً تجارية في الدولتين.
الشركات المتضررة
- تمتلك شركات النفط الكبرى بما يشمل "بي بي" و"إكسون موبيل" و"شل" استثمارات كبيرة في روسيا، وكذلك صانعة السيارات "رينو".
- أما عن القطاع المصرفي، فهناك العديد من البنوك الغربية الكبرى بما في ذلك "سيتي جروب" و"جيه بي مورجان تشيس أند كو" تمارس أعمالاً في روسيا، وفي حال تم فرض عقوبات على المقرضين المحليين أو الأفراد، فإن على تلك البنوك قطع العلاقات معها سريعًا.
- وحتى الآن تعد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة محدودة بصورة كبيرة.
- ولكن قد تشهد البنوك الأوروبية الكبرى مثل "سوستيه جنرال" والإيطالي "يوني كريديت" ارتفاعات في معدلات التخلف عن السداد في حال انخفضت قيمة العملة الروسية وضعف الاقتصاد بشكل كبير.
وذكرت متحدثة باسم "سوستيه جنرال" لـ "وول ستريت جورنال" أن عمليات البنك في روسيا شكلت حوالي 2% من إجمالي إيرادات البنك وصافي الأرباح في العام الماضي.
ماذا عن أوكرانيا؟
- تدير "أرسلور ميتال" واحدًا من أكبر مصانع الصلب في أوكرانيا، ولديها حوالي 29 ألف موظف هناك، وتستثمر حاليًا 300 مليون دولار لتطوير المصنع، ولكن قالت الشركة في وقت سابق هذا الشهر أن لديها خططاً طارئة في حال تصاعد الوضع في أوكرانيا.
- أما عن أكبر شركة لصناعة الزبادي في العالم "دانون" فإن لديها مصنعين في شمال وشرق أوكرانيا، كما تمتلك "بريتش أمريكان توباكو" مصنعًا في أوكرانيا يوظف ألف شخص، كما تمتلك شركة مواد البناء الأيرلندية "سي آر إتش" خمسة مصانع في البلاد وتعمل هناك منذ عام 1999.
أي الشركات أكثر تضررًا؟
- يرى محللون أن أكثر شركات النفط والغاز تضررًا هي "بي بي" التي تمتلك حصة 19.75% في الروسية "روسنفت".
- وتمتلك "شل" حصة 27.5% في مشروع رئيسي للغاز في روسيا مملوك بنسبة 50% من قبل الروسية "جازبروم"، كما تمتلك كل من "إكسون" والفرنسية "توتال إنرجيز" حصصًا كبيرة في مشروعات طاقة في روسيا.
- من ناحية أخرى تمتلك شركة السلع الأساسية "جلينكور" حصة 10.55% في "إي إن+ جروب" - التي تعد المساهم المسيطر في شركة الألومنيوم الروسية "يونايتد روسال" – كما لديها أصلا حصة صغيرة تقل عن 1% في "روسنفت".
- وصرح "جراي ناجل" المدير التنفيذي لـ "جلينكور" الأسبوع الماضي أن قسم التداول بالشركة قد يستفيد من أي توغل روسي.
ما التأثير على صناعة السيارات؟
- من بين أكثر شركات صناعة السيارات تعرضًا للسوق الروسية، جاءت الفرنسية "رينو" حيث يتم توليد حوالي 8% من أرباح الشركة قبل خصم الفوائد والضرائب في روسيا، بناءً على بحث أجرته "سيتي جروب".
- صرح "لوكا دي ميو" المدير التنفيذي لـ "رينو" للمحللين الأسبوع الماضي أن تفاقم التوترات بين روسيا وأوكرانيا قد يؤدي إلى أزمة أخرى في سلسلة التوريد مرتبطة بأجزاء يجب أن تأتي من الخارج.
- لدى "رينو" مصنعان في روسيا، وقال مسؤولون تنفيذيون بالشركة أن 90% من السيارات التي تنتجها في روسيا مخصصة للسوق المحلي.
- هذا وتعد روسيا واحدة من أكبر أسواق "رينو"، إذ راهنت بصورة كبيرة مع شريكتها "نيسان موتور" على سوق السيارات في روسيا عندما استحوذت على حصة مسيطرة في "أفتو في إيه زد" Avto VAZ الشركة المصنعة لـ "لادا" في السابق في عام 2014.
- قال "كارلوس تافاريس" الرئيس التنفيذي لشركة "ستيلانتيس" – التي تضم العلامات التجارية "جيب" و"دودج" و"بيجو" – إن الشركة مستعدة لتحويل إنتاج سياراتها في روسيا أو الحد منه، في حال عطلت العقوبات الغربية تلك العمليات.
- وأضاف أنه غير متأكد في الوقت الحالي من تأثير العقوبات الغربية على مصنع السيارات التابع للشركة في شرق موسكو، موضحًا: إذا لم نتمكن من إمداد المصنع، إذا كان هذا هو الواقع، فعلينا إما نقل الإنتاج إلى مصانع أخرى، أو وضع حدود للإنتاج.
الجانب الأمريكي
- حذر "جيه بي مورجان" من أن الشركات الأمريكية تواجه القليل من التعرض المباشر لروسيا وأوكرانيا، لكن المخاطر غير المباشرة قد تكون أكثر خطورة.
- وأشار إلى أن الشركات الأمريكية الأكثر تعرضًا لارتفاع تكاليف الوقود الناتج عن الأزمة تشمل شركات طيران مثل "دلتا إيرلاينز" و"أمريكان إيرلاينز"، والتي تعاني بالفعل للتعافي من تداعيات "كوفيد-19" على السفر العالمي.
- من ناحية أخرى قد ترتفع إيرادات كبرى شركات النفط مثل "إكسون موبيل" مع صعود أسعار النفط وتنامي التوترات الجيوسياسية.
المصدر: نيويورك تايمز – وول ستريت جورنال - بلومبرج
مواقع النشر (المفضلة)