هل السعودية على وشك الدخول في أزمة اقتصادية؟
27 أكتوبر 2018 حصري
تابع مال
أحمد الخطيب
يُخيل لمن يقرأ تحليلات الإعلام العالمي مؤخرا أن السعودية على وشك أن تدخل في عزلة دولية واقتصادية جراء ما يتم الحديث عنه من عقوبات محتملة من الدول الغربية على خلفية حادثة وفاة المواطن جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول. قد يكون ذلك صحيحا ومؤكدا في حالة دول أخرى يضغط عليها الغرب ويعزلها بقرارات سريعة، لكن الوضع في حالة السعودية بحاجة لتحليل أعمق.
بداية، لا شك أن الضغط الدولي كبير ومنسق وفي تزايد وبحاجة لأن يتم التعامل معه وإدارته بحنكة وتروي، فليس من المنطقي اعتبار أن الأمور قد تصل إلى عداوة ومقاطعة مع الدول الغربية وأن ذلك لا يؤثر في شيء. تقييم أهمية أي حدث يكون من حيث أثره في الوضع الاقتصادي الحالي أو المستقبلي للدولة.
من جهة التأثير الفوري لما يجري على الوضع الاقتصادي فالتأثير حجمه قليل ومحدود. فتصدير النفط استمر بدون أي مشاكل والتعاملات المالية لم تشهد أي تغيرات والأهم أن سعر صرف الريال السعودي لم يتأثر رغم بعض الضغوطات البيعية في البداية وذلك لقدرة مؤسسة النقد على احتواء أي تذبذبات. يكاد يكون الأثر الوحيد هو ما يتعلق بسوق الأسهم وقيام بعض المؤسسات الأجنبية بالبيع وإخراج أموالها تحسبا لهبوط الأسعار ولكن هذا الجزء، على أهميته، ليس معقدا لأن الأموال تعود بسهولة خلال فترة قصيرة عند استقرار الأمور، كما أنه جرى التأكيد على الاستمرار بخطة انضمام مؤشر السوق السعودي الى مؤشرات فوتسي راسيل وmsci.
وأيضا صرح مدير الصندوق النرويجي وهو الأكبر في العالم بأنهم ينوون مضاعفة استثماراتهم في السوق السعودي خلال الأشهر القادمة وهي تبلغ حاليا حوالي 824 مليون دولار. إذن لا مشكلة في جاذبية سوق الأسهم وسعي المستثمرين الأجانب للدخول إليه.
الأثر المباشر الاخر كان إعلاميا وسببه مصادفة توقيت عقد مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار فاعتذر عن الحضور العديد من شخصيات الصف الأول في عالم المال والأعمال. أقول أنه أثر إعلامي، لأن المؤتمر انعقد وتم تدارك الانسحابات بطريقة جيدة بحضور شخصيات دولية وعربية من الوزن الثقيل ومشاركة عدد من الملوك والرؤساء من أفريقيا واسيا والشرق الأوسط وحضور فاعل لوفد روسي رفيع المستوى.
من جهة أخرى، وهي نقطة في غاية الأهمية، يوجد لدى معظم الشركات التي انسحب رؤساؤها من حضور المؤتمر أعمال قائمة من سنوات طويلة في السعودية، لكنها لم تعلن أي شيء بخصوصها والعمل فيها جميعا مستمر كما هو. بالإضافة إلى ذلك، قام عدد من تلك الشركات بإرسال مدراء من درجات أقل لضمان الحصول على حصة من الصفقات. ولذلك لم يكن هناك تأثير اقتصادي بسبب مقاطعة المؤتمر.
حتى الان لا يوجد تصريحات عن نوعية العقوبات المحتملة سوى الكلام عن إيقاف بيع الأسلحة وهو الأمر الذي عبر ترامب عدة مرات عن قلقه من حصوله بسبب أهميته للاقتصاد الأميركي وخلق الوظائف فيه، بينما أعلنت ألمانيا أنها ستوقف صفقات أسلحة إلى حين انتهاء التحقيقات.
الجدير بالذكر أن الصفقات الألمانية نفسها كانت متوقفة حتى الشهر الماضي عل خلفية الخلاف الدبلوماسي بين السعودية وألمانيا. في كل الأحوال، موضوع بيع الأسلحة هو سوق مشترين. مصنعين كثر في الشرق والغرب ولكن قلة من المشترين الذين لديهم القدرة المالية والموازنات العسكرية الكبيرة تأتي السعودية على رأسهم. هذا لا يعني أن المملكة تريد الاستغناء عن الدول الغربية في مشتريات الأسلحة، لكن وجود الخيارات سيجعل أي بائع غربي يفكر مليا قبل اتخاذ أي قرار، وهو ما عبر عنه ترامب بوضوح.
(( منقول من صحيفة مال الاقتصادية ))
مواقع النشر (المفضلة)