عرف الموقف الصيني بالتشدد، في السنوات القليلة الماضية، تجاه العملات الرقمية وخصوصًا بيتكوين؛ لعدم مركزيتها ولغياب رقابة السلطات الرسمية على المعاملات المتعلقة بها، ونتج عن ذلك حملات مناهضة لتداول الأصل الرقمي وإغلاق البورصات، بيد أن كل شيء بدأ يتبدل أخيرًا.تغير الموقف الصيني مع الارتفاع الحاد لقيمة العملة الرقمية الأكثر شهرة، والتي زادت قيمتها أضعافًا عدة، من نحو 7 آلاف دولار في نهاية عام 2019 إلى 29 ألفًا تقريبًا بختام العام الماضي، ثم بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق هذا الشهر قرب 65 ألف دولار.الصين التي تسابق العالم نحو إنتاج أول عملة رقمية مركزية، رأت في تطورات سوق بيتكوين إشارات إيجابية لمشروع "اليوان الرقمي"، وقال البنك المركزي إن هذا الارتفاع الكبير للأسعار يزيد من الاهتمام بالعملة الافتراضية المقترحة، والتي بدأت تجاربها بالفعل.في غضون ذلك، كانت هناك تحولات أيضًا على مستوى أطراف سوق العملات الرقمية أنفسهم، حيث بدأ العاملون في التعدين (لم تحظر الصين تعدين بيتكوين، وهي أكبر لاعب في هذا المجال عالميًا) في التحول إلى وافد جديد تبدو آفاقه واعدة وقادرة على مواجهة بعض التحديات المتعلقة بالبيتكوين.عملة جديدة مختلفة- على عكس بيتكوين التي تتطلب كميات هائلة من طاقة المعالجة والكهرباء، فإن تقنية "بلوك شين" ومنصة المعاملات الخاصة بعملة "شيا- Chia"، تستخدم سعة تخزين محرك الأقراص الثابتة لتحقيق توافقها.- في الحقيقة، دائما ما اشتكى المبرمجون ومحبو ألعاب الفيديو من ارتفاع أسعار كروت المؤثرات البصرية لأجهزة الحواسيب، نظرًا للطلب الكبير من العاملين في تعدين العملات المشفرة مثل بيتكوين والإيثريوم.- لكن الآن، فإن العملة المشفرة الجديدة التي يتدافع إليها العاملون في مجال التعدين، يمكن إتمام تعدينها باستخدام مساحة تخزين القرص الصلب، وهو ما تسبب في طلب هائل ونقص المعروض من الأقراص الصلبة، في إشارة إلى الشعبية الكبيرة.- طورها "برام كوهين" المعروف بابتكار بروتوكول مشاركة الملفات عبر الإنترنت "BitTorrent" من نظير إلى نظير، ويبدو أن "شيا" تثبت قدرتها على كسر النهج السابق الشهير عن عمليات تعدين العملات الرقمية.- أصبحت أجهزة التعدين المتخصصة مملوكة ومدارة بشكل متزايد من قبل عدد قليل من الكيانات الكبيرة في مراكز البيانات الضخمة المصممة لهذا الغرض، والتي تقع بالقرب من مصادر غير مكلفة للكهرباء.- أدت هذه المركزية إلى تقليل الثقة وأثارت مشكلات صعبة فيما يتعلق باستهلاك الكهرباء والنفايات الإلكترونية وتوليد الكربون، والجغرافيا السياسية، حسبما قال فريق "شيا" في فبراير، متوقعًا أن تساعد عملته الجديدة في حل بعض المشكلات التي يسببها تعدين بيتكوين التقليدي.طلب كبير حد الهوس- رغم أنها لن تبدأ التداول حتى الثالث من مايو، تجري عمليات تخزين واسعة للأقراص الصلبة ومحركات الأقراص ذات الحالة الصلبة (SSDs) تحسبًا لزيادة الطلب على مساحة التخزين المستخدمة في التعدين، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار ونقص المعروض.- قال أحد وكلاء خدمة العملاء في متاجر "Taobao" عبر الإنترنت والذي يبيع محركات الأقراص الصلبة: استفسر العديد من الأشخاص عن محركات الأقراص الكبيرة لتعدين "شيا" في الأيام القليلة الماضية، ومعظم محركات الأقراص التي تزيد سعة تخزينها على 8 تيرابايت قد بيعت، دون التأكد من موعد وصول المخزون الجديد.- وفقًا لموقع "manmanbuy" الصيني الذي يتتبع الأسعار التاريخية للمنتجات على منصات التجارة الإلكترونية الشهيرة في الصين ويقارنها، فإن سعر محرك الأقراص الذي تصنعه شركة "Western Digital" الأمريكية بسعة تخزين 12 تيرابايت كان 2188 يوانًا (337 دولارًا) في فبراير قبل أن يرتفع سعره بحلول أبريل إلى 3499 يوانًا.- كان سعر محرك الأقراص الصلبة من شركة "Seagate" الأمريكية أيضًا، من فئة المؤسسات بسعة تخزين 8 تيرابايت يبلغ 1150 يوانًا على "تاوباو" قبل 14 أبريل، لكنه ارتفع منذ ذلك الحين إلى 2160 يوانًا - بعيدًا عن المتاجر الإلكترونية، يركز العاملون المحتملون في تعدين "شيا" أيضًا على جمع محركات الأقراص الصلبة الكبيرة من المحال التقليدية، وفي "هواشيانغبي"، أكبر سوق للإلكترونيات في العالم (في مدينة شنتشن)، قال بعض البائعين إن لديهم فقط محركات أقراص بسعة تخزين أقل من 4 تيرابايت ولا يعرفون متى سيتغير هذا الوضع.بم تتميز؟- كان المشروع قيد التطوير لأكثر من 3 سنوات، وجمعت "شيا" نحو 3 ملايين دولار في جولة التمويل الأولي لعام 2018، ومنذ ذلك الحين، جمعت في جولتين إضافيتين 28 مليون دولار، ويقول "نافال رافيكانت" أحد ممولي المشروع: دعمت "شيا" لأنني عرفت "برام" منذ فترة طويلة وهو أحد أعظم مصممي البروتوكولات في المجال.- تستخدم العملات المشفرة التقليدية عملية تسمى بـ"إثبات العمل" لمصادقة معاملات شبكة "بلوك شين"، ومع تناقص المكافآت تدريجيًا في ظل تعدين المزيد من العملات الرقمية، يدفعهم هذا للاعتماد على وحدات المعالجة المركزية ووحدات معالجة الرسومات للتعدين بأسرع ما يمكن وبكفاءة.- نظرًا لأنه من المستحيل على المستهلكين تصميم وتصنيع بعض المكونات الحاسوبية المتخصصة التي يمتلكها كبار العاملين في التعدين، فقد ارتفع الطلب على المزيد من وحدات معالجة الرسومات المتاحة، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بمئات الدولارات.- في المقابل تستخدم "شيا" مفهوم "إثبات الوقت والمكان" لتحقيق أهداف مماثلة، لكن عبر مساحات التخزين، حيث يجري مستخدمو الشبكة عملية تسمى بـ"زراعة" مساحة غير مستخدمة على محركات الأقراص عن طريق تثبيت برنامج يخزن مجموعة من أرقام التشفير على القرص.- باستخدام برنامج "شيا"، يفحص المستخدمون بعد ذلك الكتل لمعرفة ما هو رقم "هاش" الأقرب لهم والذي يتمم عملية التعدين بنجاح (تعرف على التفاصيل الدقيقة لمفهوم تعدين العملة الرقمية من هنا)، ثم تمرير النتيجة إلى خادم منفصل، يُعرف باسم "تايم لورد"، وكل ذلك يعني أن العملة الرقمية تعمل على مساحة التخزين الفائضة وليس معالجات الرسوم.- سيرغب مزارعو "شيا" في إعطاء الأولوية لكل من حجم وسرعة التخزين، مما يعني أن الشبكة ستعطي بدورها الأولوية لأكبر وأسرع محركات الأقراص الصلبة، وتحديدًا التخزين الخارجي دون أقراص الإقلاع (Boot disk) والهدف كما يقول الفريق عبر موقعه هو زيادة عدد التيرابايت مع الحد الأدنى من استهلاك الطاقة.المصادر: أرقام- ساوث تشاينا مورنينغ بوست- بي سي ورلد- ديكريبت- كوين ***** كاب
مواقع النشر (المفضلة)