عانت البنية التحتية لأعمال النفط والغاز في الولايات المتحدة بشكل كبيرفي شهر فبراير الماضي، من جراء العاصفة الثلجية التي ضربت جزءًا كبيرًا من البلاد، وتركزت تداعياتها بشكل أساسي في ولاية تكساس الغنية بالنفط.الأزمة التي دفعت الرئيس "جو بايدن" إلى إعلان تكساس منطقة "كارثة كبرى"- حيث انقطعت عنها الخدمات الأساسية وتعطلت الحياة بشكلها المعتاد ولقي العشرات مصرعهم وتسببت في خسائر مادية بمليارات الدولارات- كشفت عن معاناة كامنة في البنية التحتية النفطية للبلاد.تسببت الأزمة في ذروتها في تعطل أكثر من 4 ملايين برميل من إنتاج النفط المحلي يوميًا، كما انخفض متوسط إنتاج الغاز الطبيعي على مدى الشهر بأكمله بنحو 7% عما كان عليه في شهر يناير، في أكبر انخفاض شهري على الإطلاق.في الأسبوع المنتهي في 19 فبراير، انخفضت مدخلات النفط الخام والمواد الأولية إلى مصافي التكرير الأمريكية بمقدار 2.7 مليون برميل يوميًا (18%) إلى 12.6 مليون برميل يوميًا.ورغم مرور أكثر من شهرين، وفي حين ارتفع إنتاج الولايات المتحدة من الخام على نحو ثابت منذ ذلك الوقت، حيث قفز من نحو 9.7 مليون برميل في خضم عاصفة فبراير، إلى قرابة 11 مليونًا في الوقت الراهن، يبدو أن تأثير العاصفة لا يزال ممتدًا إلى الآن.تكاسل الإدارات- تعكس أحدث البيانات أن عاصفة تكساس في وقت سابق من هذا العام، قد أثرت على مستويات الإنتاج بشكل أصعب مما كان يعتقد في الأصل، ما يشكل رياحًا معاكسة للرأي القائل بأن صناعة النفط والغاز الأمريكية تمضي في طريقها الصحيح.- البنى التحتية المتهالكة هي السبب وراء خطة البنية التحتية الوطنية الجديدة للرئيس بايدن، والتي يتوقع أن تتجاوز تريليون دولار،والتي تسلط الضوءعلى سنوات من الإهمال الذي كلف قطاع النفط والغاز مليارات الدولارات، فضلًا عن إلحاق الضرر بالبيئة والمجتمعات التي تعتمد على إمدادات الطاقة الحيوية.- في كل عام، يعيق الطقس القاسي توزيع الطاقة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، فمثلًا خلال فصول الصيف الحارة في كاليفورنيا، تندلع حرائق الغابات بشكل متكرر، وتوقف إنتاج الطاقة من البنية التحتية الكهربائية المتقادمة في الولاية.- يرجع هذا إلى حد كبير لأنه من الممارسات الإدارية الشائعة في الولايات المتحدة؛ الانتظار حتى يفشل أحد المكونات داخل النظام قبل أن يتم استبداله، بدلًا من الاستثمار بشكل استباقي في هياكل أفضل.- في فبراير الماضي، أُغلقت شبكة الكهرباء وأُوقفت مصافي الإنتاج في تكساس لشدة العاصفة الشتوية التي أدت إلى تجمد الأنابيب، وعدم توفر إمدادات الطاقة للتدفئة والمياه للعديد من المنازل في جميع أنحاء الولاية، وتُرك الكثيرون للاعتماد على المولدات لتدفئة منازلهم هربًا من درجات الحرارة المنخفضة لنحو أسبوع.إخفاقات- في الشهر الماضي توقع الخبراء ربحًا للعديد من شركات النفط الكبرى على الرغم من الاضطرابات التي حدثت في وقت سابق من هذا العام، مثل تعرض شركات مثل "إكسون" لأضرار تكلفتها 800 مليون دولار من العاصفة.- لكن يبدو الآن أن تأثيرات العاصفة، وبشكل عام على البنية التحتية للطاقة المتقادمة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، قد تكون أسوأ مما كان يعتقد في الأصل، وتشير البيانات الجديدة إلى أن الإنتاج انخفض بنحو 1.2 مليون برميل يوميًا بسبب العاصفة، ويمثل هذا أكبر انخفاض منذ مايو 2020، في الموجة الأولى لذروة الجائحة.- في أوائل أبريل، كان يُعتقد أن متوسط تخفيضات الإنتاج بسبب العاصفة يبلغ نحو 800 ألف برميل يوميًا، لكن مع تقييم إحصائي أكبر من قبل إدارة معلومات الطاقة ظهرت الصورة أكثر قتامة الآن.- في وقت سابق من هذا الشهر، ظهر تهديد أكثر خطورة للبنية التحتية الحيوية في الولايات المتحدة عندما تكدس السائقون في محطات الوقود، عقب هجوم متسللين على أنظمة تكنولوجيا المعلومات لخط أنابيب رئيسي، مما أجبر الشركة المالكة على تعطيل تدفق 2.5 مليون برميل يوميًا من المنتجات البترولية.- كشف الهجوم كيف أن الدفع نحو رقمنة البنية التحتية الحيوية قد خلق فرصًا جديدة لمجرمي الإنترنت، مما يعرض السلع والخدمات الأساسية للخطر مثل الطاقة والمياه والرعاية الصحية، حيث تسبب في تعطيل خط الأنابيب الأكبر من نوعه في أمريكا لأيام ودفع البيت الأبيض إلى إعلان حالة الطوارئ في 17 ولاية.آمال معلقة- قالت رئيسة مجلس نورث داكوتا للبترول "كاثي نيسيت" إن تركز أسعار النفط فوق 60 دولارًا للبرميل، ساعد في إعادة بعض الإنتاج المفقود وليس تطوير المزيد منه، مضيفة أن القطاع لا يرى انتعاشًا في أعمال الحفر، ومشيرة إلى المخاوف المتعلقة بالبنية التحتية للطاقة.- مع ذلك، لا يزال الكثيرون متفائلين لأن الاستثمارات في الحوض البرمي تبشر بزيادة مستويات الإنتاج خلال بقية عام 2021، والتي تأمل الشركات أن توازن خسارة فبراير، بالإضافة إلى خطة بايدن البالغة قيمتها1.7 تريليون دولار لتحسين البنية التحتية الوطنية.- يأمل بايدن أن الاستثمار الضخم في البنية التحتية يسهم في تجنب الكوارث المستقبلية والتعافي من الجائحة وخلق فرص العمل. في حين أن التداعيات المدمرة لعاصفة فبراير، باتت أكثر وضوحًا الآن، فإن الاستثمار في الحوض البرمي وخطة البنية التحتية الوطنية تمنح الأمل لانتعاش الصناعة من عام صعب.- لكن التعويل على دفع إدارة "بايدن" لقطاع النفط والغاز في الولايات المتحدة يبدو بلا أساس في الوقت الراهن، نظرًا لموقفها المتشدد من التوسع في أعمال التنقيب وتأجير الأراضي الفيدرالية بغرض البحث عن الموارد الأحفورية واستخراجها.- قال وزير الخارجية الأمريكي السابق "مايك بومبيو" في مؤتمر حول الطاقة الأسبوع الماضي، إن إدارة "بايدن" ترتكب خطأ استراتيجيًا من خلال تقليل تركيزها على الطاقة في سياستها الخارجية، ما يعرض أمن الطاقة الأمريكي للخطر، ومنتقدًا أهداف خطة البنية التحتية للحد من انبعاثات الكربون.المصادر: أرقام- أويل برايس- فايننشال تايمز- موقع "naturalgasintel"- إدارة معلومات الطاقة الأمريكية
مواقع النشر (المفضلة)