هناك خبر اعلامي حول تقليص نسبة الضريبة المضافة إلى النصف، ليس لدي معلومات و لكن فقط تقديم مفاضلة اقتصادية مجرده بين تقليص الضريبة و دعم المحتاجين مباشرة. محاولة قبل الدخول في مفاضلة بين تقليص الضريبة المضافة أو زيادة دعم الأقل دخلا لابد من الإجماع على التعاريف و الآلية. ضريبة القيمة المضافة تستهدف الحد من الاستهلاك في المقام الأول على الجميع ولكن تأثيرها على الأقل دخلا أعلى لأنهم يستهلكون جزء أكبر من دخولهم، بينما الدعم المباشر للمحتاجين أيضا يستهدف رفع الاستهلاك لفئة محددة تحتاج المال للاستهلاك المباشر. الآلية تأسست لكليهما ولكن ربما أسهل فنيا من تخفيض الضريبة ما يجعلها أكثر جاذبية للجهاز البيروقراطي، بينما الدعم يتطلب درجة من التوثيق و الفرز لإعادة تعريف الأكثر حاجة و لكن لدينا التجربة و المعلومات. ما يجمعهما في التأثير على مستوى الطلب و الاستهلاك يختلف في قراءة التبعات الاقتصادية.الأموال دائما تخضع للخيارات بين الاستثمار أو الاستهلاك أو التوفير أو تقليص الديون كلها خيارات واردة موضوعيا في حالتنا. الدائرة الاوسع للاقتصاد الوطني اختارت الضريبة بهذه النسبة للحد من الاستهلاك و اعادة توجيه الاموال للاستثمار و اعادة التوازن في المالية العامة. عادة إدارية مقبولة في رفع الاستهلاك حين ترتفع مداخيل النفط لتأسيس مستوى جديد من الطلب في الاقتصاد و بالتالي النمو . نظريا لابد لمستوى الطلب أن ينمو بدرجة قريبة من نمو القطاع الخاص لأن نمو القطاع العام سوف يخضع لمستوى المصروفات العامة و خاصة رواتب القطاع العام. لذلك لابد لمستوى الطلب أن يراعي عدة عوامل، الأول محاولة حلحلة الحد من دور رواتب القطاع العام تدريجيا في الطلب ، و الثاني اعتبار الطلب الناشئ عن القطاع الخاص هو القاعدة الجديدة للطلب، فكلما ارتفع أعداد و مداخيل موظفي القطاع الخاص الوطني كلما حقق الطلب نمو أكثر استدامة. الثالث توظيف الضرائب كآلية لإدارة التحول من طلب بسبب رواتب القطاع العام إلى طلب بسبب رواتب السعوديين في القطاع الخاص. المهم الإجماع على البوصلة الاقتصادية. أحد تبعات تقليص الضريبة أنها سوف تفيد قطاع الأعمال و خاصة التجاري الذي يعتمد على الواردات و بالتالي زيادة التدفقات النقدية للخارج لأن تقليص الضريبة قد يرفع السلع الاستهلاكية الفارهه وقد تؤثر سلبا على التوطين كتأثير من الدرجة الثانية. أيضا زيادة الدعم سوف ترفع الاستهلاك و التدفق النقدي و لكن بدرجة أقل لأن استهلاك الاقل دخلا غالبا يصرف للحد من تأثير رفع الدعم أو أجارات و استهلاك أقل بذخ و لكن هذه المقارنة سوف تعتمد على الأرقام المستهدفة. ربما نستطيع الوصول لتقدير حول ما يدفع الاقل دخلا من ضرائب لاخذها كقاعدة لتعويضهم ماليا كدعم مالي مباشر. أيضا الخيارات الاقتصادية دائما ما تكون بين الفعالية و العدالة لذلك دعم الفئات الأكثر حاجة أكثر عدالة و ربما أكثر فعالية. هناك شبح مخاطره استمرار زيادة أعداد المحتاجين أو ربما توسيع الدائرة لذلك لابد من ربط الدعم برفع درجة التوطين في القطاع الخاص لكي يكون هناك درجة أعلى من التكامل في الاقتصاد الوطني. كذلك هناك جانب مؤسساتي خاصة أن الضريبة لازلت حديثة نسبيا كجزء مهم من منظومة المالية العامة و لذلك استقرارها عامل معتبر خاصة أن دخل النفط لا يعرف إلا التذبذب بالرغم من أداء المملكة الفائق في ظل إدارة سمو وزير الطاقة في ظرف عالمي دقيق و غير عادي كما دلل انخفاض الطلب بسبب أزمة الكورونا و الهجمة المسعوره على الوقود الاحفوري دون حسابات جلية لتحولات الطاقة.ادارة الطلب و مستوى الدخل و آليات الضريبة و الدعم في دائرة تركيز مختلفة عن المالية العامة، في الأخير كل شي مالي أو اقتصادي اجمالا مرتبط بالمالية العامة و لكن من أجل فرز السياسات لابد من درجة تفريق تسمح بالاستقرار المالي و تأسيس قاعدة طلب لنمو مستدام و ميلان تدريجي لجعل مصدر الأجور من القطاع الخاص. أحد التطورات الحديثة ارتفاع مداخيل عدة آلاف في القطاع العام بما لا يتناسب مع الاشارات الاقتصادية أو توزيع الموارد بفعالية في ظل خيارات لابد أن تكون دقيقة. علينا تفادي التعلق بأرقام نمو الدخل القومي الاجمالي، فمثلا قدرت مؤسسة s&p نمو الاقتصاد السعودي 2.4% حتى 2024 خاصة أن هذا المعيار في نظري المتواضع ليس مهم مرحليا على الأقل، اذ أن اعادة التوازن و الطمأنينة على التحول أهم مرحليا من أرقام gdp. كما أن هذه النسبة من النمو تضمن للمملكة تفوق اقتصادي في المنطقة حتى تتم التعديلات المخططة.استطاعت المملكة تحقيق الأصعب مؤسساتيا في الدائرة الاقتصادية مثل ترشيد الدعم بجميع أنواعه و ماليا تأسيس مفهوم الضرائب و محاربة الفساد دون هواده و فتحت المجال أمام مشاركة المرأة لرفع نسبة مشاركة السعوديين في سوق العمل و تطوير مفهوم الاستثمارات خاصة داخليا. لذلك أجد أن مراجعة المفاضلة بين تقليص الضريبة و زيادة دعم الأقل دخلا جزئية تفصيلية مهمه تؤثر في تصرفات الشركات و الأفراد ما يجعلها تستحق تمحيص و ربط مع التوجهات الجديدة لتعميق الاقتصاد ماديا و بشريا و تقليل الاعتماد على النفط. أرى أن مراجعة حصيفة تصب في أهداف الرؤية السامية كخطوة في طريق التحول الاقتصادي المنشود.
مواقع النشر (المفضلة)