انتبه إلى ما بين السطور .. أبرز أساليب التلاعب في القوائم المالية للشركات
يعتمد كثير من مستثمري سوق الأسهم بشكل كبير على الجهود التي تبذلها شركات المراجعة في تدقيق البيانات المالية الخاصة بالشركات، وبعضهم ربما يثق بها ثقة عمياء، ولكن التاريخ يخبرنا بأن شركات المراجعة حتى الكبرى منها فشلت في اكتشاف احتيال بعض الشركات في الوقت المناسب، مما تسبب في خسارة المساهمين لأموالهم في نهاية المطاف.
هذه الحقيقة يجب أن تلفت نظر المستثمرين إلى أنه يتعين عليهم أن ينظروا دائمًا بعين الشك إلى البيانات المدققة وأن يطرحوا باستمرار الأسئلة حول الأرقام المثيرة للشك للتأكد من صحة ما ورد في تلك التقارير.
هناك دائمًا احتمال ألا تنتبه شركة المراجعة إلى بعض المشاكل الموجودة في البيانات المالية للشركة.
وانطلاقًا من حقيقة أن الشركة التي ترغب في التلاعب ببياناتها المالية وخداع المساهمين لن تعدم أبدًا الأساليب، وستوضح السطور التالية أبرز الممارسات المحاسبية الاحتيالية التي تلجأ إليها بعض الشركات في السوق.
القرش الأبيض لليوم....
تمتنع بعض الشركات أحيانًا عن تسجيل كامل أرباحها حين تحقق في عام من الأعوام أرباحًا كبيرة بشكل استثنائي، وتقوم بالاحتفاظ بالأرباح المقتطعة خارج الميزانية إلى أن تحتاج إليها مستقبلًا حين تسوء أرباح الشركة فتدرجها حينها في البيانات المالية للشركة لكي تبدو في شكل أفضل مما هي عليه في الواقع.
تساعد هذه الممارسة الشركة على أن تحافظ على نمو أرباحها ثابتًا دون أي طفرات، وفي حين أن المستثمرين يفضلون عادة وجود نمو ثابت لأرباح الشركة إلا أنهم في النهاية يستحقون أن يعرفوا حقيقة الأداء المالي للشركة خصوصًا لو كان يتسم بالفوضى والتقلب.
عندما يعتقد المستثمرون أن الشركة تنمو بمعدل ثابت كل عام فإن هذا يخلق لديهم إحساسًا زائفًا بالأمان، وهو ما سيدفع بعضهم بالاحتفاظ بذلك السهم، معتقدًا أن الشركة مستقرة وأرباحها تنمو بمعدلات ثابتة قابلة للتوقع في حين أنها ليست كذلك في الواقع.
إن تغيير النتيجة الحقيقية للأرباح حتى لو كان ذلك من خلال التقليل منها هو أمر مخادع قد يدفع المستثمر ثمنه لاحقًا، بعض المحللين يرون أن التقليل من قيمة الأرباح على الورقة لا يسبب ضررًا حقيقيًا، ولكن هذا غير دقيق، فإذا كانت الإدارة على استعداد لتأجيل تسجيل جزء من أرباحها في الأعوام التي تحقق فيها نتائج استثنائية، فما الذي يمنعها من تضخيم أرباحها حين تحقق نتائج أقل من المتوسط؟.
هناك طريقة أخرى للتلاعب بالإيرادات والأرباح الحقيقية، وهي من خلال تسجيل التكاليف والنفقات في العام الخطأ، وفقًا للقواعد المحاسبية ينبغي الاعتراف بالمصروفات في سنة الاستحقاق أي خلال السنة التي تم فيها إنفاق الأموال أو تم الالتزام بدفعه خلالها، وتجاهل تلك القواعد يفتح بابًا للتلاعب بالنتائج المالية وتحريفها.
بلمسة سحرية .. كيف تتحول المصروفات إلى أصول؟
رسملة النفقات تعتبر فنًا تتقنه الكثير من الشركات للأسف بعض الشركات بدلًا من تسجيل بعض نفقاتها تقوم بتحويلها إلى أصل مما يخفض بشكل مصطنع من النفقات ويزيد بالتبعية من الأرباح، بعبارة أخرى، عندما تقوم الشركة برسملة نفقاتها وتعاملها كأصول جارية فإنها بذلك تحرف أرباحها المبلغ عنها في خداع واضح للمستثمرين.
ولكن كيف تتحول النفقات إلى أصول؟ لنضرب مثالًا، تكبدت إحدى الشركات العاملة بقطاع الأغذية مصروفات كبيرة خلال العام الحالي، ولكن بدلًا من تسجيل هذه المصروفات في بند النفقات تقوم الشركة بدفنها في أي من الأقسام الواقعة تحت بند الأصول في الميزانية العمومية، وهذا أمر يسهل حدوثه إذا كانت الضوابط الداخلية على الإنفاق داخل الشركة ضعيفة.
بعض الشركات تقوم بوضع تلك النفقات في حساب يسمى "الأصول الأخرى" وتضعها تحت بند الأصول، وتخطط في الوقت نفسه لشطبها خلال السنوات المقبلة، بينما تلجأ شركات أخرى إلى وضعها في حسابات مختلفة كالأصول المدفوعة مسبقًا.
وبنفس الكيفية تمتنع بعض الشركات عن الإبلاغ عن كامل التزاماتها وإبقاء جزءً منها خارج الميزانية، على سبيل المثال، في بعض الأحيان قد تلجأ الشركة إلى تأسيس شركة فرعية في الخارج قبل أن تقوم بتحويل جزء من التزاماتها إليها وحذف تلك الالتزامات من ميزانيتها العمومية، وهذا بالطبع يشوه حقيقة الوضع المالي للشركة.
إذا كانت الالتزامات المحولة إلى الشركة الفرعية عبارة عن ديون، فهذا يعني أن تكوين هيكل رأس المال الذي توضحه التقارير المالية الصادرة عن الشركة غير حقيقي؛ لأنه في هذه الحالة سيخفض من قيمة الديون لصالح حقوق الملكية التي ستبدو نسبتها أكبر مما هي عليه بالواقع، وهذا فيه خداع للمستثمرين ولحملة السندات في الوقت ذاته، وكلاهما قراراته تعتمد على سلامة البيانات المالية للشركة.
لا تحدث هذه الممارسة كثيرًا لأن الشركة التي تتورط فيها تواجه إدارتها عقوبات من التهم المدنية والجنائية. ورغم ذلك يجب أن ينتبه المستثمر جيدًا إلى تفاصيل البيانات المالية للشركة ويحرص على دراسة أسباب التقلبات المشكوك في أمرها والتي من الممكن أن تكون بمثابة إشارة حمراء.
لحسن الحظ، لا تقع عمليات الاحتيال المحاسبي إلا نادرًا؛ حيث تلتزم أغلبية الشركات بقواعد القانونية والممارسات المحاسبية السليمة أثناء إعداد تقاريرها المالية التي تقوم بمراجعتها لاحقًا شركات المراجعة، ومع ذلك فإنه من الحكمة التدقيق في الأسباب الكامنة وراء التغيرات غير المنتظمة في بعض البنوك والأرقام في التقارير المالية للشركات.
مواقع النشر (المفضلة)