أعرف، وأنتم تعرفون، بعض الناس المتصفين بسلامة القلب، ونزاهة النُّطق، وحسن السمت، وكرم الخُلُق، وحب الخير، وخلو النفس من الحسد والحقد، مفاتيح خير، مغاليق شر.
هؤلاء، وإن كانوا قليلين، نجومٌ منيرة في سماء المجتمع، وجوهٌ مشرقة في حياة الناس، وجودهم ينثر الورود وينشر التفاؤل، ويعطّر المجالس، وويجعل الوجود أجمل، والشعور أفضل، وابتساماتهم الودود تُشرق لها القلوب، وتتفتح بها نوافذ يسري منها نسيمٌ لطيف يُنعش النفوس، فهم إن تحدّثوا صدقوا، وإن أشاروا أخلصوا، وإن أخطأوا اعتذروا، وإن عتبوا رفقوا، وإن غابوا فُقِدوا، وإن حضروا سروا وأسعدوا، مِن هؤلاء رجالٌ ونساء، هم مصابيح في حياتنا، وبهجة لوجودنا، كأنهم الماء الزلال في شدة الظمأ، والأنوار في عتمة الظلام، يُنسيك معرفة واحد منهم إساءات كثيرين في معترك الحياة وأدواء الاختلاط والخلاف، وصرير التنافس والاحتكاك، وشرور الكثير من الناس، وسؤ الظروف والأحداث، فهم بلسم من سم البغضاء، ودواء من أوجاع الاجتماع، وماء طهور يُزيل ما يقذفه الأشرار من أدران قد تُفسد القلب وتُدمي الشعور.
هؤلاء الطيبون من رجال ونساء بفضل الله موجودون وإن كانوا قليلين، وهم نجوم المجتمع الحقيقون وإن كانوا مجهولين، ليس النجوم هم المشهورين، بل هم الناس الذين قلوبهم طاهرة سليمة، وألسنتهم نظيفة نزيهة، وسلوكهم قويم، وخلقهم كريم.. والذي يريد أن يجدهم ويتمتع بصحبتهم ووجودهم ينبغي عليه أن يكون مثلهم نقاءً وطهارة، صفاءً وصداقة، فإنهم يألفون مثل هذا ويحبونه ويتمسكون به، وينصرفون بهدؤ وعزوف عن كل جافٍ غليظ مُبعد عن الخُلق الكريم.
هنيئا ثم هنيئا لمن عاش مع هؤلاء، خاصة المعاشرين الدائمين، هنيئا لمن ظفر بزوجة صالحة من هذا النوع الثمين، مُحبة محبوبة، ولمن ظفرت بزوج صالح ناجح من هذا الطراز النفيس، يُحبها ويحترمها، ولمن وفقه الله لصديق صدوق من الطاهرين المخلصين، وجار قريب من الخير بعيد عن الشر، وزميل عمل له وجه طليق وتعاون وثيق.. تمسكوا بهم، احمدوا الله على وجودهم، واحرصوا كل الحرص على ألاّ تفقدوهم، فهم بفضل الله مصابيح ظلام ورُسُل محبة ومودة وسلام.
مواقع النشر (المفضلة)