ما هي شركات spac؟ ..
وهل تمثل العصا السحرية للشركات الناشئة؟
للكاتبة/ دلال السميران
لم يقتصر عالم التمويل والاستثمار على أداة واحدة أو منهجية معينة عبر الزمن؛ إنما أستحدث أدوات مالية متنوعة تلبي كلٍ منها غرضًا مختلفًا عن غيره لمختلف الأطراف المعنية. ومن هنا نشهد تنوعًا في الأدوات المالية في سوق الأسهم والذي ينعكس إيجابًا في كفاءة السوق ورفع أدائه. وتعد إحدى الحاجات الملحة بالنسبة لفئة الشركات الناشئة هو التمويل الذي يساعدها على النمو والتطور وتحقيق أهدافها؛ إلا أنها ورغم ذلك قد لا تجد أن فتح باب الاستثمار على مصراعيه في سوق الاستثمار بتحولها إلى شركة عامة أمرًا مجديًا نظير التكاليف التي ستتكبدها، ناهيك عن طول الوقت الذي ستنتهي فيه هذه الإجراءات والامتثال لكثير من اللوائح. فتبقى متخلفةً عن منافسيها من الشركات العملاقة في السوق.
وكحلٍ لذلك تأتي شركات الاستحواذ الخاص (SPAC) Special Purpose Acquisition Company والتي تعد آلية سريعة، ذكية وأكثر موثوقية لطرح أسهم الشركة في الأسواق العامة. وهي بطبيعتها شركات لا تمارس أي نوع من الأعمال التجارية، بل تعمل على جمع أموال المستثمرين بهدف الاستحواذ على شركة خاصة غير مدرجة لتصبح بذلك شركة مدرجة في سوق الأسهم.
إذن.. ما هو الفرق بين الطرح العام IPO وشركات SPAC؟ الطرح العام بما يعرف IPO هو ما تقوم به الشركة لبيع أسهمها للعامة تحت إشراف بنك يغطي عملية الاكتتاب بضمان شرائها في حال عدم اكتمال بيع كافة الكمية. في حين أن شركات SPAC هي شركة عامة تؤسس بهدف قانوني (الاستحواذ/ الاندماج) مع الشركات الأخرى بغرض طرحها بسوق الأسهم فقط، ولا يوجد لدى هذا النوع من الشركات أي عمليات تشغيلية أو تجارية تنفذها.
وشركات SPAC موجودة منذ عام 1980 إلا أنها شهدت إقبالًا في الآونة الأخيرة لأسباب عدة منها: تعثر عمليات الطرح الأولي التقليدية بسبب جائحة كورونا، وجاذبيتها للشركات الخاصة التي ترغب في عملية الإدراج في سوق الأسهم، وثقة المستثمرين المؤثرين بها.
كيف تعمل شركات SPAC؟ يروج الملاك للشركات بين المستثمرين المؤسسيين بنفس الطريقة التي تُتبع قبل الاكتتاب العام، ثم تطرح تلك الشركات في سوق الأسهم. وبعد الطرح للاكتتاب العام، تضع تلك الشركات عائدات الاكتتاب في صندوق ائتماني تزامنًا مع البحث عن شركة للاستحواذ عليها، والجدير بالذكر أن شركات الاستحواذ الخاص تسمى بـ “الشيك على بياض”، وهذا مرتهن بهدف هذه الشركات في تسريع عملية الإدراج، فإنها غالبًا لا تكشف عن الشركات التي ستستحوذ عليها بعد عملية الاكتتاب العام؛ وبالتالي فإن المستثمر يبقى غير مطلع على كيفية استثمار أمواله وكأنها قدم للملاك (شيكًا على بياض).
ماذا عن **** أسهم في شركة من نوع SPAC؟ يستطيع المستثمر الفرد من **** أسهم هذه الشركات كما يمكنه بيعها بسهولة وكذلك يستطيع **** الحقوق المرتبطة بأسهمها، وهي ما يمنحه أحقية زيادة ملكيته أثناء انتهاء عملية الاستحواذ لاحقًا. وغالبًا يحدد سعر الطرح يكون بما يعادل (عشرة دولارات)، وهذا هو سعر طرح شركة الاستحواذ للاكتتاب العام، وليس طرح الشركة الخاصة التي ستطرح لاحقًا. ومن هنا يمكننا القول بأن المخاطرة في **** أسهم شركات الاستحواذ الخاصة SPAC تعتبر متدنية نسبيًا كون الأصول المالية للشركة موجودة؛ الأمر الذي يقلل من احتمالية انخفاض سعر الشركة لما هو أقل من عشرة دولارات، لوجود أموال نقدية قيمتها تعادل نحو عشرة دولارات، وهذه ميزة الاستثمار في شركات الاستحواذ الخاصة.
هذا وتشهد الأسواق المالية مؤخرًا تزايدًا في عدد إصدارات شركات الاستحواذ الخاص بنحو 30ظھ عن الاكتتابات العامة الأولية التقليدية. يتزامن هذا مع ملاحظة الباحثين لانخفاض عدد الشركات العامة في السنوات القليلة الماضية. وتشير التقارير إلى أنه تم إدراج أكثر من 60 شركة SPAC خلال العامين الماضيين في بورصة نيويورك فقط! أي أن الطروحات الأولية في بورصة نيويورك عام 2020 كانت لشركات استحواذ خاصة بنسبة 40ظھ بما تقدر قيمته 83 مليار دولار، وفي أول شهرين من 2021 فقط تم جمع 60 مليار دولار.
وفي مارس من العام الجاري أعلنت أنغامي وهي شركة بمنصة وتطبيق لبث الموسيقى والأغاني وتتخذ أبوظبي مقرًا لها عن طرح ما نسبته 30ظھ من أسهمها في بورصة Nasdaq بما قيمته 100 مليون دولار مع شركة Vistas Media Acquisition Company وهي من نوع شركات الاستحواذ الخاص المدرجة فعليًا في بورصة Nasdaq. كما كشفت شركة SWVL وهي شركة متخصصة بتوفير حلول النقل الجماعي طرحها في بورصة Nasdaq بما قيمته مليار دولار مع شركة Queen’s Gambit وهي نوع من شركات الاستحواذ الخاص المدرجة فعليا في بورصة Nasdaq. إضافة لشركة Lucid Motors الأمريكية، والتي اندمجت مع Churchill Capital Corp وأدرجت في بورصة Nasdaq ورفعت صفقة الاستحواذ القيمة السوقية للشركة لأعلى من 40 مليار دولار.
ختامًا، يُرجح كثير من المحللين أن نجاح شركات الاستحواذ الخاص يرتبط بخبرة فريق عمل الشركة الواسعة في الاستثمار، وبراعة قيادتها إضافةً لنوعية الشركات التي تستهدفها في استحواذها. وكما أن الشيء بالشيء يذكر أعلنت مبادلة الاستثمارية إنشاء شركة استحواذ خاص Blue Whale)) بقيمة 200 مليون دولار أمريكي بقيادة Russ Pillar، الذي قضى الثلاثة عقود الماضية في إدارة كبرى الشركات عالميًا ويشغل حاليًا منصب الرئيس التنفيذي لشركة Reigning Champs. فهل تعد هذه البداية لشركاتٍ عربية أخرى من نوع SPAC؟ وهل ستثبت شركات الاستحواذ الخاص نجاحها مستقبلًا؟
https://maaal.com/2021/08/ما-هي-شركا...عصا-السحرية-ل/
مواقع النشر (المفضلة)