في الوقت الذي تستعد فيه الصين لغلق صفحة الجائحة وتداعياتها الاقتصادية مع استمرار الاقتصاد في النمو، يبدو أنها مقبلة على اختبار بالغ الأهمية حول مدى استقرار وثبات النظام المالي للبلاد تزامنًا مع ارتفاع مستويات الديون بشكل هائل.من المقرر أن تسدد الشركات الصينية ديونًا محلية بقيمة 1.3 تريليون دولار خلال الاثنى عشر شهرًا المقبلة، ما يفوق حجم ديون الشركات الأمريكية بنسبة 30%، وبنسبة 63% عن ديون الشركات الأوروبية مجتمعة.والمشكلة هي أن استحقاق هذه الديون يأتي مع تعثر المقترضين بشكل متزايد عن السداد، وقد حذرت السلطات المالية الصينية البنوك المحلية من أن موجة من الديون المعدومة مقبلة بعد نهاية الإعفاء من سداد الفوائد ومدفوعات رأس المال الذي سمحت به كأحد إجراءات تجاوز الوباء.في العام الماضي، تحملت الصناعة المصرفية الصينية 3.5 تريلون يوان من القروض المتعثرة، ويخشى من تحملها قروضًا معدومة إضافية بقيمة 700 مليار يوان هذا العام بسبب رفع الإعفاء فقط، وبشكل عام تتوقع لجنة تنظيم البنوك والتأمين الصينية زيادة في هذا البند خلال العام الجاري.وفي أحدث علامة على انتقال القلق إلى قلب النظام المالي، "Huarong Asset Management"، أكبر مستثمر في الديون المتعثرة في الصين، جرى أول تخفيض لتصنيفهاا لائتماني من قبل وكالة دولية، في أبريل، بعد أسابيع من عملية بيع واسعة النطاق لسندات المجموعة الواقعة تحت الضغط.اختبار للنظام الأوسع- شركة إدارة الأصول أغلبها لوزارة المالية الصينية وتمتلك أصولًا بقيمة 1.7 تريليون يوان (262 مليار دولار) تدين بنحو 22 مليار دولار، وخضعت لتدقيق مكثف لأنها أرجأت مرارًا نشر نتائجها المالية لعام 2020، وفي النهاية أضطرت وكالة "فيتش" لخفض تصنيفها الائتماني.- أكثر ما يزيد عدم اليقين بشأن الصحة المالية لـ"هوارونج"، هو إعدام رئيسها السابق "لاي شياومين"، في يناير الماضي، بسبب جرائم تضمنت الجمع بين زوجتين وإساءة استغلال السلطة لتخصيص الائتمان.- لأشهرٍ يحاول رئيس مجلس الإدارة الجديد "وانج زان فنغ" تنظيف الفوضى العارمة في مستندات وأعمال المؤسسة التي تقع في مركز هيكل القوة المالية للصين، إذ يحيط بالمقر الرئيسي؛ البنك المركزي ووزارة المالية ولجنة تنظيم البنوك والتأمين الصينية.- تعهدت السلطات بتزويد الشركة بالتمويل اللازم حتى أغسطس، لكن من غير المعروف حتى الآن، كيف ستفي "هوارونج" بـ41 مليار دولار تم اقتراضها من أسواق السندات، والتي تحمل أغلبها في عهد "لاي"، لكن القضية الأكبر هي ما قد ينذر به كل هذا للنظام المالي في البلاد.- قال مايكل بيتيس، أستاذ المالية في جامعة بكين ومؤلف كتاب "تجنب السقوط: إعادة الهيكلة الاقتصادية للصين": إنهم *****ون إذا فعلوا ذلك، و*****ون إذا لم يفعلوا ذلك، فإنقاذ "هوارونج" سيعزز سلوك المستثمرين الذين يتجاهلون المخاطر، في حين أن التخلف عن السداد يعرض الاستقرار المالي للخطر إذا تبع ذلك إعادة تسعير "فوضوية" لسوق السندات.- ذكر تقرير حديث صادر عن مؤسسة"Caixin"الإعلامية، والمعروفة بالتحقيقات الاستقصائية، أنه سيتم إعادة هيكلة الشركة المتعثرة، وأثار هذا عاصفة من الجدل مما أدى إلى انخفاض في سعر تداول سندات الشركة إلى 57 سنتًا للدولار الواحد من 102 سنتًا.- رفضت مؤسسة الاستثمار الصينية، وهي صندوق سيادي تصل أصوله إلى تريليون دولار، فكرة الحصول على حصة مسيطرة من وزارة المالية، وجادل مسؤولوها بأنهم لا يملكون القدرة على إصلاح مشاكل "هوارونج"، وفقًا لتقارير إعلامية.- في غضون ذلك، لا يزال يحاول بنك الشعب الصيني تقرير ما إذا كان سيمضي قدمًا في اقتراح من شأنه أن يجعله يتحمل أكثر من 100 مليار يوان (15.5 مليار دولار) من الأصول السيئة لـ"هوارونج".- منحت الهيئة التنظيمية المصرفية الشركة بعض الوقت، بعدما توسطت في اتفاقية مع جهات الإقراض المملوكة للدولة، والتي من شأنها أن تغطي أي تمويل مطلوب لسداد ما يعادل 2.5 مليار دولار مستحقة بحلول نهاية أغسطس، لحين انتهاء البنك من بياناته المالية لعام 2020.زلزال حقيقي- كانت"هوارونج" في وضع أزمة كامل منذ أن أرجأت الإعلان عن نتائج أرباح لعام 2020، مما أدى إلى تردي ثقة المستثمرين، وتوقع المسؤولون التنفيذيون استدعاءهم من قبل السلطات الحكومية في أي لحظة عندما تتدهور معنويات السوق وينخفض سعر ديون البنك من جديد.- يجب أن يقدم وانغ وفريقه تحديثات أسبوعية مكتوبة عن العمليات والسيولة. لقد لجأوا إلى البنوك المملوكة للدولة، طالبين الدعم، وتواصلوا مع متداولي السندات لمحاولة تهدئة الأعصاب، لكن القليل من النجاح كان حليفهم.- طلبت هيئة الرقابة المالية في البلاد، التي يرأسها "ليو هي"، والتي تعد اليد اليمنى لرئيس البلاد في الإشراف على الاقتصاد والنظام المالي، تقديم إحاطات حول وضع "هوارونج" والاجتماعات المنسقة بين المنظمين، لكن المسؤولين قالوا إن الحكومة لم تقدم لهم حلاً طويل الأمد بعد، بما في ذلك ما إذا كانت ستفرض خسائر على حاملي السندات.- تحدث "وانغ" في 16 أبريل عن تحسن أساسيات البنك منذ توليه منصبه، وهي وجهة نظر يشاركها بعض المحللين، لكنها لم تكن كافية لتهدئة المستثمرين خاصة أنه لم يكن لديه الكثير ليقوله حول ما يدور في أذهان الكثيرين مثل خطط إعادة الهيكلة ودعم الحكومة.- مع ذلك، هناك شبه إجماع بين الإدارة العليا وبعض المنظمين والشركات الرئيسية الأخرى أن "هوارونج" أكبر من أن تفشل، أو بقول آخر، لا يجب السماح بفشلها لتجنب اضطرابات مالية خطيرة، خاصة في ظل ترتيب الحزب الشيوعي للاحتفال بمئوية تأسيسه في الأول من يوليو.- في غضون ذلك بدأ صمت بكين يزعج مستثمري الديون المحليين، الذين كانوا حتى قبل أسبوع تقريبًا غير متأثرين بعمليات بيع سندات "هوارونج" الخارجية. وزارة المالية التي تمتلك 57% من الشركة لم تلتزم حتى الآن بإعادة رسملته، رغم أنها لم تستبعد أيضًا هذا الخيار.- ما سيحدث بعد الأول من يوليو غير مفهوم حتى بالنسبة للكثيرين داخل برج "هوارونج"،ولا يبدو "ليو هي"، نائب رئيس مجلس الدولة الصيني ورئيس لجنة الاستقرار المالي والتنمية، في عجلة من أمره لفرض حل صعب، ويبدو أن الصناعة ستظل في وضع "كتم الأنفاس" لأسابيع وربما شهور أخرى مقبلة.المصادر: أرقام- بلومبيرغ- فايننشال تايمز- موقع cnbctv18- نيكي
مواقع النشر (المفضلة)