منذ عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه, راعت الدولة إنسان هذه الأرض ولا أرض تشبه أرضنا الطاهرة ومن ضمن الإنفاق السخي المقدّمة من الدولة, ما ينفق على قطاع الصحة بنسب استحواذ ضخمة من الميزانية العامة للدولة وذلك منذ بدء تأسيس مصلحة الصحة العامة عام 1925م بمقرها آنذاك بمكة المكرمة, ومن ثم عند إنشاء مديرية الصحة العامة والإسعاف و البدء بإنشاء المستشفيات والمراكز الصحية في أنحاء المملكة وحتى صدور المرسوم الملكي عام 1951م القاضي بإنشاء وزارة الصحة حيث عين المغفور له بإذن الله تعالى الأمير عبد الله الفيصل أول وزيرا للصحة بالمملكة وإلى يومنا هذه مازال القطاع الصحي يستحوذ على جل إهتمام الدولة وجزء لا يستهان به من مخصصات الميزانية.واستنادا إلى بيانات وزارة المالية لموازنة العام الحالي 2021 م يعد قطاع التعليم من أكثر القطاعات استحواذا على النفقات العامة من الدولة ثم يجيء بعد ذلك بالمرتبة الثانية والثاني مكرر كلا من القطاع العسكري ( و ) قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية حيث رصد لكلا من القطاعين نحو 175 مليار ريال بالتساوي لا مناصفة, مع التنويه بأن قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية ارتفع حجم الإنفاق فيه عن المقدر له في عام 2020م بنحو 4. 6 في المائة فيما انخفض الإنفاق للقطاع العسكري بنحو 3. 8 في المائة رغم استمرار قوة الأعمال العسكرية بفاعلية وكفاة بالحد الجنوبي وللقارئ الكريم أن يتخيل ضخامة الإنفاق على الصحة, حيث يوازي تماما الإنفاق المخصص للقطاع العسكري بكل ما ينفق علي الجيوش والأسلحة والقواعد العسكرية بما فيها القوات البحرية والبرية والجوية.هذه وَمِما يتردد على لسان حال بعض المرضى علي سبيل الدعابة, القول لو أن وزارة الصحة تقفل أبوابها ويوزع مقدار الإنفاق المالي على المرضى من المواطنين لكنا على نفقة الدولة حفظها الله نتعالج في مستشفيات سويسرا الأعلا تكلفة بالعالم وبما يفيض من مبالغ الإعتماد المالي نتناول مع القهوة العربية, حلوى “المارونق جلاسيه” marrons glacés بالمقاهي المطلة على بحيرة جنيف, هذه وتعد المقولة قابلة للتحقيق نوعا ما لكن بصوره مختلفة خاصة مع قرب خصخصة قطاع الصحة وطرح المنشآت الصحية الحكومية للبيع على القطاع الخاص وإقرار التأمين الطبي للمواطنين.كما يجدر التنويه أن مخصصات وزارة الصحة من الموازنة العامة للدولة تعد بمثابة مايقدر بميزانية كاملة لأكثر من دولة أفريقية مجتمعه لا منفردة, من جهة أخرى وثيقة الصِّلة بالموضوع تنفق الدولة أكثر من 600 مليار ريال سنويا رواتب للموظفين تقدر ب 55% من إجمالي النفقات العامة تقريبا نصف ميزانية الدولة يذهب رواتب موظفين وأغلب ذلك يذهب للعاملين بالقطاع الصحة ! ! وبالمقابل أغلب من يراجع لدى الدوائر الحكومية عموما يعرف حال إنتاجية بعض الموظفين, ناهيك عن تصريحات العديد من الوزراء عن تدني إنتاجية بعض الموظفين بالقطاع الحكومي, وبالطبع المخالفين لأنظمة المنشآت الصحية يلتقطون أمثال تلك الفئات ومدركين تماما لكل الثغرات بل ويعرفون مداخل ومخارج بعض الموظفين ممن يمكن النفاذ إليهم !! وبما أن المفترض أن ادارة الرقابة (و) الالتزام (و) الرخص الطبية سوف تبقي تحت مظلة وزارة الصحه ولن تأول حتى بعد التخصيص الى القطاع الخاص وعلية من الأهمية القصوى الأخذ بعين الإعتبار الى إنتاجية الموظفين وحجم المعاملات الفعلية المنجزة ومدى كفاءت المعالجة للقضايا حيث من الممكن إضاعة فرصة توريد ايرادات يومية لخزينة الدولة من قبل موظف مهمل او حتى فاسد , عبر إضاعة إيرادات محققة لصالح خزانة الدولة يوميا وبالملايين! ! هذه وبحسب اللوائح وأنظمة إدارة الإلتزام بوزارة الصحة تتراوح غرامات المخالفات ما بين 10 آلاف إلى 100ألف ريال, وعليه متوسط غرامة كل مخالفه بحدود 20ألف وأقل يوم عمل يباشر متوسط مالدى الموظف الواحد منفردا من المفترض يكون بمالا يقل عن متوسط 12 قضية يوميا في حكم ثبات الحق المؤكد غير ما هو تحت المعالجة, مع التنوية بأن حسب تصريح الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) تتلقي بلاغ فساد كل ساعة تقريبا، وتصدرت قضايا الفساد المالي والإداري معظم البلاغات بنسبة 74.3%؛ حيث استحوذت البلاغات الواردة عن سوء الاستعمال الإداري أغلب الحالات بنسبة 28.9%، فيما جاءت قضايا اختلاس أو تبديد أو التفريط بالمال العام ثانياً بنسبة تصل إلى 17.6%، وقضايا استغلال نفوذ الوظيفة بـنسبة 15.9%. وبلغت نسبة طلبات الحماية من المبلغين 0.4% .وعليه لابد أن يتم عمل هيكلة شاملة لإدارة الإلتزام وخاصة قسمي البلاغات والقضايا بوزارة الصحة وتوظيف الكفاءة من خريجين معهد القضاء العالي وكليات الأنظمة القانونية وعلوم الاقتصاد وإدارة الأعمال المؤهلين فعليا وأن يوكل الأمر إلى أهله, بكافة الوظائف وحتى أقلها مرتبة مع ضرورة وجود مراقب عام ومدقق وإلزام جميع منسوبي تلك الإدارات والأقسام بأداء مايعرف ب «القسم الوظيفي» وكذلك الإفصاح الموثق فيما يخص «إقرار الذمة الماليّة» عبر إفصاح الشخص عن ممتلكاته وذلك بحسب ما تقتضيه السياسة الشرعية والقانونية لمن أراد العمل في مكان يسند إليه فيه مهمة التحقيق والتفتيش والتحكيم وفرض الغرامات وكذلك التعامل مع شريحة عظيمة من المواطنين الكثير منهم مرضي قد يكون بلحظات عجز أو ضعف ومرض وفيهم الغافل والجاهل بحقوقه.وعليه فلا يحق للموظف مباشرة أعماله بتلك الأقسام الإدارية قبل التأكد من مؤهلاته وقدراته وكذلك بعد إقرار الإفصاح بما تم بيانه وتفصيلا أعلاه، ومتى خالف الموظف ما التزم به في قسمه، أو تناقض مع إفصاحه وإقراره المالي فإنه يعد مخلاً بواجبات وظيفته مما يستوجب مساءلته ومعاقبته وتطبق علية الأئحة التأديبية والتى تصل الى الفصل من نظام العمل وتحويل الموظف المخالف الى الجهات الرقابية والنيابية المختصه لإصدار عقوبات بحقه قد تصل الى السجن .ومع قرب تخصيص القطاع الصحي أسترعي إنتباهكم الكريم بأهمية إعادة هيكلة العديد من الإدارت والأقسام مثل إدارة الإلتزام والرقابة والرخص الطبية حيث تعدان من ضمن الإدارت المدرة للربحية بل بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهبا كل صباح بوزارة الصحة ومن ثم بخزينة الدولة وذلك من خلال إيرادات المخالفات والغرامات العامة على المنشآت الصحية والممارسين الصحين نتيجة مباشرة التحقيق بقضايا الحقوق الخاصة التِي في حال ثبوتها تقود بدورها إلى تحصيل الحق العام للدولة وتوريد الغرامات العامة التي تعد بمثابة إيرادات ثابتة يوميا لخزينة للدوله عوضا عن الهدر الضخم الحاصل نتيجة العبث بالشكاوي والقضايا الطبية والمخلفات الإدارية والقانونية التي يضج بها الإعلام بأنوعه المسموع والمرئي والمكتوب وحتى مواقع التواصل الإجتماعي أخذت بالحديث عنها ولا تخفي على الجميع وكاتبة المقال الماثل بين ايديكم الكريمة كانت بيوم من الأيام كغيرها من المرضي المراجعين لتلك الأقسام وتفاجأة والحديث هنا بذمتي أن إدارة الإلتزام بأكملها تحتاج إلى الإلتزام . من جهة أخرى وثيقة الصِّلة بالموضوع وعلى غرار مكاتب مكافحة غسيل الأموال في البنوك التجارية التي ترتبط بمسار بالبنك المركزي باتت من الضرورة وضع مكاتب طرفية لهيئة مكافحة الفساد في بعض الأجهزة الحكومية, ومن ضمنها بوزارة الصحة وذلك وحدات طرفية أخرى بنفس آليات عمل مركز الأعمال بوزارة الاستثمار الذي يضم موظفين من مختلف الأجهزة ذات العلاقة, وفيما يخص وزارة الصِّحة حيث من بين الأجهزة المترابطة مع طبيعة عملهم وذلك على سبيل المثال لا الحصر هيئة الغذاء والدواء وكذلك وزارة التجارة لتداخل بعض أعمالهم الفنية والإداية مع وزارة الصحة وربطهم مع إدارة الرخص الطبية حتى تحاط بالمنشآت الطبية المخالفة وتأخذ ذلك بعين الاعتبار عند طلب تجديد الرخص الطبية .مع ضرورة وضع نظام رقابي صارم للغاية من الدولة والنظر في مقومات ومؤهلات الموظفين خاصة بالإدارات والأقسام التي يوكل إليها إنفاذ القانون والتي تعد كذلك مدرة للربحية لخزينة الدولة وعليها التزام إتجاه المريض الواقع عليه الضرر عوضا قيام بعض الموظفين بإغلاق للقضايا الواجب إنفاذها خاصة وأن الدولة حفظها الله مخصصة لذلك قوة بشرية وكادر تنفق عليه حتى يعمل داخل منشآت عمل حكومية على مدار 24 ساعة عمل لتلقي بلاغات العمل التي ( أحيانا ) ما تقفل أو تهمل من البعض أو يتم العبث بها وتغير مجريات القضايا دون معالجة حسب النظام بل أحيانا حسب مزاج بعض صغار الموظفين عند استلام البلاغ وعدم تصعيده ومعالجته حسب الأنظمة عبر لجان الإختصاص الذي لا يصل اليها غالبية مايقفل قبل العرض على تلك اللجان المختصة !!وعلية لابد من تعين أكفاء الكوادر البشرية حتى بالوظائف متناهية الصغر لان هؤلاء بالنهاية من تصب لديهم القضايا حتى لو حولت من قبل رؤسائهم, ومن الضروري أن يكون الجميع مؤهلحتى أصغر موظف ويوجد لديه شغف بتحرير القضايا والمخالفات بل ويتمتع بالاذن الخبيرة واللسان المفوّه الذي يلم بالأنظمة بما يتيح مسائلة الأطراف الأخرى المخالفة بالصورة التي تفرض هيبة النظام العام للدولة وتعطي انطباع للطرف المخالف ان هناك موظفين اكفاء بالمراصد .حيث من المفترض أن اقسام وإدارات مثل تلك تكون منارة للعدالة والنزاهه وأن تستقطب خيرة الكفاءات وان يتم تدوير الموظفين بين الأقسام حتى لا يأمن المخالفين ويعتقدون ولو مجرد اعتقاد بامكانيه اختراق منظومه العمل والحديث هنا بالعموم وليس بالضرورة يخص الوزارة المعني بها المقال. هذه ومعروف بأن آليات اختراق منظومات العمل أحيانا ما تتم عبر موظف/موظفة كما يقال باللهجة المحكية يبحث عن “ قهوته وحلاوة العيال” من المخالفين والبعض يعتبرون طبيعة عملهم بمثابة “ مغارة كنز علي بابا ” !! ولا يخفي على أحد وجود الموظفين غير الاكفّاء بكل جهاز عمل وقادرين أحيانا على إفشال مجهودات الكبار الذين لا يدخرون وقتا ولا جهدا لخدمة المواطن والوطن لكن بالتأكيد هناك دوما أجهزة معنية برصد وتتبع الفاسدين تظهر بالتوقيت المناسب .ختاما.. وزارة الصحة سواء قبل التخصيص أو حتى بعده تُعد ورثه ثقيلة ومتهالكة والموظفين عموما فيهم المنتج وغير المنتج وذلك منذ عهود وزارية سابقة تراكمت دون معالجة والتي قد يكون أخر علاج لها الكي, عبر خصخصة القطاع الصحي بأكمله وإبقاء الكفاءات ومحاسبة وتسريح الموظفين الفاسدين فورا حتى يسند الأمر إلى أهله وتستقطب الكوادر البشرية المؤهلة وتبدأ حقبة تاريخية جديدة للغاية تواكب طموحات الوطن ونتمنى لها من القلب كل التوفيق, ومهما اختلفنا يبقي للوطن في أعناقنا جميعا حق المحافظة عليه وحق التعبير عما نصادف وعما نأمل .بالنهاية كلنا شركاء بالوطن الذي يحن إليه حتى الجسد البالي عندما يفني, ويطلب المكوث تحت ترابه وإن توفي خارج وطنه يوصي بأن يدفن فيه, متعنا الله وإياكم بموفور الصحة والعافية ونتطلع للمرحلة القادمه بتخصيص القطاع الصحي وإعادة هيكلته بأكمله.
مواقع النشر (المفضلة)