الأحد 10 جمادى الأولى 1441هـ - 5 يناير 2020م
اتفاقية التجارة.. خفض الفائدة.. القطاع السياحي.. والمحتوى المحلي ركائز النمو المقبلة
أربعة عوامل تدعم نمو الاقتصاد السعودي في عام 2020
حسين بن حمد الرقيب
مواسم المملكة وجهة السائح السعودي من الخارج إلى الداخل.. ووفقاً لـ (ساما) فقد أظهر نشاط البطاقات الائتمانية تراجعاً في الصرف بالعملات الأجنبية خلال الأربعة أشهر الماضية ووصل التراجع إلى 25 % في شهر نوفمبر.. في المقابل زادت المبالغ التي خصمت من نقاط البيع بالريال السعودي بحوالي 30 % وهذا يعني بالضرورة تحول الإنفاق على السياحة من الخارج الى الداخل.
هل يشهد عام 2020 تحسناً في الاقتصاد العالمي ونمواً للنشاط الصناعي؟ نعم هنالك اعتقاد لدى الأوساط الاقتصادية أن المؤشرات الإيجابية سوف تستمر في الصعود، حيث تدخل مجموعة واسعة من البلدان النامية لتلحق بالصين، فضلاً عن جهود إلغاء القيود التنظيمية من قبل عدد من الدول الأوروبية، بما في ذلك فرنسا، ما سوف يدعم النمو الاقتصادي العالمي ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد العالمي نمواً في حدود 3.4 %، وخصوصاً مع عودة نمو النشاط الصناعي للصين حيث أظهر مؤشر مديري المشتريات الصناعي خلال الشهرين الماضيين عودة للنمو وسجل في نهاية ديسمبر 5.05 %، الاقتصاد السعودي لا شك بأنه يتأثر بالاقتصاد العالمي بشكل مباشر وأي تحسن أو ركود سوف ينعكس على معدلات النمو ولا تزال الدولة تعتمد بشكل رئيسي على تصدير النفط والمنتجات البتروكيميائية بالرغم من الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها حكومة المملكة إلا أن أثر تلك الإصلاحات يحتاج إلى وقت كي تحقق أهدافها وقد تم تمديد المدد الزمنية لبعض أهداف الرؤية بسبب الأوضاع العالمية.
في هذا العام 2020 يبدو أن الاقتصاد السعودي موعود بتحقق معدلات نمو جيدة إذا لم تنزلق المنطقة في أحداث جيوسياسية وخصوصاً بعد استهداف القوات الأمريكية لبعض قيادات إيران والتي - قد - تشعل الحرب في المنطقة، النمو المتوقع مدعوم بأربعة عوامل رئيسة أهمها قرب توقيع الاتفاقية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين في منتصف شهر يناير بخصوص التجارة البينية والرسوم الجمركية بين الدولتين وهذا الاتفاق سوف يدعم بلا شك عودة النمو إلى النشاط الصناعي وخصوصاً في الصين التي تمثل عمقاً اقتصادياً للمملكة ونافذة مهمة للتصدير سواء النفط الخام أو المنتجات البتروكيميائية وغيرها وقد أظهرت أسعار النفط تفاعلاً مع هذه الاخبار حيث أصبح سعر البرميل لخام برنت على عتبة 70 دولاراً وإذا علمنا بأن السعر المقدر في الميزانية حوالي 55 دولاراً فهذا يعني زيادة في الإيرادات وانخفاض في العجز وقد ترفع معدلات الإنفاق.
العامل الثاني هي معدلات الفائدة التي كانت سبباً لتراجع أرباح الشركات خلال السنتين الماضيتين ولكن مع الخفض الذي حصل خلال عام 2019 بحوالي 75 نقطة أساس فإن هذه التخفيضات في معدلات الفائدة سوف يظهر أثرها بشكل واضح في هذا العام وإن كان البعض يراها سلبية للبنوك إلا أني أعتقد أن الفائدة المنخفضة سوف تشجع الشركات على أخذ المزيد من التمويل لتنفيذ التوسعات التي توقفت بسبب زيادة تكلفة التمويل وهذا سوف ينعكس على نمو الإقراض لدى البنوك ويعوض ذلك النمو تبعات خفض الفائدة والأهم أن ذلك سوف يزيد من النمو الاقتصادي وتوليد وظائف جديدة.
العامل الثالث سوف يأتي من قطاع السياحة والترفيه ولقد لاحظنا هذا العام كيف انتعش الاقتصاد خلال الربع الأخير وخصوصاً مع موسم الرياض وقبلها موسم جدة الذي حول وجهة السائح السعودي من الخارج إلى الداخل وهذا ثابت بالأرقام فقد أصدرت (ساما) تقريرها عن نشاط البطاقات الائتمانية الذي أظهر تراجعاً في الصرف بالعملات الأجنبية خلال الأربعة أشهر الماضية ووصل التراجع إلى 25 % في شهر نوفمبر في المقابل زادت المبالغ التي خصمت من نقاط البيع بالريال السعودي بحوالي 30 % وهذا يعني بالضرورة تحول الإنفاق على السياحة من الخارج إلى الداخل كما أن أعداد الحاصلين على التأشيرة السياحية أكثر من 200 ألف سائح وهذا يدعم دخول أموال أجنبية للاقتصاد السعودي عن طريق السياحة وكما هو معلوم بأن معدل مساهمة السياحة في الناتج المحلي يتجاوز 10 % في الدول التي لديها اهتمام بصناعة السياحة، في المملكة تمثل مدخلات السياحة بما فيها الحج والعمرة 3 % فقط وتستهدف الحكومة في رؤيتها 2030 إلى استقبال 100 مليون زيارة في السنة لتكون بذلك بين أكثر خمس دول تستقبل السياح على مستوى العالم وترفع معدل دخل السياحة إلى 10 % من الناتج المحلي كما أن قطاع نشاط المؤتمرات والمعارض يعد من أهم الخدمات وأعلاها دخلاً والإعلان عن إنشاء معارض على مستوى عالمي سوف يدعم هذه الخدمة، إن الاهتمام بقطاع السياحة والترفيه سوف يعزز الاستثمار فيه وهذا ينتج عنه نمو في الناتج المحلي والأهم هو توليد المزيد من الوظائف والأرقام تشير إلى أن وظيفة واحدة من كل عشر وظائف تأتي من قطاع السياحة وهذا القطاع هو الوحيد الذي لا يخفض التطور التقني أعداد الوظائف لأنه يحتاج إلى العنصر البشري لتشغيله.
أما العامل الرابع الذي سوف يدعم نمو الاقتصاد السعودي هو التوجه لدعم المحتوى المحلي في المشتريات والخدمات والتي سوف تنفذها الهيئة العامة للمشتريات بدءاً من عام 2020 ولاحظنا مؤخراً في عقد العدادات الذكية لشركة الكهرباء أن حوالي 30 % من المشتريات خصص للمحتوى المحلي وهذا سوف يدعم بشكل كبير الشركات والمصانع وقطاع الخدمات وسوف يتنج عنه زيادة في فائض الميزان التجاري ونمو القطاع غير النفطي وتوليد المزيد من الوظائف، كما أن إطلاق بنك الصادرات هذا العام برأس مال 30 مليار ريال سوف يدعم المصانع السعودية ويزيد من معدلات التصدير وقدرتها على الوصول للأسواق العالمية وخصوصاً أن جودة المنتج السعودي لا تقل عن المنتجات العالمية.
تشير تقديرات المدى المتوسط لمعدلات نمو الناتج المحلي إلى تحقيق نمو بحوالي 2.3 % في العام 2020، ويتوقع استمرار وتيرة النمو للسنوات القادمة مع بدء المشروعات والأنشطة التي تعتزم الحكومة إطلاقها.
(( منقووووووووول ))
مواقع النشر (المفضلة)