نجحت، أمس، أخيرًا جهود فرق الإنقاذ في إعادة تعويم سفينة الحاويات العملاقة "إيفر جيفن" وذلك بعد 6 أيام من جنوحها لأول مرة في قناة السويس، ليتم فورًا استئناف حركة المرور داخل الممر الملاحي الأهم في العالم، فيما توقعت هيئة قناة السويس عودة الأمور إلى طبيعتها في غضون أيام. بسبب جنوحها إلى ضفة القناة في صباح الثلاثاء الماضي، أجبرت "إيفر جرين" أكثر من 400 سفينة تحمل كل شيء– بداية من النفط وانتهاءً بالماشية – على الانتظار على طرفي القناة لنحو أسبوع مما تسبب في وضع المزيد من الضغوط على سلسلة الإمداد العالمية التي لا تمر بأفضل أيامها منذ انتشار وباء "كورونا".احتفلت فرق الإنقاذ ظهر أمس بعد أن تمكنت من تعويم السفينة التي يزيد وزنها على الـ220 ألف طن عبر عملية مضنية عملت خلالها فرق من القاطرات والجرافات على مدار الساعة تحت إشرف خبراء من هيئة قناة السويس وشركة "سميت سالفدج" الهولندية.400 مليون دولار في الساعة تعويم السفينة، أمس، أنهى أيامًا ستة تابع خلالها العالم أجمع باهتمام بالغ جهود إعادة فتح القناة التي يمر عبرها 12% من التجارة العالمية وحوالي مليون برميل من النفط يوميًا، مما تسبب في تعطيل حركة مئات السفن التي فضل بعضها عدم الانتظار ولجأ إلى طريق الرجاء الصالح الأكثر خطورة وتكلفة.بعد أن تم تعويم السفينة أصبح السؤال الذي يشغل بال الجميع الآن هو: من يتحمل تكلفة الخسائر التي تكبدتها الأطراف المختلفة بما في ذلك شركات الشحن وهيئة قناة السويس وأصحاب البضائع؟ فوفقًا لتقديرات شركة بيانات الشحن "لويدز ليست إنتيليجنس" تسبب جنوح "إيفر جيفن" في تعطيل بضائع بنحو 400 مليون دولار كل ساعة.في اليوم الواحد تمر عبر القناة باتجاه الغرب سفن محملة ببضائع تقترب قيمتها من 5.1 مليار دولار، فيما تحمل السفن التي تمر باتجاه الشرق بضائع بقيمة تقترب من 4.5 مليار دولار في اليوم الواحد، وذلك بحسب تقديرات شركة "لويدز ليست إنتيليجنس". في الوقت نفسه أشار الفريق أسامة ربيع رئيسة هيئة قناة السويس إلى أن خسائر القناة بسبب أزمة السفينة تصل لـ15 مليون دولار يوميًا.بالحديث عن المسؤولية، تقول شركة "إيفر جرين لاين" التايوانية المؤجرة للسفينة "إيفر جيفن" إن الشركة اليابانية "شوي كيسن كايشا" مالكة السفينة هي المسؤولة عن الخسائر. فيما تقول الشركة اليابانية إنها بالطبع تتحمل بعض الخسائر ولكن الشركة المستأجرة بحاجة إلى التعامل مع المطالبات المتوقعة من أصحاب البضائع. أما هيئة قناة السويس فتنفي أي مسؤولية لها أو لملاحيها عن الحادث وتوابعه.
شركات التأمين ضد شركات التأمين! بغض النظر عن هوية المسؤول، من المتوقع أن يبدأ في الساعات المقبلة مالكو البضائع الموجودة على متن "إيفر جيفن" وغيرها من السفن التي تعطلت بتعطل القناة في مطالبة شركات التأمين الخاصة بهم بتعويضات عن الخسائر التي تكبدوها جراء الأزمة، وساعتها ستقوم شركات التأمين برفع دعاوى ضد الشركة اليابانية المالكة لـ"إيفر جيفن" التي ستلجأ بدورها هي الأخرى إلى شركة التأمين الخاصة بها بحثًا عن الحماية.من جانبها قالت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش" إن إعادة تعويم "إيفر جيفن" يضع حدًا للفاتورة الإجمالية للخسائر التي تسبب فيها جنوح السفينة، قبل أن تشير إلى أن التعويضات قد تصل بسهولة إلى مئات الملايين من اليوروهات، مما يشكل خسائر كبيرة لصناعة إعادة التأمين العالمية.وإعادة التأمين، لمن لا يعرف، هو التأمين الذي تشتريه شركة التأمين من شركة تأمين أخرى لتفصل نفسها (جزئياً على الأقل) عن خطر المطالبات الكبيرة. وهذا يعني أن عقد إعادة التأمين هو عقد يحول أو ينقل المؤمن المباشر بمقتضاه إلى شركة تأمين أخرى بعض الأخطار التي يلتزم بتغطيتها أمام المؤمن له الأصلي.وفقًا لوكالة "فيتش" من المرجح أن تزيد الخسائر الناجمة عن الأزمة التي دامت لنحو اسبوع من الضغوط الواقعة على صناعة إعادة التأمين العالمية التي تعاني بالفعل من المطالبات المتعلقة بالخسائر المرتبطة بعواصف الشتاء الأمريكية والفيضانات الأسترالية، وقبل ذلك كله الخسائر المرتبطة بفيروس كورونا.وفي ذات السياق، قال رئيس قسم الممارسات البحرية بشركة المحاماة "كينيديز" إنه لا يستبعد أن تزيد قيمة مطالبات التأمين على 250 مليون دولار، مشيرًا إلى الأموال الكثيرة التي من المتوقع أن تحصل عليها فرق الإنقاذ الهولندية، فضلًا عن تكاليف التكريك والحفر.من المقرر أن تحصل شركة الإنقاذ البحري الهولندية "سميت سالفدج" التي شاركت في جهود إعادة تعويم "إيفر جرين" على رسوم تقدر بعشرات الملايين من الدولارات من مالكي السفينة، وذلك استنادًا لاتفاقية الإنقاذ البحري الصادرة عن هيئة اللوديدز سنة 1980 والمعروفة باسم " Lloyd's Open Form" والتي تتيح لفرق الإنقاذ الحصول على رسوم تعتمد على قيمة السفينة والشحنة حال نجاحهم في إنقاذها.3 مليارات دولار متاحة لتغطية مطالبات التأمينيبدو أنه مع كل هذه الخسائر والتكاليف هناك طرف آخر سيتحملها غير الشركة مالكة السفينة. قال "نيك شو" الرئيس التنفيذي لمنظمة تضم مجموعة من المؤسسات غير الربحية المعروفة باسم "نوادي الحماية والتعويض" أو " P&I clubs" إن مبلغًا إجماليًا تقترب قيمته من 3.1 مليار دولار متاح أمام شركة "شوي كيسين كايشا" مالكة السفينة لتغطية خسائرها المتوقعة جراء الأزمة بما في ذلك مطالبات التأمين التي من المرجح أن تطلبها الأطراف المتضررة."نوادي الحماية والتعويض" هي عبارة عن مؤسسات غير ربحية تمتلكها الشركات المالكة للسفن توفر لجميع أعضائها التأمين المتبادل ضد المخاطر التي قد تنتج عن تورطهم مع أطراف ثالثة. وتشمل هذه المخاطر على سبيل المثال مخاطر فقدان البضائع أو تلفها، والتلوث الناتج سواء عن السفينة أو حمولتها، والتأخير والخسائر في الأرواح والاصطدام بسفينة أخرى.في النهاية، ستتضح معالم الأمور بشكل أكبر خلال الأيام المقبلة، وذلك بمجرد أن تنتهي التحقيقات التي تجريها حاليًا هيئة قناة السويس مع طاقم سفينة "إيفر جيفن" التي تم سحبها الآن لتستقر في البحيرات المرة بالإسماعيلية.المصادر: أرقام – وول ستريت جورنال – بلومبرج – فاينانشيال تايمز -- رويترز
مواقع النشر (المفضلة)