لإمكانياتهم الكبيرة وخبراتهم الواسعة في إدارة الأصول وقدراتهم التحليلية التي تمنح المستثمرين قدرًا كبيرًا من الأمان والطمأنينة، تبدو الاستعانة بمستشار استثماري خيارًا صائبًا خاصة عند خوض المغامرة الأولى في سوق الأسهم.تجند شركات الاستشارات الاستثمارية نخبة من خبراء التحليل وتمدهم بالتقنيات اللازمة، فقط من أجل استقراء اتجاهات الأسواق ومنح العملاء أفضل نصيحة ممكنة، مقابل حصة (رسوم) من العائدات التي يعدون أصحاب رأس المال (المستثمرون) بتحقيقها.لا يخفى على أحد، كثيرًا ما يخفق هؤلاء، وحتى المؤسسات الاستثمارية الضخمة التي تملك رؤية وثروة من الأصول خاصة بها؛ لا أحد كبيرًا على الإخفاق في سوق الأسهم، لكن الخسارة عند الاستعانة بمستشار استثماري تبدو خسارة مضاعفة، مرة حينما أخفق الرهان ومرة حينما أهدر المستثمر رسومًا مقابل نصيحة واهية.لعل من تعاون مع أحد المستشارين شعر مرة (أو مرات عدة) بالندم على الرسوم التي يدفعها نظير هذه التوجيهات، والتي كما أنها قد تكون دقيقة، فربما تكون مضللة أو ببساطة غير مجدية ودون تأثير على الاستثمار، لذا من الطبيعي والصحي أن يتساءل المستثمر والمستشار على حد سواء، عما يجب تقديمه مقابل هذه الرسوم.إذا كانت الإجابة هي "التفوق على السوق"، وهي إجابة مؤسفة ومنتشرة نوعًا ما في السوق، فقد حان الوقت لإعادة تقييم العلاقة بجدية، الحقيقة هي أن معظم الأشخاص الذين يتقاضون أجرًا مقابل تحقيق عوائد أعلى من سوق الأسهم ككل لا يمكنهم تحقيق ذلك.هناك الكثير من الأسباب الوجيهة للدفع لمستشار أو مدير صندوق للمساعدة في التعامل مع استثمارات المرء، ولكن التفوق على مؤشر رئيسي مثل "إس آند بي 500" ليس من بينها، وفقًا لما تقوله البيانات، وربما لن يحدث ذلك على الإطلاق.
ماذا تقول البيانات؟- تُظهر البيانات من مؤشري "داو جونز" و"إس آند بي 500" أن 60% من مديري صناديق الأسهم ذات رؤوس الأموال الكبيرة كان أداؤهم دون مستوى "إس آند بي 500" في عام 2020، وكان هذا العام الحادي عشر على التوالي الذي يخسر فيه غالبية مديري الصناديق في السوق.- قدم "إس آند بي 500" عوائد معدلة حسب التضخم بنحو 7% سنويًا، في المتوسط، على مدار الأربعين عامًا الماضية، لذلك وللتفوق على السوق، سيحتاج المستشار المالي إلى تصميم محفظة تحقق عوائد أفضل من ذلك.- هل من الممكن تحقيق ذلك في سنة معينة؟ بالتأكيد، فالكثير من المستثمرين ومديري الصناديق المشتركة يفعلون ذلك، لكن هل من الممكن التنبؤ بمن سيفعل ذلك، وهل الاحتمال يبرر الرسوم التي يتقاضاها مديرو الصناديق المرموقة، والتي يعمل الكثير منها على نموذج "اثنين &عشرين" (2% من قيمة المحفظة بالإضافة إلى 20% من الأرباح).- كثيرًا ما جادل الملياردير "وارن بافيت"، بأن المحفظة البسيطة المرتبطة بالسوق، بالنسبة لمعظم الناس، هي استراتيجية استثمار أكثر ذكاءً من محاولة اختيار الأسهم الرابحة.- في يناير عام 2008، اختبر "بافيت" فكرته عندما راهن أمام مدير صندوق تحوط بارز بمليون دولار على أن صندوق يتتبع مؤشر "إس آند بي 500" سيحقق عوائد أفضل على مدى 10 سنوات من محفظة صناديق التحوط الفاخرة والمكلفة والتي تتكون من أسهم مختارة نشطة.- قدم بافيت هذا الرهان قبل انهيار سوق الأسهم في الأزمة المالية في نفس العام، ومع ذلك، بحلول عام 2015، لوّح مدير صندوق التحوط بالراية البيضاء واعترف بأنه خسر؛ حيث حقق صندوق المؤشر الذي اختاره "بافيت" 7.1% سنويًا مقابل 2.2% فقط لصندوق التحوط.
طرح غير منطقي- رسوم الاستثمار هي أحد العوائق الرئيسية للتفوق على السوق، إذا كان المستثمر يتبنى النصيحة الشائعة للاستثمار في صندوق يتتبع المؤشر بدلاً من الأسهم الفردية، فيجب أن يكون أداء صندوقه مطابقًا لأداء "إس آند بي 500" سواء كان جيدًا أو سيئًا.- لكن ستخصم رسوم الاستثمار من تلك العوائد، لذلك لن تضاهي المؤشر تمامًا في النهاية، ولا يجب الاهتمام بالتفوق على المؤشر، وإنما البحث عن صناديق المؤشرات ذات الرسوم المنخفضة للغاية التي تتراوح من 0.05% إلى 0.2% سنويًا، وسيقترب حينها من معادلة السوق، رغم أنه لن يتفوق عليه.- الضرائب هي عائق رئيسي آخر أمام التفوق على السوق، فعندما يدفع المستثمر ضريبة على عوائد استثماره، فإنه يفقد حصة كبيرة من أرباحه، يتراوح معدل ضريبة أرباح رأس المال في أمريكا بين 15% و20%، ما لم يكن الدخل منخفضًا جدًا، وهذه هي الضريبة على الاستثمارات المحتفظ بها لمدة عام على الأقل، فيما تخضع الأسهم المحتفظ بها لمدة أقصر للضريبة كدخل عادي.- يشكل السلوك النفسي للمستثمر حاجزًا ثالثًا أمام التفوق على السوق، حيث يميل معظم الناس إلى ال**** بسعر مرتفع والبيع بسعر منخفض لأنهم يميلون إلى ال**** عندما يكون أداء السوق جيدًا والبيع بدافع الخوف عندما يبدأ السوق في الانخفاض.
المستشار الصالح- هناك أيضًا مسألة مهمة، عند اختيار مستشار مالي، يعاني العديد من المستثمرين للاختيار بين الرغبة في مخضرم يمكنه التفوق على السوق وعدم الرغبة في المخاطرة كثيرًا من أجله، ومن الناحية المثالية، سيجدون شخصًا لتحقيق أقصى قدر من العائد وتقليل المخاطر، ولكن حتى أفضل المستشارين وأكثرهم ذكاءً لا يمكنهم القيام بالأمرين معًا باستمرار.- بالنسبة للمستثمرين، يتمثل التحدي الحقيقي في وضع توقعات واقعية لما يمكن لمستشارهم وما لا يستطيع القيام به، وفي غضون ذلك، يعلم المستشارون أن إجبار العملاء على الاختيار بين تكوين الثروة أو الحفاظ على الثروة يخلق توترًا.- لا يحتاج مستشارو الاستثمار إلى القلق بشأن التفوق على السوق لأن هذه ليست في الحقيقة وظيفة المستشار الجيد، والذي سيعمل مع المستثمر على أهدافه المالية متوسطة وطويلة المدى، بطرق لا يمكن للتطبيقات أو الخوارزميات تكرارها.- كما هو الحال مع حكمة بافيت البطيئة والثابتة، ليس هناك طرق مثيرة لكسب المال بسرعة في السوق، وإذا وعد المستشار المستثمر بأموال سريعة، فمن الأفضل للأخير أن يبدأ البحث عن مستشار جديد.- من المهم تذكر أن أفضل طريقة لتجنب الشعور بخيبة الأمل تجاه المستشار الاستثماري هي ألا يجهز المستثمر نفسه لخيبة الأمل، وبغض النظر عن مدى ثقته (المستشار) في نفسه، تُظهر البيانات أن اختياراتهم الاستثمارية لن تتفوق على أي حال من الأحوال على مؤشر رئيسي كـ"إس آند بي 500".- بغض النظر عما يفعله المستثمر بأمواله، يجب ألا يدفع أبدًا لشخص مقابل وعد لا يستطيع الوفاء به، والمستشار الواقعي سيخبره بذلك من البداية.المصادر: أرقام- موني وايز- إنفستوبيديا- ***** ووتش
مواقع النشر (المفضلة)