في الوقت الذي يتسابق فيه العلماء لابتكار آلات أكثر ذكاءً، يطرح كثيرون تساؤلات حول العواقب الوخيمة المترتبة على تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل يجعل الآلات متفوقة على البشر، حتى تحل في النهاية محلهم في وظائفهم، مما لا يشكل تهديدًا على الوظائف أو العلاقات الإنسانية فحسب، بل يهدد الحضارة نفسها.
ويرى عالم الحاسب الآلي البريطاني ستيوارت راسل في كتابه "ملائم للبشر .. الذكاء الاصطناعي ومشكلة التحكم" الصادر عام 2019، أن هناك إمكانية لتجنب هذا السيناريو، إذا ما أعاد البشر التفكير في الذكاء الاصطناعي بشكل مختلف.
ويبدأ راسل كتابه باستكشاف فكرة الذكاء لدى كل من البشر والآلات، مشيرًا إلى المزايا التي يوفرها الذكاء الاصطناعي بما في ذلك المساعدون الرقميون، وتقدم البحث العلمي بشكل سريع، كما يشير راسل على الجانب الآخر إلى إساءة استخدام البشر للذكاء الاصطناعي،من خلال ابتكار أسلحة فتاكة ذاتية التشغيل، والقيام بهجمات سيبرانية.
كما يتناول راسل عدة أمثلة على اتجاه الشركات الكبرى لتطوير الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، من بينها توقيع شركة "مايكروسوفت" عقدًا بقيمة مليار دولار، مع شركة "OpenAI" الأمريكية، لبناء نظام ذكاء اصطناعي يحاكي الدماغ البشري.
تحديات في الطريق
- رغم التقدم الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي، إلا أن راسل يرى أن الطريق لا يزال طويلاً قبل أن يتمكن مهندسو الحاسوب من إنشاء أنظمة ذكاء اصطناعي تحاكي الدماغ البشري. وحدد راسل التحديات العديدة التي يواجهها مهندسو الحاسوب، بما في ذلك وصول الآلات إلى مرحلة تتمكن بها من تحويل الكلمات إلى حوار مترابط وموثوق.
- هذا بالإضافة إلى تعلم الآلات إدارة مواردها المعرفية، حتى تتمكن من الوصول إلى قرارات جيدة بسرعة. ويؤكد راسل أن هذه ليست العقبات الوحيدة التي تقف في طريق مهندسي الحاسوب، لكن هذه الأمثلة تعطي لمحة عما يواجهه المهندسون، الذين يرى راسل أنهم قد ينشغلون بحل هذه العقبات لمدة 80 عامًا، لكنه مع ذلك يؤكد أنه لا يمكن التنبؤ بالتوقيت الذي قد يتغلبون فيه على هذه العقبات.
- يرى راسل أن الآلة التي ستكون قادرة على فعل كل ما سبق، سوف تصبح صانعة قرار رائعة، مشيرًا إلى أن مثل هذه الآلة سوف تستخلص كميات هائلة من المعلومات من الإنترنت، والتلفزيون، والراديو، والقمر الصناعي، وكاميرات المراقبة، وبذلك سوف تكتسب فهمًا ومعرفة متطورة للعالم وسكانه، أكثر مما يأمل أي إنسان.
إيجابيات وسلبيات
- ناقش راسل في كتابه العديد من المزايا التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في كل المجالات، بما في ذلك التعليم والطب وإمكانية فهم جسم الإنسان المعقد على نحو أكبر، مما يسمح بعلاج الأمراض، هذا بالإضافة إلى تصميم مساعدين رقميين أكثر تطورًا، مما يوفر مساعدين افتراضيين في مجالات عدة بما في ذلك المحاسبة والمحاماة تحت الطلب في أي وقت.
- على الجانب الآخر يشرح راسل سلبيات تطور الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك منح الحكومات صلاحيات أكبر فيما يخص المراقبة والسيطرة، وهذا بالإضافة إلى الأسلحة الفتاكة مثل الروبوتات القاتلة، والطائرات بدون طيار التي تستهدف الأشخاص وتقتلهم بناءً على بصمات وجوههم، أو لون بشرتهم، أو زيهم.
- في النهاية يقترح راسل من أجل تجنب السيناريوهات السيئة ومخاطر الذكاء الاصطناعي، إعادة بناء الذكاء الاصطناعي على أساس جديد، بحيث يتم تصميم الآلات لتلبية أهداف محددة، حتى لا تكون الآلات في النهاية أقوى من البشر.
المصدر: الجارديان
مواقع النشر (المفضلة)