المخاطر تعني إمكانية حدوث أمر معين يمكن أن يؤثر في المسيرة الطبيعية للمنظمة، وبالتالي هذا التأثير قد يمتد إلى نحو إمكانية تحقيق الأهداف الاستراتيجية أو التنفيذية أو التأثير في مسيرة المشاريع والمبادرات أو أي تأثير يمكن أن يواجه المنظمة. لذلك تطور علم إدارة المخاطر ليساعد على التعامل مع الأخطار المحتملة، والتخفيف من آثارها وفق سياسات تحددها إدارة المنظمة وأصحاب المصلحة من خلال تحليل لتكاليف حدوث المخاطر، والعوائد من تجنبها أو معالجتها، ودرجة التحمل المقبولة في المنظمة لتلك المخاطر. إدارة المخاطر تسهم في إعادة توجيه السياسات والإجراءات التي نشأ بسببها الخطر. وبحسب منظمة المعايير الأسترالية لعام 1999، فإن مجموعة المخاطر تشمل: المخاطر التجارية، المخاطر التشريعية، المخاطر البشرية، المخاطر الطارئة.
الفساد بحسب منظمة الشفافية الدولية ti يعني إساءة استخدام السلطة الموكلة لتحقيق مكاسب خاصة، كما يعرف بأنه انعدام المصداقية أو الاستخدام غير الأخلاقي للسلطة الموكلة لشخص ما في تحقيق مكاسب خاصة.
وهنا يمكن إدراج الفساد ضمن المخاطر التي يجب أن يتنبأ بها كل جهاز، ويسعى للحد منها ومعالجة آثارها الجزئية والكلية على الاقتصاد. في دليل أعده مكتب الأمم المتحدة بعنوان "حالة النزاهة .. دليل لتقييم مخاطر الفساد في المؤسسات العمومية"، يؤكد الدليل أهمية القضاء على الفساد كمقوم أساس في طريق تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
يؤكد الدليل أن الفساد ظاهرة دائمة التطور وتتأثر بعوامل مختلفة. ومن أهم أشكالها: تقديم أو طلب الرشوة، والاختلاس، وإساءة استغلال السلطة، والمتاجرة بالنفوذ، والثراء بطرق غير معروفة أو غير مشروعة، وغسل الأموال. في حين وقع أي من المظاهر السابقة تكون جريمة الفساد قد وقعت، لكن للحد من ذلك تجب دراسة مخاطر الفساد ومعالجتها قدر الإمكان.
إن دراسة المخاطر المتعلقة بالفساد يمكن أن تسهم في رسم سياسة تطويرية للتشريعات والأدوات التنفيذية والرقابية للحد من ظاهرة الفساد، ومتابعة أسبابها ومعالجتها قبل حدوثها.
عملية تقييم المخاطر المتعلقة بالفساد يمكن أن تمر من خلال مجموعة من الخطوات. تبدأ من خلال تحديد السياق، وفيه تقييم بيئة عمل المنظمة، ودراسة المهام والوظائف وأصحاب المصلحة. ثم تحديد المخاطر، ووضع احتمالات لمخططات الفساد، والسيناريوهات المحتملة. ثم تحليل تلك المخاطر من خلال استعراض الوثائق والضوابط والسجلات الداخلية لتقييم احتمالية وجود الخطر. ثم تقييم المخاطر، من خلال تقييم احتمالية حدوث مخاطر الفساد، وتأثيرها، وترتيبها حسب درجة الخطر، ووضع خطة التصدي المناسبة. ثم في الخطوة الأخيرة يتم وضع معالجة الخطر، من خلال استعراض الضوابط القائمة، وتحديد مدى الحاجة إلى إنشاء أو تعديل تلك الضوابط، ووضع خطة التخفيف من حدة المخاطر وتنفيذها.
ومن أجل إنجاح هذه العملية، يجب أن تلتزم المنظمة أثناء عملية تقييم المخاطر، باستخدام الموارد المتوافرة لها بفعالية للحد من الفساد، من خلال التركيز على المخاطر ذات الأهمية والاحتمالية الأعلى، ووضع المعالجات الأكثر جدوى والأقل تكلفة. إضافة إلى الاهتمام بالتشريعات والأدوات الرقابية، فإنه يجب التركيز على مجالات التوعية وتقديم الاستشارات للموظفين لحمايتهم من الوقوع في الخطر، لمساعدتهم على معالجة ما قد يقع قبل أن تتطور تلك الممارسات وتزيد من سوء الوضع.
مواقع النشر (المفضلة)