يترقب المستثمرون المهتمون بأسواق المال، نهايات الفصول المالية الأربعة على مدار العام، باهتمام شديد، وذلك بطبيعة الحال ليس لمجرد كونها فواصل زمنية، ولكن أهميتها تتعدى هذا وقد تكون محركة ومغيرة لكثير من الاتجاهات.
هذه الفترات مهمة للغاية للأسواق، لأنه يصحبها صدور بيانات من أغلب الشركات والمحللين والوكالات الحكومية والبنوك المركزية، والتي قد تعطي انطباعًا وفكرة مختلفة حول جميع الأسواق أو المؤشرات الاقتصادية في نهاية الربع المالي.في أمريكا على سبيل المثال، هناك اعتقاد سائد في الدوائر المالية بأن صناديق التحوط وصناديق التقاعد وشركات التأمين تعيد دائمًا موازنة محافظها الاستثمارية في نهاية كل ربع سنوي، وفي حين أنه لم يتم تقديم أي دليل حول هذه الممارسة، فإن الفكرة ذاتها تعزز المفهوم حول أهمية نهاية الفصل.حتى لو لم يقم اللاعبون الماليون الرئيسيون دائمًا بإعادة التوازن في نهاية الربع، يستخدم العديد من المستثمرين هذا الوقت لإعادة تقييم إدارة محافظهم الخاصة، وتغيير الأصول التي تتألف منها المحفظة أو تحديد أهداف جديدة للمحفظة.من الجيد طبعًا أن يراقب المستثمرون استثماراتهم من وقت لآخر، ولكن نادرًا ما تصدر الكثير من المعلومات الجديدة والقابلة للتنفيذ، بخلاف الحال خلال نهاية الربع.الآن ومع إقبال نهاية الربع الأول من عام 2021، فإن التغيرات المرتقبة في وول ستريت قد تكون أوسع من تلك المتعلقة بشركة بعينها أو قطاع محدد، حتى أن التأثير فيها قد يتجاوز هذه البيانات الدورية التي تترقبها الأسواق، خاصة أن التقلبات كانت واضحة بشدة في الأسابيع القليلة الماضية.مقدمات تستوجب القلق- بعد عام مثير للحماس والقلق من جراء تداعيات الوباء، يتطلع المستثمرون إلى عام 2021 باعتباره عام التعويض والاستقرار، لكن مع التشكيك في قدرة الاحتياطي الفيدرالي على المرور بالأسواق بهدوء في الأشهر المقبلة، تجددت التقلبات في الأسابيع الأخيرة.- تشهد وول ستريت بالفعل ارتفاعًا في العلاوات، التي سجلت زيادة متوسطة بنسبة 10% خلال العام الماضي، بفعل التقلبات وتزايد عمليات الطرح الأولي، وفي ظل مخاوف من حدوث تصحيح واسع النطاق في السوق.- حتى أسواق الدين كانت متقلبة على الصعيد الأمريكي والعالمي، حيث اضطرت دول مثل الهند إلى إلغاء عمليات لبيع سندات دولارية مع ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأمريكية، والتي ضغطت بالفعل على أسواق الأسهم وكانت سببًا في التقلبات الأخيرة.
- التقلبات قد تعود أكثر قوة هذه المرة، ويمكن أن تتعرض الأسهم للضغط في نهاية الربع السنوي الجاري، هذا الأسبوع، حيث تشتري صناديق التقاعد والمستثمرون الكبار السندات، ويبيعون الأسهم لإعادة توازن محافظهم الاستثمارية.- أدى التحرك الدراماتيكي لأعلى في عوائد السندات إلى إعداد مديري الصناديق خطط تحويل لحيازاتهم، من أجل تعويض النقص في حيازات السندات، وقد يتحول التركيز أيضًا إلى مؤشرات الاقتصاد الكلي.- من المتوقع صدور تقرير الوظائف الأمريكية لشهر مارس يوم الجمعة، ومن المنتظر الكشف عن خطط البنية التحتية للبيت الأبيض يوم الأربعاء، وهناك أيضًا بيانات مؤشر "آي إس إم" لقطاع التصنيع ستصدر يوم الخميس.هدوء ما قبل العاصفة- يقول بيتر بوكفار، كبير محللي الاستثمار في "Bleakley Advisory" الاستشارية، إنه الأسبوع الأخير من الربع، لذا قد يكون هناك الكثير من الضجيج المتعلق بذلك، ويبدو أن السندات العشرية الآن في نطاق 1.60% إلى 1.70%، فيما يحاول الناس فقط إيجاد موطئ قدم لهم في السوق.- مع ذلك، يقول بعض الاستراتيجيين إن التداولات في نهاية الربع قد تكون إيجابية بالنسبة للأسهم، وخاصة شركات التكنولوجيا ذات القيمة السوقية الضخمة، وذلك مع توقف عائدات سندات الخزانة عن الارتفاع (مؤقتًا).- خلال هذا الربع ارتفع -حتى الآن- مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 5.8%، فيما ارتفع مؤشر "داو جونز" بنسبة 8%، وزاد مؤشر "ناسداك" بنسبة 1.9%، أما السندات فكانت تحركاتها أكثر دراماتيكية، حيث إن مستوى العائد الحالي هذا يأتي ارتفاعًا من 0.93% في نهاية العام الماضي.- يقول محللون إن عائد السندات العشرية الأمريكية، أصبح الآن في "مقعد القيادة" لأنه يؤثر على الرهون العقارية ومعدلات التمويل الرئيسية الأخرى، وهناك من يتوقع وصوله إلى 2% بنهاية العام الجاري، لكن على أن ينخفض على المدى القصير بفعل مشتريات الصناديق الكبيرة.- من المتوقع أيضًا أن تشهد الأسواق حالة من التحول إلى أسهم القيمة والدورية، في ظل التوقعات بارتفاع العائد على سندات الخزانة، وهو ما يعني ضغوطاً على أسهم النمو، خاصة المرتفعة قيمته منها.
يتبع
مواقع النشر (المفضلة)