تأثرت الأسواق العالمية والمحلية بجائحة كوفيد - 19، كورونا، منذ بدايتها نهاية عام 2019 وبلغت ذروة تأثرها في آذار (مارس) العام الماضي 2020، حيث حققت قيعانا بعيدة عن أعلى مستوياتها التي وصلت إليها قبيل بداية الأزمة.
بعد ذلك شهدت الأسواق ارتفاعات كبيرة تجاوزت الـ100 في المائة من قيعانها ولا تزال تسير في اتجاهات صاعدة رغم دخول بعضها في مسارات تعد تصحيحية حتى الآن، خلال استمرار الجائحة بدل الفيروس ثيابه عدة مرات عبر متحورات جديدة تارة باسم دلتا وتارة باسم مو، لكن ثوبه الأخير الذي أطلقت عليه منظمة الصحة العالمية "أوميكرون"، يبدو أنه ثوب سيصاحبه عدد من التغيرات في الأسواق ذلك لعدة أسباب، منها ما هو متعلق بقوة المتحور وسرعة تأثيره وانتشاره وخشية العالم من التحضير لموجة إغلاقات أخرى، كما حدث العام الماضي، ومنها ما هو متعلق بالأسواق نفسها من حيث رغبتها في محطة استراحة بعد عطاء كبير خلال مدة قاربت عامين بدعم من عوامل أخرى؛ كارتفاع التضخم ووصوله إلى نسب تاريخية في الولايات المتحدة، وتوقعات برفع "الفيدرالي" أسعار الفائدة، وبالتالي ارتفاع الدولار - الوحش - الذي تهاب منه معظم الأسواق؛ إن لم تكن كلها.
أخيرا بدا المتحور الجديد "أوميكرون" قريبا في ملامحه من الملامح التي سبقت موجة الإغلاقات العام الماضي من حيث ارتفاع عدد الإصابات وسرعة انتقاله وانتشاره؛ ما دعا إلى فرض بعض الدول الأوروبية موجة إغلاقات أخرى مما يطرق باب خوف الدول الأخرى من حذو الطريق نفسه.
وعودا على الحديث عن الأسواق، فلا يزال "داو جونز" و"إس آند بي 500" وكذلك خام برنت حتى تاسي - المؤشر العام للسوق السعودية - داخل نطاق جني أرباح ممكن أن يمتد لموجة تصحيح مع احتمال ارتفاع تأثيرات "أوميكرون" الجديد، إلا أن احتمال الخروج من دائرة جني الأرباح واستكمال الصعود مرة أخرى ما زال واردا، إلا أنه من وجهة نظر شخصية فالاستمرار داخل نطاق جني الأرباح أو التصحيح هو الأقرب من الناحية الفنية، وكذلك من حيث العوامل الأخرى التي ذكرنا بعضها بداية المقال، والفصل في ذلك يعود إلى مدى قدرة الأسواق على تجاوز قممها الأخيرة أو على الأقل تجاوز متوسط 50 يوما لمدة يومين مع عودة السيولة لسابق عهدها قبل دخولها في موجة الأرباح الحالية.
من جهة أخرى، وتحديدا المؤشر العام للسوق السعودية، فلا يزال يتذبذب داخل نطاق كبير بين 11500 و10600 نقطة، وهو مجال واسع يقارب 900 نقطة، والحسم سيكون باختراق أو كسر إحدى هاتين المنطقتين شمالا أو جنوبا. وعند الحديث عن المؤشر العام، فلا بد من التذكير بنهاية العام الميلادي وهي ختام القوائم المالية لمعظم الشركات في السوق، ومنها شركات قطاع "البتروكيميكل" التي يتوقع منها نتائج إيجابية في الربع الأخير من العام الحالي، لذلك تشهد معظم شركات القطاع معدلات سيولة جيدة في الفترة الماضية وسرعة في الارتداد من قيعانها التي حققتها منذ منتصف الشهر الماضي، لذلك هذا القطاع سيكون محط أنظار المستثمرين، إضافة إلى القطاع البنكي الذي سيكون أكبر المستفيدين من رفع الفائدة في المستقبل القريب. والمستثمر يصنع من أي أحداث تمر بها الأسواق فرصا ثمينة خلافا للمضارب الذي يهتم بالمدى القريب.
مواقع النشر (المفضلة)