لا أنظر لشركات الألبان على أنها تنتمي للقطاع التجاري بقدر ما تنتمي لمنظومة الأمن الغذائي الوطني، فقطاع الألبان اليوم مع نضوج تجربته واستقرار نشاطه وثبات نموه هو من أهم العوامل التي تدعم الأمن الغذائي السعودي!
لدينا في المملكة اليوم ١٢ شركة لإنتاج الألبان ومشتقاتها، حققت الكثير من منتجاتها الاكتفاء الذاتي لاحتياجات المملكة، ونجحت في الحصول على حصص هامة من السوق الإقليمي، فشركات الألبان السعودية تنتج حوالى ٧ ملايين لتر يوميا بما يتجاوز ١٨ مليون عبوة لنحو ٣٥ منتجا من الحليب الطازج ومشتقاته، وبلغ إسهام المحتوى المحلي في قطاعها أكثر من ٧ مليارات ريال ضمن الاقتصاد السعودي !
إذن نحن ننظر إلى قطاع حيوي يتجاوز قيمته التجارية إلى قيمته كصناعة حيوية تعمل في منظومة جودة متكاملة تسهم في دعم الأمن الغذائي وتأمين استدامة الغذاء الصحي الآمن والكافي لتلبية احتياجات السوق المحلي بجودة عالية ساهمت في وصوله أيضا إلى الأسواق الخارجية !
ولعل من المهم الإشارة هنا إلى إسهام هذا القطاع في توفير الوظائف، حيث يعمل فيه حوالى ١١ ألف موظف منهم أكثر من ٨٥٠٠ مواطن يعملون في شركة المراعي وحدها، ولعلي هنا أشيد بدور المعهد التقني للألبان الذي تأسس بشراكة من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وصندوق الموارد البشرية والقطاع الخاص ممثلا بشركة المراعي في الدفع بالمئات من الكفاءات الوطنية في صناعة الأغذية !
الحقيقة أن قصة نمو قطاع الألبان في المملكة ونجاح شركاته جديرة بالتأمل، فهي قصة نجاح استثمارات جريئة ونمو قام على أسس متينة تميزت بالاحترافية والكفاءة، وإيمان راسخ بقدرات الإنسان السعودي، وهو نجاح واجه الكثير من التحديات والصعاب في تحقيق الموازنة بين تكلفة الإنتاج وأسعار البيع لتلبية احتياجات السوق، ولعل أبرز هذه التحديات اضطرار الشركات لاستيراد ما نسبته ١٠٠٪ من الأعلاف من الخارج بعد وقف زراعتها في الداخل للمحافظة على الموارد المائية للمملكة، حيث تشهد أسعار الأعلاف العالمية ارتفاعا كبيرا مطردا أثر بدوره على أسعار المنتجات في السوق المحلي التي تشهد بدورها ارتفاعا طفيفا مقابل ارتفاع كلفة مدخلات الإنتاج وتكاليف الشحن على مستوى العالم !
مواقع النشر (المفضلة)