تتجه السعودية للسماح للوافد الأجنبي بالاستثمار في المهن الحرة، مقابل ضريبة تقدر نسبتها بـ 20 في المائة سنويا، بعد أن كانت هذه المهن حكرا على السعوديين، ما أدى إلى نشوء ظاهرة التستر التجاري التي كبدت الاقتصاد الوطني مليارات الريال.
ووفقا لـ "الاقتصادية"، أن الجهات الرسمية تعكف على دراسة إجراءات فرض الضريبة، التي تتوزع على نوعين، الأولى تتمثل في الحسابات النظامية الذي يقدمها الوافد الأجنبي من إيرادات ومصروفات وأرباح، بينما الإجراء الآخر يتضمن أرباحا تقديرية في حال عدم وجود أرباح، حيث ستكون بنسب محددة لكل مهنة، كقطاع المقاولات الذي تصل النسبة فيه إلى 15 في المائة، أما المهن الاستشارية تبلغ النسبة فيها 25 في المائة.
وتتيح الإجراءات للوافد الأجنبي الاستثمار في المهن الحرة ونقل الكفالة إلى نفسه، حيث يعامل كمستثمر في المهن الحرة دون وجود كفيل بعد أخذ ترخيص الاستثمار في أي مجال كالورش ومحال التموينات والمقاولات وغيرهما من المجالات التي ستخضع للأنظمة.
ويأتي هذا التوجه متوافقا مع تصريحات اطلقها الدكتور ماجد القصبي على هامش افتتاح السوق الموازية "نمو" أواخر الشهر الماضي قال فيها إن ظاهرة التستر التجاري ظاهرة غير صحية ومضرة بالاقتصاد الوطني، مبينا أن الوزارة أعدت دراسة متكاملة حول مسبباتها.
وأشار وقتها إلى أن الدراسة تتضمن وضع خطط لمعالجة تلك المسببات وتعديل الأنظمة، حيث يصبح للوافد الحق في الاستثمار ضمن ضوابط ومعايير محددة ودفع ضريبة بشكل واضح دون أن يضطر إلى التخفي.
إلى ذلك كشف لـ"الاقتصادية" مصدر مسؤول في الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، عن استكمال دراسة للحد من تفشي ظاهرة التستر التجاري، وذلك من خلال السماح للوافد بالاستثمار دون أن يضطر إلى التخفي، ودفع ضرائب بشكل واضح.
وأكد المصدر، وجود تنسيق سيتم مع الجهات المعنية لإصدار الأنظمة التي تكفل حقوق المستثمرين سواء السعودي أو الأجنبي، متوقعا أن ترى النور قريبا.
وينص نظام مكافحة التستر التجاري على أنه لا يجوز لغير السعودي في جميع الأحوال أن يمارس أو يستثمر في أي نشاط غير مرخص له بممارسته أو الاستثمار فيه بموجب نظام الاستثمار الأجنبي أو غيره من الأنظمة واللوائح والقرارات، ويعاقب المخالف لنظام مكافحة التستر التجاري بالسجن مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وأقرت "التجارة والاستثمار" الأسبوع الماضي، ستة إجراءات عملية لمكافحة ظاهرة التستر عبر استهداف القطاعات بعينها تبدأ بقطاع التجزئة ثم المقاولات، اللذين يشكلان النسبة الأعلى من حالات التستر.
وتشتمل الإجراءات الستة على مراقبة مصادر الأموال من خلال فرض فتح حسابات بنكية للمنشأة التجارية وضرورة التعامل بالفواتير، ما يقلل من الحوالات الخارجية، فضلا عن توفير معلومات دقيقة عن الممارسات التجارية المخالفة ومعالجتها «كل قطاع على حدة» لمكافحة التستر وتحفيز الاستثمار، ورفع مستوى الخدمة المقدمة للمستهلك، إلى جانب توحيد الجهود بين الجهات الحكومية في مكافحة التستر التجاري، وتوطين الوظائف، وتوفير منافسة عادلة في القطاع التجاري لتكون السوق السعودية بيئة جاذبة للمستثمرين.
وفيما علمت مصادر أن نحو 200 ألف حالة تستر في السعودية تم اكتشافها، منها 86 ألف حالة في قطاع المقاولات، و84 ألف في قطاع التجزئة، ستبدأ "التجارة والاستثمار" إجراءاتها الجديدة لمكافحة التستر التجاري بعد شهر.
وكان موفق جمال نائب الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة لتطوير المناطق والقطاعات قد أكد لـ"الاقتصادية" في وقت سابق، أن التنسيق جار مع عدة جهات حكومية على كل الإجراءات التي تتعلق بمراقبة مصادر الأموال، معللا أهمية تلك الإجراءات لتحقيق الشفافية للتعاملات التجارية في جميع منافذ البيع.
وشدد جمال، على ضرورة وجود حسابات بنكية لدى المنشآت التجارية التي تحتاج إلى دعم من مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" مع البنوك، إضافة إلى دعم فرض التعامل بالفواتير حتى يتسنى إكمال الدائرة على التعاملات التجارية في منافذ البيع.
وتتضمن مبادرة وزارة التجارة والاستثمار ضمن برنامج التحول الوطني 2020 "البرنامج الوطني لمكافحة التستر" العمل على تطوير وتحديث البنية التحتية للقطاعات، وإنشاء آلية للتمويل والحوافز لتطوير تجارة المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتجارة التجزئة، ودعم نظام الامتياز التجاري، ومن المقرر أن تسهم في ارتفاع معدل النمو والتطوير في القطاعات للحد من ظاهرة التستر، وتوفير فرص عمل للمواطنين، وخدمات ومنتجات أفضل بأسعار أكثر تنافسية وشفافية أعلى.
وتعمل وزارة التجارة والاستثمار بالتعاون والتنسيق مع عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة على تطوير التعاملات غير النقدية، وتطوير الموارد البشرية وفتح فرص وظيفية للسعوديين في مختلف القطاعات ودعم تأنيث الوظائف، ومعالجة حالات التستر الحالية، وتنظيم ومعالجة ملكية غير السعوديين.
ووفقا لـ"التجارة والاستثمار" سيتم العمل في مكافحة التستر التجاري على عدة مراحل تبدأ بقطاع التجزئة ثم قطاع المقاولات، كون هذين القطاعين يشكلان النسبة الأعلى من حالات التستر التجاري، وبعدها القطاعات الأخرى، حيث تتركز الجهود على دعم الاستثمار في القطاعات المختلفة وتمكين زيادة المحتوى المحلي من تنمية المبيعات وتحقيق شفافية الملكية وكذلك توفير وظائف جديدة.
يذكر أن وزارة التجارة والاستثمار أحالت خلال عام 1437هـ 450 قضية تستر إلى هيئة التحقيق والادعاء، وضبطت وفتشت 764 منشأة تجارية وأحالت القضايا لجهات الاختصاص لتطبيق العقوبات النظامية على المتورطين.
وتستهدف الوزارة القضاء على المصاعب التي تواجه الإجراءات النظامية لمكافحة التستر التجاري والمتمثلة في طول فترة التقاضي في قضايا التستر التجاري وعدم إبلاغ الوزارة بالأحكام الصادرة من الجهات المعنية لمتابعتها، مؤكدة أنها تتابع جلسات التحقيق وسماع الأقوال للقضايا التي ما زالت تستكمل إجراءاتها النهائية.
وتسهم المنشآت الصغيرة بنسبة لا تتعدى 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالنسبة التي حققتها الاقتصاديات المتقدمة التي تصل إلى 70 في المائة.
ووفقا لهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة فإنه بالرغم من الجهود المبذولة للارتقاء بمستوى بيئة الأعمال، إلا أن المنشآت الصغيرة في المملكة لا تزال تعاني تعقيدا في الإجراءات النظامية والإدارية وبطأها، وضعف القدرة على جذب الكفاءات، وصعوبة في الحصول على التمويل، إذ لا تتعدى نسبة التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة 5 في المائة من التمويل الإجمالي وهي نسبة ضئيلة مقارنة بالمعدلات العالمية.
مواقع النشر (المفضلة)