اكتسبت منصات التواصل الاجتماعي شعبيةً واسعةً على مدار العقد المنصرم، وفي السنوات الخمس الماضية فقط زاد عدد مستخدميها مليار شخص تقريبًا ليبلغ 3.78 مليار مستخدم، مع توقعات بأن يقفز العدد إلى 4.41 مليار بحلول عام 2025.هذه الشعبية الواسعة زادت منصات التواصل الاجتماعي تأثيرًا في واقع مستخدميها؛ حيث باتت شريكًا رئيسيًا للمستخدمين في تحديد توجهاتهم الاستهلاكية والفكرية (نوعًا ما) وحتى السلوك الاجتماعي، وأصبحت ملتقى للجمهور مع قاعدة واسعة من أصحاب الرأي والتأثير.كغيره من المجالات التي خضعت لتأثير منصات التواصل الاجتماعي، أصبح الاستثمار آخر وأغرب المنضمين لهذه القائمة الكبيرة، ليس فقط من خلال الآراء الجماعية التي قادت حركات جامحة في أسواق المال مثل أسهم طفرات الاستثمار على غرار "جيم ستوب".ولكن أيضًا أصبحت منصات التواصل الاجتماعي منبرًا لأصحاب الرأي الاستثماري وبعض المحللين (أو من يعتقدون أنفسهم كذلك)، ويجد فيها المستثمرون الأفراد وسيلة جيدة للحصول على المشورة والمعلومة بشكل مباشر ومبسط ودون تكلفة.جعل ذلك من وسائل التواصل الاجتماعي، في الآونة الأخيرة، لاعبًا في تحديد الأصول التي يشتريها ويبيعها المستثمرون والمدة التي يحتفظون خلالها بهذه الاستثمارات، وازدادت هذه المكانة مع تدفق الشباب والمراهقين على الاستثمار عبر تطبيقات التداول.
براعم المستثمرين- يتدفق المستثمرون الأصغر سنًا إلى تطبيقات الاستثمار لأول مرة، حيث بدأ واحد من كل 10 أفراد من الجيل "زد" (أولئك الذين ولدوا بين عامي 1997 و2015) في الاستثمار كنتيجة مباشرة لهوس "جيم ستوب".- في الاثني عشر شهرًا الماضية، بدأ 16% من هذا الجيل الاستثمار، وفقًا لبحث من "F&C Investment Trust"، ومن بين هؤلاء، قرر 62% الاستثمار في الأسهم المتقلبة التي أجمع عليها مستخدمو منصة "ريديت"، فيما يخطط 61% لاتخاذ قرارات أكثر مخاطرة، مما يوضح أن الشباب يرون وسائل التواصل الاجتماعي كأداة فعالة لتقديم المشورة المالية.- في حين أنه من الرائع أن يرى الناس فوائد الاستثمار، وأن التكنولوجيا تقوم بعمل جيد في إضفاء الطابع الديمقراطي على الخدمات المالية، فإن الكثير من الناس يقعون في فخ الثقة المفرطة وعدم إجراء أبحاثهم الخاصة.- قد تكون هذه الأخطاء مكلفة، كما وجدت الأبحاث الحديثة حول التحيزات الاستثمارية، على سبيل المثال، رأت "إف آند سي" أن 49% من الجيل "زد" كسبوا أموالًا من تقلبات سهم "جيم ستوب"، لكن 29% منهم خسروا أموالًا، و22% لم يحققوا أي شيء.
عشوائية النصح- تواجه جميع منصات التواصل الاجتماعي نفس المشكلة عندما يتعلق الأمر بالنصائح المالية التي تطلق من خلاله، حيث يمكن لأي شخص أن يعلن خبرته ويقترح أي استراتيجية مالية يريدها، ولا يتعين عليهم حقًا دعم أي ادعاءات يقدمونها، وغالبًا ما يحرف الناس حقيقتهم من أجل بناء النفوذ.- يقول المستشار المالي "جوليان بي موريس" من "Concierge Wealth Management" إن كل هذا يتلخص في حقيقة أن منصة مثل "كلوب هاوس" والشبكات الأخرى يتم استخدامها من قبل عدد قليل جدًا من المخططين والمهنيين الماليين المرخصين.- تصبح هذه مشكلة لأن وظيفة المؤثر هي التأثير وليس تقديم نصيحة حقيقية وقابلة للتنفيذ يمكن للناس استخدامها والاستفادة منها، ليس هذا فقط، ولكن موريس يشير إلى أن المؤثر في "كلوب هاوس" ليس لديه مسؤولية ائتمانية تجاه المشاركين في الغرفة.- يقول المستشار المالي: لا يوجد سبب للثقة بالنصيحة التي يتم تقديمها في غرف الدردشة أو أن فيديوهات "تيك توك" هي أفضل خيار لك، لم أر حتى الآن مؤثرًا مؤتمنًا؛ شخصًا يعني وصفه الوظيفي أن مصلحة العميل تأتي قبل مكاسبه المالية الشخصية".- إن المؤثرين الذين يقدمون النصائح للمتابعين غالبًا ما يكون لديهم مصالح خاصة في الاستثمارات التي يروجون لها، ويمكن أن تؤدي المعلومات المقدمة إلى أصول مبالغ فيها، وتقلبات كبيرة في الأسعار وخسائر كبيرة للمستثمرين الضعفاء، وفقًا لـ"أنجيل تشونغ"، كبير المحاضرين في الشؤون المالية بالمعهد الملكي للتكنولوجيا في ملبورن.- بالنظر إلى تزايد قوة المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، يقول "تشونغ" إنه ينبغي للمنصات النظر في إصدار إخلاء مسؤولية صريح لتحذير المستثمرين المحتملين بشأن موثوقية المعلومات المقدمة.- تشجع منشورات الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي المستثمرين على اقتراض الأموال للاستثمار في العملات الرقمية، على سبيل المثال، الاقتراض أو "الرافعة المالية" للاستثمار، لا يؤدي فقط إلى تضخيم المكاسب المحتملة، بل يؤدي أيضًا إلى تضخيم الخسائر.الدروس المستفادة: فهم المخاطر- الثقة المبالغ فيها هي واحدة من أكثر التحيزات السلوكية شيوعًا بين المستثمرين، كما أنها شائعة بشكل خاص في الأجيال الشابة والضعفاء ماليًا، هذا الميل يدفع الناس إلى الإفراط في الثقة بقدراتهم أو في جزء من المعلومات عند اتخاذ القرار، وقد يؤدي ذلك إلى عوائد سالبة أو التعرض للخداع.- عند إضافة وسائل التواصل الاجتماعي إلى هذا المزيج، فيمكن أن يقوم هؤلاء الأشخاص بتسليم المحتالين معلوماتهم الشخصية من خلال المشاركة في "ترند" بسيط أو تحدٍ.- لكنْ واحد من كل أربعة شبان في أبحاث "إف آند سي" قال إنهم يدركون الآن أنه كان يجب أن يكونوا أكثر حذرًا، وأدرك واحد من كل خمسة أن النهج قصير الأجل أقل فاعلية من الاستثمار طويل الأجل.- مع ذلك، فقد تعاظم دور وسائل التواصل الاجتماعي، ويتابع أكثر من نصف مستثمري الجيل "زد" بنشاط، المستخدمين الذين يقدمون نصائح استثمارية عبر "تيك توك" و"إنستجرام" و"تويتر".- تقول "سارة نيوكومب" خبيرة الاقتصاد السلوكي في "مورنينج ستار"، إن المضاربة ممتعة وهي ما تجذب الكثير من الناس للاستثمار، مضيفة: إذا كنت تضارب بالمال الذي يمكنك تحمل خسارته فقط، فقد تكون أحداث مثل هذه مثيرة ومربحة في بعض الأحيان.- لكن إذا كان المرء جديدًا في مجال الاستثمار، ولا يفهم الفرق بين القيمة الأساسية وسعر السوق، أو يفكر في وضع المال الذي يحتاجه لأمنه الحالي أو المستقبلي على المحك، فيجب عليه التوقف والتقاط الأنفاس والابتعاد، فحشد "ريديت" من المجهولين لا يستحق مدخرات الحياة.- على جانب مقدم النصيحة، يقول "تشونغ": نصيحة الاستثمار التي لم يتم التحقق منها لا تختلف عن الأخبار المزيفة، وسيكون من المفيد لمنصات التواصل الاجتماعي التوصل إلى اتفاق لإبلاغ المستخدمين بالحاجة إلى توخي الحذر.المصادر: أرقام- مورنينج ستار- فوربس- ذا سيدني مورنينج هيرالد- ستاتيستاStatista
مواقع النشر (المفضلة)