شهد مستثمرو الذهب فصلًا سيئًا للغاية بداية هذا العام، عندما انخفضت قيمة المعدن النفيس وفقًا لأسعار العقود الآجلة، بنحو 10% خلال الثلاثة الأشهر الأولى من 2021، في أسوأ أداء ربع سنوي منذ عام 2016.التراجع الكبير جاء مدفوعًا على الأرجح بالارتفاع المستمر في أسواق الأسهم وتزامنًا مع الضغوط الصعودية لعائدات السندات الأمريكية، إلى جانب التحسن النسبي لسعر صرف الدولار، والذي سجل في أواخر مارس، أعلى مستوى له منذ نوفمبر الماضي.صحيح أن الذهب ابتعد بعض الشيء عن أفضل مستوياته على الإطلاق، عندما تجاوز ألفي دولار في أغسطس الماضي، لكن حتى مع إغلاق العقود شهر مارس عند مستوى 1715 دولارا للأوقية، فإن سعر المعدن النفيس لا يزال حول واحدة من أفضل قممه منذ سنوات.والأكثر أنه استطاع التعافي منذ ذلك الحين، وأنهى تعاملات الجمعة الماضي عند مستوى 1777 دولارًا، بعدما لامس خلال الأسبوع أعلى مستوياته في شهرين، عند 1793 دولارًا للأوقية، وسط تفاؤل ومؤشرات إيجابية بشأن مساره.كانت ذروة أغسطس الماضي، مدفوعة بالأساس بمخاوف المستثمرين العالميين ورغبتهم في التحوط ضد التقلبات وعدم اليقين المصاحبين للوباء إلى جانب انخفاض الدولار التاريخي بأكثر من 10% منذ مارس، لكن حتى مع تطوير اللقاحات وبعض اليقين بشأن الآفاق الاقتصادية، فإن تراجع الذهب ليس بالشيء الكبير.عامان من الصعود- أسعار الذهب عند مستوياته الحالية، تظل أعلى بأكثر من 225 دولارًا عن مستواها في بداية عام 2020، قبل الجائحة، وبنحو 500 دولار عن أوائل عام 2019، وفي الحقيقة لو أخبرنا مستثمراً ما قبل عامين بأن مستوى 1700 دولار لأوقية سيعتبر منخفضًا في المستقبل لراهن بكل ما يملك على المعدن النفيس.- الآن يقترب السوق الصعودي من عيد ميلاده الثاني، وبالتزامن قد يكون من المناسب النظر في احتمالات الوصول إلى سعر 2000 دولار/ أوقية مرة أخرى.- نتج ارتفاع الذهب عن ضعف الدولار الأمريكي بشكل عام، وإشارة مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى احتمالية تخفيض أسعار الفائدة، وذلك قبل أن يرتفع (الدولار) من قبل المستثمرين الذين يهرعون إلى أصول الملاذات الآمنة هربًا من مخاطر الجائحة.- قد يكون المزيج الغريب من أسعار الذهب القياسية والأسهم المرتفعة حاليًا، مؤقتًا، لكن هذا يعني أن أسهم الذهب كانت من أفضل الرهانات للمستثمرين، نظرًا لأنهم لم يروا تأثيرًا يذكر من الوباء طالما سُمح للمناجم بالبقاء مفتوحة.- الطلب على الاستثمار، الذي شهد **** الأشخاص لصناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب بمستويات قياسية العام الماضي، تباطأ نسبيًا هذا العام، لكن تجارة المجوهرات الراكدة آخذة في الانتعاش.- تخلت بعض الشركات عن سياسة "ال**** الناعم" وتحولت إلى ال**** الصريح في فبراير الماضي، بعد الأداء الرائع لعام 2020، وتفوقت أسهم شركات تعدين الذهب في لندن إلى حد كبير على الصناعة ككل على مدار عامين، مع مكاسب بلغت 100% خلال هذه الفترة.آفاق طويلة متباينة- بينما ينتظر السوق اختراق النطاق الحالي (صعودًا أو هبوطًا) فإن التدفق الخارج من صناديق الاستثمار المتداولة يتجه إلى التوقف، وهو مؤشر على أن معظم عمليات البيع عند المستويات الحالية قد تمت الآن، وفقًا لـ"أولي هانسون" رئيس استراتيجية السلع في "ساكسو بنك".- مؤيدو الذهب يرون مستوى 2000 دولار للأوقية مجرد بداية لاتجاه المعدن النفيس، وأصدرت شركة إدارة الثروات "Incrementum" والتي تنشر تقريرًا سنويًا بعنوان "نثق في الذهب"، توقعات متحفظة تشير إلى بلوغ سعر الأوقية 4800 دولار بحلول عام 2030.- لدى "برنشتاين" لإدارة الأصول توقعات طويلة الأجل تبلغ 1500 دولار للأوقية، رغم أنها تتوقع متوسط سعر لعامي 2022 و2023 يبلغ 1950 دولارًا، فيما يتوقع بنك "ماكواري" على المدى الطويل 1400 دولار، ويرى أن المعدن ينخفض إلى ما دون 1700 دولار بسرعة إلى حد ما.- قال البنك الأسترالي في مارس، إن أسعار الذهب تبدو بالفعل وكأنها قد بلغت ذروتها، وإن المعدن في قائمة الأقل تفضيلًا خلال الأشهر الاثنى عشر المقبلة، مضيفًا أن العوامل التي قد تحفز الانتعاش الكبير تشمل ضرب "كوفيد 19" للعالم بقوة مرة أخرى أو زيادة التضخم.ما مصير السوق الصاعد؟- سجل الذهب سعرًا قياسيًا بلغ 2061 دولارًا للأوقية في أغسطس بسبب الطلب الهائل على الاستثمار، وتراجعه البطيء إلى حاجز 1700 دولار في مارس كان بسبب انخفاض الطلب على الاستثمار.- مع ذلك، أدى ضعف الدولار الأمريكي وعائد سندات الخزانة في الأسابيع القليلة الماضية إلى عودة التجار إلى الذهب في الأسابيع الأخيرة، وقال "أولي هانسون" إن المزيد من الانخفاض غير مرجح.- بعد تكبده أكبر خسارة ربع سنوية منذ عام 2016، يقف الذهب كواحد من السلع القليلة التي يتم تداولها على انخفاض هذا العام، لكن لا يزال أمام الأسعار مجال للارتفاع حتى إذا استمر الاقتصاد العالمي في التعافي واقترب الوباء من نهايته.- يقول "فريدريك بانيزوتي" رئيس مبيعات المؤسسات والبنوك المركزية في شركة "MKS" لتجارة المعادن الثمينة: لعب الذهب دوره المعتاد كضمان ضد اضطراب السوق وكملاذ آمن.- ارتفعت العقود الآجلة للذهب ما يقرب من 25% في عام 2020، وهو أكبر ارتفاع سنوي لها منذ عقد، وحتى الآن هذا العام، انخفض المعدن بنحو 6% بعد تعويض جزء من خسائره في الربع الأول، مخالفًا الاتجاه الصعودي العام لأسعار السلع.- تحول المستثمرون إلى سندات الخزانة والأسهم للحصول على عائد على استثماراتهم. ويمكن أن يؤدي ارتفاع عائدات السندات إلى إضعاف اهتمام المستثمرين بالذهب، الذي لا يقدم أي عائد، كما أن الثقة المتزايدة في نمو الاقتصاد الآسيوي والأمريكي تشكل ضغطًا هبوطيًا قويًا.- مع ذلك من المرجح أن ترتفع أسعار الذهب إذا خفت أسواق الأسهم وارتفعت التقلبات، ويمكن أن يحدث ذلك إذا زادت أسعار الفائدة بشكل أسرع مما تتوقعه الأسواق، حال رأى الفيدرالي أن الوباء ينحسر وبدأ في التراجع عن تقديم الدعم، أو إذا كان التضخم يرتفع بطريقة أكثر استدامة مما يتوقع البنك.- إذا كانت هناك علامات على أن الوباء على وشك الانتهاء، ستشهد الأسواق التأثير الحقيقي للإنفاق الهائل جراء التحفيز الحكومي الأمريكي والعالمي، وقد يؤدي ذلك إلى مكاسب في الذهب، حيث إن اتساع الديون يهدد بإضعاف قيمة إنفاق الدولار.- يعتقد "بانيزوتي" أنه من "الممكن إلى حد ما" أن يعود الذهب نحو 2000 دولار للأوقية خلال العام الجاري، ويقول إن التحفيز والإعانات "الطارئة الهائلة" التي تم ضخها في الاقتصاد العالمي خلال الاثني عشر شهرًا الماضية أدت إلى "توسع نقدي كبير للغاية".- يمكن أن تفقد العملة الورقية قيمتها بمرور الوقت وتؤثر على القوة الشرائية في الاقتصادات الكبرى، ثم يصبح الذهب "تحوطًا جيدًا" ضد فقدان القوة الشرائية، لذا لا يرى "بانيزوتي" أن دورة صعود الذهب قد انتهت.المصادر: أرقام- إنفستورز كرونيكال- ***** ووتش- ذا ستريت- بلومبيرغ