نائب المراقب العام
محـ اليتامى ـب
الحالة
غير متصل
هوس الكتمان ... ...
هوس الكتمان ... ...
لقد ابتلينا في زمننا هذا بداء الكتمان، فصارت الناس تخشى أن تفصح بأي نعمة أو خير لديها لأحد
خوفاً من الحسد.
وقد تمادى هذا الداء إلى كتمان الخير والصحة والنعمة حتى عن أقرب الناس
مثل الأخ والأخت والصديق والجار،
ويستشهدون في ذلك بحديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
“استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود”.
وتجاوز الأمر حدود نعمة المال والصحة، فصار الشخص يسافر
دون أن يخبر أخاه حتى لا يحسده،
ألم يقل الله تعالى {هارون أخي . اشدد به ازري. وأشركه في أمري}،
فمتى تحول الأخ إلى عدو؟
وقد يتجاوز الأمر إلى أن يبني بيتاً أو يفتح مشروعاً
دون أن يستشير أقرباءه أو أصدقاءه ممن لهم خبرة فينصحوه ويعينوه ،
خوفاً من أن يحسدوه، وهذا يتعارض مع قوله تعالى {وأمرهم شورى بينهم}.
ينجح الأولاد فلا تخبر الأم أحداً فقد يحسدون أولادها الأذكياء!
تقبل البنت في الجامعة فتلتزم الأم الصمت ولا تبشر حتى أقرب الناس لها كي لا يحسدون ابنتها،
لقد تجاو*** حد الكتمان إلى حد الهوس لدرجة أن الناس صارت لا تبيح حتى بالمرض
مع أن المرض ابتلاء وليس نعمة، لكنه مرض الكتمان الذي استفحل عقولنا ومجتمعنا.
لا أحد يقول “على البركة”، ولا أحد يقول “في أمان الله”
ولا “حمد لله على السلامة” إلا في ما ندر،
تباعدت الأنفس وتشاحنت القلوب بسبب هذا الداء.
تعجبت من هذا الحديث، هل كان هدف النبي المصطفي هو هذا التباعد وهذا التنافر
بحيث يشكك الأخ في أخيه ويخاف الجار من جاره ويحذر الإنسان من صديقه؟
حاشاه أن يقصد ذلك.
لقد تبين لي بالبحث المتواضع أن المقصود بالكتمان هو الكتمان قبل حصول الحاجة،
فإذا حصلت، وأنعم الله على الإنسان ببلوغه ما يريد، فإنه يتحدث بالنعمة ويشكر الله عليها،
ما لم يخش من حاسد،
وهل نخشى بعضنا إلى هذا الحد؟
ولو قصد بهذا الحديث غير ذلك لتعارض الحديث مع الآية الشريفة {وأما بنعمة ربك فحدث}،
فالتحدث بالنعمة يكون بالاعتراف بها باطناً والتحدث بها ظاهراً وإنفاقها في مرضاته.
ويستشهد البعض الآخر بالآية الشريفة في سورة يوسف
{لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك}،
ولكن هذه حالة فردية مختصة فقط بقصة نبي الله يوسف ولا يجوز التعميم بناءً عليها،
فأبناؤك ليسوا بمقام نبي الله يوسف حتى يحسدهم الأقربون!!
إن الكتمان من عادة البخلاء الذين يكتمون مالهم،
لتقوم لهم الحجة في قبض أيديهم عن البذل،
فلا تجدهم إلا شاكين من القل، أما الكرماء فلا يزالون يظهرون بالبذل ما آتاهم الله من فضله،
ويجهرون بالحمد لما أفاض عليهم من رزقه،
فلهذا صح أن يجعل التحديث بالنعمة كناية عن البذل وإطعام الفقراء وإعانة المحتاجين.
فالمنهي عنه هو الثرثرة والتحدث عن خصوصياتنا، فالتحديث بالنعم
لا يلزم أن يكون على سبيل التفصيل، بل قد يكون إجمالاً،
بأن يقول: إن الله أنعم علىَّ بالصحة والغنى والهداية،
وليس مطلوب الجهر بجميع التفاصيل.
متى نصفي قلوبنا ولا نعلق كل مصيبة تحدث لنا بالحسد،
ونكثر من الأذكار التي تحفظنا ونقدم حسن النية ونتوكل على الله ونعود كما كنا؟
يارب لك أرفع أكف الضراعة وإيمانى بك يملأ قلبى بكل القناعةيارب ياعظيم
ياصاحب العرش الكريم يارحمن الدنيا والآخرة ورحيمهمايامن لايعجزه شيء في السماء ولافي الأرض ياقوي ياقادرأسألك أن تغفرلأمي وأبي وترحمهما وتوسع لهما في قبريهما وتنورلهما فيه يارب
مواقع النشر (المفضلة)