نائب المراقب العام
محـ اليتامى ـب
الحالة
غير متصل
رد: وسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ خطبة يوم الجمعة 1444/4/17هـ
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا محمَّدًا عَبْدُاللهِ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إلى البِرِّ والإحْسَانِ، لِنَنَالَ أَعلى الجِنَانِ, صَلَّى اللهُ وَسَلَّم وَبَارَك عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ والتَّابِعِينَ بِإحْسَانٍ وَإيمَانٍ.
أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ يَا مُؤمِنُونَ وَأَحسِنُوا فَإنَّ يُحِبُّ الْمُحسِنِينَ.
عِبَادَ اللهِ: اعْلَمُوا أَنَّ عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ عُقُوبَتُهُ مُعَجَّلَةٌ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ؛ فَكُلُّ الذُّنُوبِ يُؤَخِّرُ اللهُ تَعَالىَ مِنْهَا مَا شَاءَ إِلاَّ عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ،
فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ قَبْلَ الْمَمَاتِ؛ فقدْ حَدَّثَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فَقَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بَابَانِ مُعَجَّلَانِ عُقُوبَتُهُمَا فِي الدُّنْيَا الْبَغْيُ وَالْعُقُوقُ"
قَالَ أُبَيُّ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ، أَوْ أَحَدَهُمَا، فَدَخَلَ النَّارَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ».
أيُّهَا الأبْنَاءُ: حِينَ نَتَحَدَّثُ عَنْ آبَائِكُمْ فَإنَّنا نَتَحَدَّثُ عَنْ عَطَائِهُم الوَاسِعِ, وَصَبرِهُمُ الطَّويِلِ عَلى كُلِّ شَيءٍ فَعَلُوهُ وَبَذَلُوهُ!
نَتَحَدَّثُ عَنِ الوَفَاءِ وَالتَّضْحِيَاتِ، عنِ الحبِّ والْكَدْحِ وَالأُمْنِياتِ، عن القُدوةِ وَالْمُعلِّمِ، عن مَنْ يَبْحَثُ عَنْ سَعَادَتِنَا وَهُو الْمُتأَلِّمُ!
عَجَبًا لآبَائِنَا يَبذُلُونَ أوَقَاتَهُم وأَمْوَالَهُم وَصِحتَهُم وَشَبَابَهُم في سَبِيلِ أَنْ نَكُونَ سُعَدَاءَ، ولا يَطلُبونَ مِنَّا شُكْرًا وَلا ذِكْرًا,
إنَّمَا يُؤَمِّلُونَ ثَوابًا مِنْ عِنْدِ اللهِ وَأجْرًا. لَمْ نَسْمَعْ مِنْهُم يَومًا تَذَمُّرًا وَلا مِنَّةً على مَا بَذَلُوهُ! يُؤثِرُنَنَا عَلى أَنْفُسِهِمْ في الإنْفَاقِ وَفِي الْبَذْلِ والعِطَاءِ!
فَحَاجَاتُ الأَبْنَاءِ والْبَنَاتِ مُقَدَّمَةٌ عَلى حَاجَاتِهِمْ! وَاللهِ إنِّي بِذَلِكَ صَادِقٌ وَعَليهِ شَاهِدٌ! فَهَذا ثَوبُهُ وَشِمَاغُهُ الذي عَهِدْنَاهُ عَليهِ،
وَسَيَارَتُهُ القَدِيمَةُ التي يَرْكَبُهَا! فَإذَا ما احْتَجْنَا لِثِيَابٍ أو سَيَّارَةٍ أَو جَوَّالٍ فَلَرُبَّما اسْتَدانَ وَلَمْ يَكْسِرْ لَنَا خَاطِرًا! فَما أَجْمَلَ أَثَرَهُمْ عَلينَا وَأَعَقَّ بَعضُنَا عَليهِمْ!
أيُّهَا الأبْنَاءُ الأوفِيَاءُ: تَذَكَّر حينَ أَلَمَّكَ مَرَضٌ أَو حَادِثٌ. كَيفَ تَفَطَّرَتْ كَبِدُ وَالِدِكَ عَليكَ أَلَمًا وَحَسْرَةً, وَتَنَقَّلَ بِكَ مِنْ مَشْفَى إلى مَشْفَى,
وَعَانَى مِنْ هَمٍّ وَدَينٍ وَغَمٍّ لِتَعِيشَ سَعِيدًا وَتَنْسَى مُصَابَكَ!
عَجَبًا لَنَا نُسِيءُ لآبَائِنَا وَيَدْعُونَ لَنَا بِالهِدَايَةِ والرَّحْمَةِ! وَلا عَجَبَ فَهَذَا مَا ذَكَرَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ عَنْ رُسُلَهِ وَأنْبِيَائِهِ ,
فَنُوحٌ يُنَادِي ابْنَهُ: (ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ). والابنُ يَعْصِي وَيَسْتَكْبِرُ وَمَعَ ذَلِكَ أَخَذَتْ نُوحٌ عَاطِفَةُ الأُبُوَّةِ،
(فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ).
عَجَبًا لَكُم أيُّها الآبَاءُ: فَأَنْتُم دَومًا تَلْهَجُونَ بِالذِّكرِ والدُّعاءِ، لِأَجْلِ صَلاحِنَا فَكَمْ تُرَدِّدُونَ:
(رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).
أَيُّهَا الآبَاءُ: قَد لا تَكُونُوا أَعْطَيتُمُونَا كُلَّ مَا تَمَنَّينَاهُ، وَلَكِنَّنَا وَاللهِ نَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَعْطَيتُمُونَا كُلَّ مَا تَمْلِكُونَهُ وَتَقْدِرُونَ عَليهِ،
فَحِينَ نَتَذَكَّرُ شَعْرَكُمُ الأَبْيَضُ في رُؤوسِكُمْ وَلِحَاكُمْ، نَتَذَكَّرُ قِصَّةَ النَّعِيمِ الذي نَنْعَمُ نَحْنُ فِيهِ الآنَ، وهذا الانْحِنَاءُ في ظُهورِكِمْ
هُوَ سَبَبُ اسْتِقَامَةِ الحيِاةِ لَنَا بِإذْنِ اللهِ تَعَالىَ! فَأنْتُمْ رَمْزُ العَطَاءِ والْبَذْلِ.
أَنْتَ الذي عَلَّمْتَني مَسْكَ القَلَمْ *** أَنْتَ الذي لقَّنتَني طَعْمَ الكَلِمْ
أَنْتَ الذي أَعْطَيتَني وَمَنَحتَني *** أَنْتَ الذي رَوَّيتَني مِنْ كُلِّ يَمٍّ
أيُّهَا الآبَاءُ: سَامِحُونَا وَاصْفَحُوا عَنْ تَقْصِيرِنَا في حَقِّكُمْ. تَكُونُونَ بَينَنَا فَنَغْفُلُ عَنْكم، فَحينَ فَارَقْتُمُونَا عَرَفْنَا فَضْلَكُمْ!
انْشَغَلْنا عَنْكُم في حَيَاتِكُمْ كَثٍيرًا، فَحينَ فَارَقْتُمُونَا اشْتَقْنَا إليكمْ كَثِيرًا! إي واللهِ: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ).
فَاللَّهُمَّ إِنّا نَسْأَلُكَ بِأَنـَّا نَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، الأَحَدُ الْفَرْدُ الصَّمَدُ، الّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ،
أَنْ تَجْزِيَ آبَاءَنا وَأُمَّهَاتِنا عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ وَأَوفَاهُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ كَمَا رَبـُّونا صِغَاراً، اللَّهُمَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ حَيّاً فَمَتِّعْهُ بِالصِّحَّةِ وَالعَافِيَةِ عَلَى طَاعَتِكْ،
وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي دَارِ الْحَقِّ فَتَوَلَّهُ بِرَحْمَتِكَ وَأَنْزِلْ عَلَيْهِ مِنْ وَاسِعِ رَحْمَتِكَ، اللَّهُمَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَرِيضاً فَاشْفِهِ وَعَافِهِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ،
وَأَسْبِلْ عَلَيْهِ ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالعَافِيَةِ يا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِوَالِدَيْنَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا بِهِمَا مِنَ البَارِّينَ الْمُشْفِقِينَ العَطُوفِينَ،
وَاجْعَلْنَا قُرَّةَ عَيْنٍ لَهُما فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، وَارْزُقْنا بِـرَّ أَبْنائِنا وَبَناتِنا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ والدِّينِ،
اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ بِكَ نَستَجِيرُ، وَبِرَحْمَتِكَ نَسْتَغِيثُ، اللَّهُمَّ أغثْنَا, اللَّهُمَّ أغثْنَا, اللَّهُمَّ أغثْنَا,
اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا فِي ثِمَارِنَا وَزُرُوعِنَا وكُلِّ أَرْزَاقِنَا يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. رَبَّنَا احْفَظْ عَلينَا دِينَنَا وَأَمْنَناَ وَأخْلاقَنَا وَأَوْطَانَنَا وَحُدُودَنَا وَجُنُودَنَا,
وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَل تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا رَبَّ العَالَمِينَ،
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ،
والمُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ،
(اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).
https://www.elkraawy.com/voi/s/340
أخوكم : خالد بن محمد القرعاوي
يارب لك أرفع أكف الضراعة وإيمانى بك يملأ قلبى بكل القناعةيارب ياعظيم
ياصاحب العرش الكريم يارحمن الدنيا والآخرة ورحيمهمايامن لايعجزه شيء في السماء ولافي الأرض ياقوي ياقادرأسألك أن تغفرلأمي وأبي وترحمهما وتوسع لهما في قبريهما وتنورلهما فيه يارب
مواقع النشر (المفضلة)