"يعيد التاريخ نفسه" عبارة تترد دائمًا عند تكرار الظروف والمواقف التي حدثت في الماضي مرة أخرى، وربما لا يعيد التاريخ نفسه حرفيًا في أسواق الأسهم، لكن هناك بعض أوجه التشابه مع أحداث تاريخية قد تحذر من أزمة تلوح في الأفق.في التاسع عشر من أكتوبر عام 1987، حدث انهيار قصير لكن عنيف في سوق الأسهم، إذ انخفض مؤشر داو جونز بنسبة 22.6% في ذلك اليوم، وهو التاريخ الذي تم تخليده منذ ذلك الحين باعتباره "الإثنين الأسود"، فهل يمكن أن يحدث ذلك مرة أخرى؟الأسواق تتعلم من أخطائها- بعد الانهيار المفاجئ منذ 35 عامًا، تم وضع قواعد تسمى بقواطع الدائرة الكهربائية ووقف التداول، والتي من شأنها منع حدوث انخفاض بهذا الحجم مرة أخرى.- وبالطبع كانت هناك بعض الانهيارات المفاجئة في أسواق الأسهم منذ ذلك الحين ولكن لم يكن هناك شيء قريب مما شوهد في يوم "الإثنين الأسود"، عندما وصلت طلبات البيع إلى الملايين واختفت من الشاشة معظم طلبات الشراء وسط حالة ذعر بين المستثمرين.- ما أشبه اليوم بالبارحة!- رغم تغير الظروف التي أدت إلى انهيار سوق الأسهم يوم "الإثنين الأسود" بشكل كبير، إلا أنه لا تزال هناك بعض أوجه التشابه بين ما يحدث الآن وما حدث قبل 35 عامًا.- على سبيل المثال، كانت الأسهم (قبل تراجعها في عام 2022) يتم تداولها عند تقييمات عالية تاريخيًا ولا تزال توجد الكثير من التكهنات، حيث يراهن المتداولون على أسهم "الميم" مثل "جيم ستوب" و"إيه إم سي إنترتينمينت"، والبيتكوين والعملات المشفرة، بالإضافة إلى استثمارات المضاربة الأخرى.- في عام 1987، كان العديد من المستثمرين يراهنون أيضًا على الارتفاع المستمر في عمليات اندماج الشركات، عندما كانت شركات الأسهم الخاصة الكبرى تستحوذ على الشركات القيادية.- لذا فإن الموجة الحالية من تقلبات السوق هي علامة مقلقة ونذير محتمل للركود، وقد يعني ذلك المزيد من الهبوط في المستقبل للأسهم.- ومع ذلك فإن أسعار الفائدة - رغم ارتفاعها الأخير - ليست قريبة من مستويات عام 1987، حيث يبلغ عائد سندات الخزانة لأجل عشر سنوات حاليًا حوالي 4%، مقارنة بما يقرب من 10% قبل حادث "الإثنين الأسود"، لذا فإن الأسعار لديها مجال أكبر قبل أن تصبح مشكلة حقيقية.- ركود يلوح في الأفق- ربما لن تتكرر حادثة "الإثنين الأسود" من جديد في وقت قريب، لكن هذا لا يمحو احتمالية مشاهدة ركود اقتصادي عالمي، خاصة وأن بوادره تلوح في الأفق مع اتجاه معظم البنوك المركزية العالمية إلى تشديد السياسة النقدية بقوة وسرعة كبيرة.- ومع تزايد التكنهات بإمكانية مشاهدة ركود في العام المقبل، توقعت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش" أن يكون الركود قصيرًا وضحلًا، الذي قد يبدأ من ربيع عام 2023 وربما لن يستمر طويلاً.- وفي هذا الصدد، تعتقد "فيتش" أن الركود سيكون أشبه بما حدث في أوائل التسعينيات وليس الركود "العظيم" في عام 2008، متوقعة ارتفاع معدل البطالة من المستويات الحالية عند 3.5% إلى 5.2% في عام 2024.- ورغم أن المستهلكين والبنوك أصبحوا في وضع مالي أفضل الآن مما كانوا عليه في عام 2008، لكن لا يزال يمكن للتضخم أن يمثل استنزافًا كبيرًا للأفراد والشركات في جميع أنحاء العالم.
المصدر: سي إن إن
مواقع النشر (المفضلة)