قصة الغراب والجرّة في العمل بذكاء أم العمل باجتهاد
جاء في قصة الغراب والجرّة المشهورة، أن أحد الغربان كاد أن يهلك عطشا ووجد جرّة فيها ماء، لكن وللأسف لا يستطيع منقاره أن يبلغ هذا الماء ليروي عطشه.
فكّر الغراب كيف يحقق الهدف المتمثل بالوصول إلى الماء، ولذا رمى بحصاة صغيرة داخل الجرّة ليرتفع منسوب الماء قليلا ثم كرر رمي الحصاة تلو الحصاة حتى ارتفع الماء ليبلغ المستوى الذي يسمح له بالشرب.
تحمل هذه القصة جوانب مضيئة مثل الاستعانة بأدوات متوافرة مثل الحصاة والتفكير الإبداعي ومهارة حل المشكلة والتي نتجت عنها شرب الماء وإنقاذ حياته. وبالتالي، العمل بذكاء.
أقف أحيانا أمام مقولة “اعمل بذكاء ولا تعمل باجتهاد” Work Smart not Work Hard حيث تصادفنا هذه المقولة كثيرا في عملنا وخصوصا حينما يكشخ بها أحد المدراء أمام فريق العمل حين يقدم النصائح لهم.
قد تصل رسالة غير صائبة إلى الموظف، بأن العمل بجد واجتهاد هو مؤشر سلبي يصل إلى اعتباره عيبا ونقطة ضعف في الأداء بينما العمل بذكاء هو الهدف المنشود في تحقيق المهام الوظيفية.
ولا غرابة أن يعزز هذا الفهم غير الصائب، لما يشير إليه العمل بذكاء من الممارسة بكفاءة وفاعلية وأداء المهام وفق إدارة الوقت والجودة بينما العمل بجد واجتهاد غالبا يشير إلى أداء وممارسة المهام عبر بذل مجهود بدني ذات مشقة عدا عن تكلفة الوقت اللازمة لذلك.
كما نعلم أن العمل بجد واجتهاد يحمل الطابع التقليدي، غالبا طريقة روتينية دون ابتكار سبل أخرى لإنجاز هذه المهام حيث تفتقر إلى الإبداع الذهني.
بينما العمل بذكاء يحمل المرونة والجودة والإبداع في صقل حجم العمل وتنفيذها مما يعود بنتائج أكبر على العمل.ينطلق الجد والاجتهاد بالعمل من نقطة البدء بالمهمة أولا ثم ما يليها من التغلب على التحديات وغالبا يستنزف كمية من الوقت والإجهاد.
بينما العمل بذكاء ينطلق من الموارد المتوافرة وما يتبعها من التقييم، ثم التخطيط، ثم التنفيذ مع استخدام التقنيات. وقد يميل نهج العمل بذكاء إلى الاستعانة بأدوات إضافية مثل تفويض الصلاحيات، تحديد الأولويات وغير ذلك.
ولكن تساؤلي هل دائما نميل إلى الأخذ بهذا النهج لوحده، وهو العمل بذكاء؟
برأيي الشخصي، أن كليهما يوازيان بعضهما البعض في الأهمية. حقيقة، لا نتغاضى أنه للوصول إلى مستوى العمل بذكاء، يلزم العمل بجد واجتهاد قبل ذلك. حيث يلزم البدء أولا، العمل بجد واجتهاد عبر بذل المجهود الأساسي لاكتساب المعرفة والمهارات اللازمة، ثم بناء رصيد معرفي وخبرات تساعد على التنقل إلى العمل بذكاء وحس إبداعي.
قال تعالى (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)
هذه الآية الكريمة تشجع على العمل الدؤوب، وهي نبراس لنا في بذل العمل بإتقان وأمانة وبرقابة ذاتية، لأن ذلك من شأنه أن يعلمنا الصبر والانضباط واكتساب الخبرة وتنمية وصقل المواهب وشحذ الهمم والتفكير. وهذا من شأنه، أن يعود بالفائدة عبر التنقل إلى غير ذلك من مستويات العمل بذكاء وإبداع.
رابط المقال
قصة الغراب والجرّة في العمل بذكاء أم العمل باجتهاد - صحيفة مال (maaal.com)
مواقع النشر (المفضلة)