السؤال الأكثر إلحاحا بالأسواق العالمية النفطية, هل فعلا سعر خام برنت الحالي مجرد البداية لإرتفاعات مرتقبه وهل فعلا سعر 90 دولارًا لبرميل خام برنت يعد مجرد البداية وسوف يصبح بعد فترة وجيزة سعرا من الماضي السحيق ويكون قاعدة دعم لإنطلاقه أقوى وغير مسبوقة, خاصة مع محدودية الإنتاج لأوبك والتي قد لن تتطلب مستقبلا خطوط أساس مرجعية أو فرض قيود إنتاح من منظمة اوبك أو غيرها لأنه فعليا لن يوجد سعة إنتاج فائضة وبالتالي سوف يأخذ الإنتاج بالانخفاض وذلك لعدة أسباب من أهمها نقص الاستثمار ومحدودية كثافة الخام داخل الحقول النفطية وإحتمالية نضوبه.
ونتيجة لذلك أوضحت عدة مراقبين لأوضاع السوق بأن خام برنت قد يرتفع إلى 125 دولارًا للبرميل خاصة مع انخفاض الطاقة الإنتاجية الفائضة لأوبك إلى 4 في المائة من إجمالي طاقتها بحلول الربع الأخير من عام 2022 بل وذهبت وكالة الطاقة الدولية إلى أبعد من ذلك بأن الطاقة الإنتاجية الفائضة لأوبك بأكملها سوف تنخفض بمقدار النصف إلى 2.6 مليون برميل يوميا في النصف الثاني من العام الحالي 2022 م وذلك إذا في حال إستمر الطلب بالنمو بقوة أو حتى لو كان العرض مخيبًا للآمال، ناهيك أن المستوى المنخفض للمخزونات وتقلص الطاقة الفائضة يعني أن أسواق النفط يمكن أن تعيش عامًا متقلبًا خاصة في أواخر في عام 2022 مع التنوية بأن الأمر لا يتعلق فقط بأوبك خاصة وأن شركات النفط العامة الكبرى في الولايات المتحدة, أكبر منتجي للنفط من خارج أوبك - وأكبر منتجي للنفط على مستوى العالم - يضخون أقل من المستوى المعتاد, ناهيك عن إشكالية إلزام الشركات على تخضير عملياتها بدلاً من البحث عن المزيد من النفط والغاز لاستخراجها, ونتيجة لذلك المعتقد تضخ الولايات المتحدة نفطًا أقل مما تستطيع وتحتاج معا.
وإستنادا لما تقدم ذكره أعلاه يبدو أن الوضع العام مهيأ بالسنه الحالية لبرميل نفط باهظة الثمن وللغاية خاصة وأن هناك شبه إجماع في شارع وول ستريت على أن خام برنت سيتعدى 100 دولار قبل حلول الصيف بسبب العديد من الأسباب فضلا أن تكاليف التعادل أخذت في الارتفاع وذلك بسبب اتجاهات التضخم, وبذات السياق إعترفت وكالة الطاقة الدولية بأن الطلب الفعلي على النفط أثبت أنه أقوى مما كان متوقعًا في أسواق النفط , وبناءً على هذا التحول المفاجئ في الأحداث قامت وكالة الطاقة الدولية بتعديل توقعاتها للطلب على النفط لعام 2022 بالزيادة بمقدار 200 ألف برميل يوميًا, بعدما كانت قد قللت من قوة الطلب الذي من المؤكد أنه لن يعود (الطلب) على النفط إلى مستويات ما قبل الجائحة فحسب بل سيتجاوزها حيث سيصل إلى 99.7 مليون برميل يوميًا بحلول نهاية العام، وبالمقابل هناك فريق أخرى يعتقد أن مثل هذه الأوضاع من إرتفاع أسعار النفط غير مؤكدة الأمر الذي يطرح تساؤل إلى أي مدى يمكن أن يذهب النفط قبل أن يبدأ في الانخفاض؟
وبالرغم من أن الجواب صعب, لكن بعض المستثمريين بقطاع النفط يأخذون على محمل الجد التوقعات بأن النفط ليس له مستقبل طويل الأجل بل لديهم مساحة محدودة لفعل ما يريدون، لكن من المؤكد أن تقوم شركات النفط بالتنقيب مع استمرار صعود خام النفط لكنها قد تختار الإبقاء على ضوابط الإنتاج بدون التحول إلى "الضخ حسب الرغبة" خاصة وأن عددًا قليلاً من أعضاء أوبك لديهم القدرة على الضخ حسب الرغبة مثل السعودية والتى لا توافق على ذلك وتصر على الإلتزام بالمتفق عليه في مجموعة الأوبك بلس، وبذات السياق ومع أهمية وجود بديل للسلع التي ترتفع أسعارها بشكل مرتفع وإستحسان أن يكون لها بديل قابل للتطبيق وذلك بهدف إحداث توازن في الاستهلاك عند إرتفاع الأسعار بشكل متواصل, مع الأخذ بالإعتبار بأن الوقود الأحفوري يعد تأثير البدائل له محدود وبطيئًا للغاية في دفع الأسعار نحو الإنخفاض, هذه ومن وجهة وثيقة الصلة بالموضوع ووفق المعطيات الراهنه يطرح العديد من المراقبين إستفسار حول ما اذا كان معدل نمو إنتاج النفط الخام الأمريكي الذي كشف عنه مؤخرا, أمرا مقلقا للدول المصدره للنفط تحديدا ؟!
خاصة وأن النمو المرتقب بإنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام سوف يرتفع من 11 مليون برميل يوميًا في 2021 إلى 11.7 مليون برميل يوميًا في 2022 وقد يشهد نموًا إنتاجيا مرتقبا أكثر حدة هذا العام حيث يتوقع أن ينمو إنتاج النفط الخام الأمريكي بما يصل إلى 900 ألف برميل في اليوم على مدار عام 2022 مما يمثل زيادة قدرها 100 ألف برميل في اليوم عن التقدير السابق, فيما يتعلق في خطط إنتاج النفط بالولايات المتحدة التي تعد مقراً لأكبر شركات النفط العالمية حيث كشفت شركتا Exxon و Chevron عن خططهما لعام 2022 التي توضح بالتفصيل الزيادات الهائلة في الإنتاج لا سيما في حوض برميان، حيث تخطط شركة إكسون لزيادة إنتاج النفط في بيرميان بنسبة 25٪ هذا العام 2022 وتتوقع شركة Chevron من جانبها زيادة إنتاجها بنسبة 10٪. وافقت إدارة معلومات الطاقة على أن إنتاج النفط بالولايات المتحدة مهيأ للارتفاع - بعد أن وصل بالفعل إلى مستوى قياسي جديد, ووفقًا لإدارة معلومات الطاقة فقد بلغ متوسط إنتاج النفط الخام في حقل بيرميان الصخري 4.92 مليون برميل يوميًا في ديسمبر ومن المقرر أن يرتفع إلى 4.996 مليون برميل يوميًا في يناير و 5.076 مليون برميل يوميًا في فبراير, هذه وإذا إفترضنا ولو مجرد إفتراض أن حوض برميان كان عضوًا في أوبك فإن هذا المستوى من الإنتاج سيجعله ثاني أكبر منتج في أوبك.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل معدل النمو المستهدف كما هو الموضح أعلاه من إنتاج النفط الخام الأمريكي قد يسبب ولو نوعا من القلق لبعض الدول المصدرة للنفط خاصة بعدما بدأت تحسب أرباحها مبكرا وفوائض الميزانية العامه المراقبه من الإرتفاعات السعرية الجارية, عموما يقول البعض " إذا لم تكن قلقًا بشأن ذلك, فيجب أن تكون كذلك"!!، لكن من وجهة نظري الشخصية أرى بأن الزيادة المتوقعه سوف تذهب بأكملها إلى الإستهلاك الأمريكي ولتغطية جزء من الإنكشاف الأمريكي المتوقع من النفط الروسي إذا بلغ متوسط شحنات الخام الروسي إلى الولايات المتحدة 202 ألف برميل يوميًا وهو أعلى متوسط في 11 عامًا، وفقًا لبيانات من أداة تحليل تدفق التجارة من وكالة إس آند بي غلوبال بلاتس, آما واردات الخام والمنتجات الروسية بلغ متوسطها 704.3 ألف برميل يوميًا في تلك المدّة.
ختاما ,,
يجدر التذكير بأن عصر الفحم الحجري قد إنتهئ وإلى يومنا الحالي لم ينتهي الطلب على الفحم, المقصود هنا لن ينتهي عصر النفط حتي لو أن أنوار العالم تم إضائتها بألواح الطاقه الشمسية, وبالمناسبة الألواح الشمسية أرتفعت أسعارها جدا وعليه يظل النفط أوفر وأجدى إقتصاديا, وبالتالي لا داعي للقلق والتفكير بذروة الطلب الخوف فقط من ذروة العرض ونضوب آبار النّفط التى تشير التسريبات بأن الحقول النفطية فعليا بدأت تعاني ومنها وعلية تم وضع قيود مشدده على منتجي النفط الخام داخل الولايات المتحدة الامريكية وبالمقابل يطلب من الدول الأخرى المنتجه للنفط التحرر من قيود الإنتاج حتى تسرع من نضوب نفوط حقول غيرها من الدول بالوقت الذي تحافظ على مستويات إنتاجها وتبقيه تحت مستوى إستهلكها وتستورد من غيرها بطريقه أقل مايقال عنها بأنها جائرة.
مواقع النشر (المفضلة)