دائماً ما يُطرح سؤال: لماذا يتم طرح أسهم الشركات في السوق الأولية؟ وهل الطرح لمصلحة البائعين أم المشترين؟ لاسيما أنه في الغالب يتضمن علاوة إصدار تذهب للمالكين، أو ما يُطلَق عليه في نشرات الإصدار البائعون.
وسأحاول أن أجيب في هذا السياق عن الأسئلة: نعم، وبكل تأكيد هو في مصلحة البائع - المالك - ولولا وجود مصلحة له لما طرح أسهم شركته، وجعل بياناتها المالية مشاعة للجميع، بحكم إلزامه بالإفراج عن بيانات ربع سنوية توضح موقف الشركة المالي، فيما كانت البيانات قبل الطرح مقصورة على المالكين، ومصلحته في علاوة الإصدار هذه سنتناولها لاحقاً.
إذن ما مصلحة المشتري أو المكتتب؟ المكتتب يطمح بالتعاظم السوقي للسهم المطروح، أو يطمح بعوائد السهم الموزعة من الأرباح المحققة، وهنا تتقابل مصلحة البائع والمشتري، فتتم الصفقة.
ثم إن الاقتصاد الكلي للوطن يربح من تحول الشركة من فردية أو غيرها إلى مساهمة... كيف؟
حينما تُطرح أسهم الشركة كمساهمة عامة يصبح تفككها، وإن كان لا يستحيل، صعباً، وذلك لسهولة التخارج، فإذا كان هناك شريك غير راضٍ عن أداء الشركة، فبإمكانه بيع أسهمه في السوق بدلاً من المطالبة بتصفية الشركة، وبذلك تحافظ الشركة على وظائف موظفيها. وفي الغالب بعد تحوُّل الشركة إلى مساهمة، فإن عمرها يطول. يضاف إلى ذلك توسيع قاعدة السوق، عبر تعدد الشركات والأنشطة.
وقد عجّت السوق السعودية في الأشهر الأخيرة بالطروحات، وكان آخر اكتتاب قد أقفل، الخميس الماضي، لمصلحة شركة دار المعدات الطبية والعلمية، وهي شركة متخصصة يعرفها الأطباء والممارسون الصحيون، أو ما يعرف بـHealthcare practitioners، بالإضافة إلى المؤسسات المالية التي بنت أوامر سعر السهم، إضافة إلى مدير الاكتتاب وضامن التغطية شركة «الاستثمار كابيتال المالية».
وقد غطت المؤسسات الاكتتاب في الشركة 65 مرة، وحدد سعر السهم بقيمة 52 ريالاً (13.8 دولار) بمعنى أن علاوة الإصدار 42 ريالاً (11.2 دولار). لماذا علاوة الإصدار؟ شركة المعدات الطبية بدأت قبل 44 عاماً كشركة فردية، برأسمال قدره 20 مليون ريال (5.3 مليون دولار)، ثم تحولت لشركة ذات مسؤوليات محدودة، ثم تتدرج الزيادة لتصل إلى 120 مليون ريال (32 مليون دولار)، ولتضم بعد ذلك شركة «كمر»، ثم شركات أخرى، لترفع رأسمالها إلى 200 مليون ريال (53.3 مليون دولار) تتوافق مع قواعد الإدراج.
ثم نأتي إلى اسم الشهرة الذي تم نحته من الصخر طيلة 44 عاماً، ثم طاقم الموظفين الذي تكون طيلة هذه المدة ليثمر مصنعاً لصناعة الكرات المستخدمة في عمليات القسطرة، بطاقة إنتاجية قدرها 160 ألف كرة، فيما حاجة السوق السعودية 130 ألف كرة، مما يعني أن 30 ألف كرة معدة للتصدير، كل ذلك مع جهد المؤسس ومن تلاه، ألا يستحق ذلك علاوة الإصدار؟ بلى يستحق، والدليل أن اكتتاب المؤسسات المحترفة لشركة المعدات الطبية والعلمية غطى 65 مرة، وهي التي قامت بدراسة قوائم الشركة المالية وموجوداتها بشكل دقيق ومحكم، بالإضافة إلى التزام «الاستثمار كابيتال» بشراء الأسهم التي لن يكتتب بها، وهذا لن يحدث في ظل الإقبال على شراء السهم. ودمتم.
مواقع النشر (المفضلة)