في مساء يوم الجمعة الماضي أطفأ العالم الأضواء ليستقبل العام الجديد، حاملا تغيرات سوف تمس العالم وتنعكس على السلوك الاجتماعي والنمو الاقتصادي، من أهمها هذه التحديات الثلاث.
أولا: بين العالم الحقيقي والعالم الافتراضي هناك متغيرات طرأت على المجتمعات وسلوكها، خصوصًا بعد ظهور جائحة كورونا التي من شأنها أن عززت العالم الرقمي. فمع تطور التقنية ظهر العالم الافتراضي (metaphors) الذي نقل التواصل من مجرد منصة رقمية للحديث إلى محاكاة للواقع ومنح الشعور لمستخدميه بالعيش في عالم افتراضي. في ذات الوقت، نجد أن الموظفين أصبح لديهم الميل إلى العمل أغلب أيام الأسبوع عن بُعد، خصوصًا الأقليات العرقية والسيدات والأجيال الشابة GZ (حسب بيانات future forum) وهذا سوف يؤدي بطبيعة الحال إلى تغير في أطوار الاندماج والتكامل في المجتمع، خصوصًا إذا ما أصبح التعليم الأولي في أغلبه افتراضيًا بحيث تتشكل بيئتان باختلاف تأثيرهما ومع مُضي الوقت من الممكن أن تكون البيئة التعليمية افتراضية.
التحدي الثاني: هو الصراع الأميركي - الصيني، الصين هي أكبر شريك تجاري للعالم المتقدم والدول النامية، لكن كيف تبقى الصين غنية ومزدهرة دون مزاحمة الدولة الأولى، لا يوجد جواب لذلك سوف تظهر صور وأشكال مختلفة لصراع يتمنى العالم ألا يحمل لغة (الحرب الباردة) خطورة هذا الصراع ليست سياسية أو عسكرية بقدر ما هي اقتصادية. فتفوق الولايات المتحدة الذي أتوقع أن يبقى مهما تعاظم حجم اقتصاد الصين وتجاوز الولايات المتحدة، فإن الولايات المتحدة نظام عالمي يتجاوز حدود الدولة من خلال شركاته التي عبرت القارات حاملةً المبادئ الرأسمالية القائمة على التنافسية، بل تجد سهولة في التكامل مع أهم الأنشطة الاقتصادية عالمياً حتى أصبح الدولار هو عملة العالم. في المقابل نجد أن الصين قد أحكمت قبضتها على أهم شركاتها التقنية لتبقى تحت سيطرتها لدرجة التدخل حتى في ساعات مشاهدة الفرد أو الطفل للألعاب الإلكترونية، فرسخت بذلك حضور الدولة الذي لا يستطيع خلق نظام حر يضاهي النظام الأميركي مهما نما وتضخم اقتصاده وتمددت شركاته عالميا.
التحدي الثالث، هي مصادر الطاقة أيضًا سواءً كان مصدرها الوقود الأحفوري أو الطاقة المتجددة هي مصدر تحدّ للعالم، فالوقود الأحفوري يحتاج عودة الاستثمارات بشكل ضخم في مجال البترول. فبنك JP Morgan يُقدّر أن العالم بحاجة لأسعار بترول لا تقل عن 80 دولارا لعودة استثمارات تلبي الطلب العالمي حتى العام 2030، أما الطاقة المتجددة فإن الوضع أكثر تعقيدًا، حيث يتوقع IMF أن يتضاعف استهلاك العالم من معدني النيكل والكوبالت - لإنتاج البطارية الكهربائية - بتضاعف يتراوح بين 4 إلى 6 مرات، وهنا يوجد تحديان: الأول: أن كميات كبيرة من هذه المعادن متركزة في دول محدودة، ثانيًا: أن تركيبة البطارية الكيميائية تتغير وتتطور مما يقلق المستثمرين في المعادن على المدى الطويل لذلك هناك توقعات بأن التركيز في الإنفاق على الأبحاث في الطاقة المتجددة قد يكون أعلى نسبيًا من الاستثمار في البنية التحتية بخلاف المصادر التقليدية الأحفورية ويبقى توفر الطاقة تحديا قد يعوق التطور التقني والاقتصادي مستقبلاً.
هذه التحديات الثلاثة سوف ترسم الكثير من استراتيجيات العالم واستثماراته وشكل تشريعاته.
مواقع النشر (المفضلة)