صادرات النفط .. السعودية تكسب معركة الحصص السوقية في آسيا




إن الهدنة التي خيّمت على أسواق البترول خلال الشهر الجاري تتعارض مع المنافسة الشرسة بين المصدِّرين الذين يسعى كل منهم للمحافظة على حصته في سوق بترولية غير مستقرة، حيث بدأ عدد من أكبر منتجي البترول في العالم في خفض الإنتاج.
ويبدو أن المملكة العربية السعودية، التي تعد أكبر مصدِّر للبترول في العالم، تحقق انتصارًا في المنافسة والاستحواذ على المبيعات، عبر قيامها بتخفيض أسعار الخام الخاص بها.
ويكافح المنتجون حول العالم للاحتفاظ بعملائهم، فيما يعمل فيروس كوروناعلى تدمير الطلب على الوقود. وبعد إغراق الأسواق في شهر أبريل، يقوم المنتجون حالياً بتخفيض شحنات الخام في إطار الصفقة التي أبرمها المنتجون المشاركون في اجتماع "أوبك بلس" بهدف التخلص من تخمة المعروض في أسواق البترول.
وإذا أردنا البحث عن دليل يبرهن على المكاسب التي حققها السعوديون، فيمكننا النظر إلى بيانات صادرات النفط الخام خلال الشهر الماضي؛ حيث كانت المملكة هي الدولة الوحيدة، بين أكبر أربعة منتجين في "أوبك"، التي قامت بزيادة مبيعاتها إلى الهند لشهر أبريل، وفقًا لخدمة وكالة بلومبيرج لتتبع ناقلات البترول.
كما أن شحنات الخام المتجهة من المملكة إلى الصين زادت بمقدار الضعف، وبلغت صادرات المملكة من البترول إلى الولايات المتحدة مليون برميل في اليوم، وهو أكبر مستوى تصل إليه منذ أغسطس 2018.
وبالإشارة إلى التنافس الحاد من أجل الاستحواذ على المستوردين، قال أحمد مهدي، الباحث المشارك في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة: "إن السعوديين يحققون نجاحات"، وأضاف: "اتبعت أرامكو سياسات شرسة لحماية حصتها السوقية في آسيا."


التعافي الصيني
وقامت شركة أرامكو السعودية، بتخفيض أسعارها الرسمية لبيع الخام في شهر أبريل إلى أدنى مستوياتها خلال عقود، ما أضعف موقف المنافسين. بل إن أرامكو خفضت الأسعار بنسبة أكبر على الشحنات الجاهزة للتوجّه إلى آسيا في مايو، ومن المتوقع أن تتوسع في التخفيضات على أسعار الخام المخصص لتلك المنطقة في يونيو.
وساعد هذا شركة أرامكو على إيجاد موضع للخام الذي تنتجه وسط الزيادة الكبيرة في المعروض؛ وارتفعت الصادرات السعودية إلى الصين بأكثر من الضعف في أبريل، حيث بلغت 2.2 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى لها منذ أن بدأت وكالة بلومبيرج في تتبع التدفقات البترولية في أوائل عام 2017م، كما وصلت شحنات الخام السعودي المتجهة للهند إلى أعلى مستوياتها خلال ثلاث سنوات على الأقل، حيث بلغت 1.1 مليون برميل يومياً.
إن حالة الهند تلقي الضوء على ما حققته السعودية من مكاسب في سوق البترول؛ فقد حافظ العراق، وهو ثاني أكبر عضو في منظمة الدول المصدِّرة للبترول "أوبك"، على تفوقه على السعودية، مستحوذاً على المركز الأول في مبيعات البترول لدولة الهند على مدى أكثر من ثلاث سنوات، ولكن صادرات العراق إلى الهند هبطت، خلال الشهر الماضي، إلى أدنى مستوى لها منذ يونيو 2018؛ حيث قامت الهند بإغلاق جانب كبير من اقتصادها لمواجهة وباء فيروس كورونا، وقامت المصافي في الهند بتقليص عمليات التشغيل، وأعادت توجيه الشحنات؛ وكانت الزيادة في صادرات البترول السعودي إلى الهند في أبريل تساوي مقدار التراجع الذي شهدته المبيعات العراقية للهند تقريبًا.

الطموح الهندي
ويجب أن تكافح المملكة كغيرها من المنتجين، في مواجهة التراجع الذي شهده الطلب نتيجة إجراءات الإغلاق بسبب انتشار وباء كورونا، حيث فقَدَ خام برنت نحو نصف قيمته خلال العام الجاري، وتخطى المؤشر الرئيسي لخام برنت حاجز30 دولارًا للبرميل، يوم الثلاثاء لأول مرة منذ ثلاثة أسابيع.
وأجرت شركة أرامكو السعودية تخفيضات على أسعار خامها الرئيس المخصص للبيع لآسيا، في شهري أبريل ومايو، أكبر من تلك التي أجراها العراق، كما يجري بيع برميل الخام السعودي الخفيف بخصمٍ استثنائي قياساً إلى سعربرميل الخام العراقي لشهر مايو.


الخصومات السعودية
وارتفعت الصادرات السعودية إلى الولايات المتحدة إلى متوسط قدره مليون برميل يوميًا، وهو أكبر مستوى تصل إليه منذ أغسطس 2018، وبشكل عام تُصَدِّر شركة أرامكوالزيت الخام إلى أمريكا انطلاقاً من الخليج العربي، لكن تدفقات الخام في أبريل تضمنت انطلاقأول شحنة يتم رصدها، خلال ثلاث سنوات على الأقل، من أحد موانئ المملكة على البحر الأحمر إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة، فيما انطلقت شحنة أخرى في نفس المسار مطلع الشهر الجاري.
يُشار إلى أن الإحصاءات حول كمية البترول المحمّلة بهدف التوجه إلى مكان معين قد ترتفع نظراً لأن بعض الناقلات لم تحدد وجهاتها النهائية بعدُ.
وتهدف المملكة إلى حماية مبيعاتها أمام الخام المنافس من كلٍ من الولايات المتحدة وروسيا وأفريقيا، حسب قول جافين طومسون، نائب الرئيس لشؤون الطاقة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى شركة"وود ماكنزي".
وأضاف طومسون، في مذكِّرة من إعداده، أن التخفيضات التي تجريها أرامكو على أسعار مبيعاتها من خام البترول لشهر مايو "تعطي مؤشراً واضحاً على هدفها الاستراتيجي المتمثل في ضمان احتفاظ خامها بقدرة تنافسية عالية في آسيا".