ألفت 18 كتابا وهي ضريرة وصمّاء- معجزة الارادة


أن تُبصر لا أن ترى ، أن تُصغي لا أن تسمع فقط .. إنها“هيلين كيلر”
الأديبة والمحاضرة والناشطة الأمريكية ، أيقونة الإرادة في القرن العشرين .

سيدة عاشت قرابة 86 عاماً في الظلام والسكون الجسديين، لكنها حملت عقلا وقلبا استثنائيين أخرجاها الى نور الأدب، فطافت شهرتها العالم

يدها قنديل عتمتها، تقرأ
“هيلين” ما يقوله الآخر باستخدام الأصابع (الإبهام والسبابة والوسطى) لتميّز الحروف عبر اهتزازات الصوت وحركة الشفاه مع الإشارات التي ترسمها المعلمة “سوليفان” على يدها الأخرى. في أصابع يد وراحة الأخرى يكمن سرُّ الإبحار نحو عالم هيلين
اسم المعلمة
“سوليفان” ملازم لاسم هيلين، فهذه المدّرسة التي وظفتها أم هيلين لتخرجها من عتمتها بعد اصابتها بمرض أفقدها السمع والبصر وهي في عمر السنة والنصف فقط
كانت هي الأخرى
مصابة بعمى جزئي شفيت منه لاحقا لتتخصص في تعليم الصم والبكم وغير المبصرين.

التقت خبرة المدرسة سوليفان مع الإرادة الصلبة للتلميذة “هيلين”، فأثمرت ما لم يتوقعه أحد:
شهادة جامعية في الأدب، واتقان للغات الفرنسية واللاتينية والألمانية واليونانية.، وبداية الرحلة الرائعة نحو الكتابة الأدبية.
لم يكن من السهل، تعليم هيلين كل شيء تقريبا، من استخدام الأمور البسيطة في الأكل حتى محاولة نطق الحروف،
وقد روت هيلين الكثير من تلك اللحظات الصعبة والمحفوفة بالأمل والإرادة في كتابها الذي نقرأ فيه سيرة حياتها الاستثنائية.

كان لافتا في الكتب والروايات التي ألفتها هيلين، قدرتها على وصف كل ما حولها بدقة، لا بل وتصوير المناظر الطبيعية كأنها تراها بأم ا****،
وهنا أيضا يعود الفضل بعد الله
للمعلمة سوليفان التي كانت تصطحب تلميذتها معها في رحلات صوب الطبيعة، فتعلمها لمس الشجر، ودغدغة العشب، والتمتع بأريج الورد،
والنظر الى ما حولها بمشاعرها الداخلية وخيالها الخصب.

غرّد اسم
“هيلين” خارج أميركا، فوظفت شهرتها لدعم القضايا الاجتماعية والمرأة،
وراحت تجمع التبرّعات لنصرة مساواة المعاقين في المجتمع.
وفي العام 1915 انشأت مؤسسة
” هيلين كيلر إنترناشيونال” لمكافحة سوء التغذية وعواقب فقدان البصر.

هذه السيدة الحديدية الإرادة ، وصاحبة القلب الطيب، لم تسلم من جور البشر، ففي العام 1933 أحرق طلاب نازيون كُتبها بسبب انتقادها التمييز الذي واجهه ذوو الاحتياجات الخاصة في عهد هتلر

بعد ان جالت على أكثر من 39 دولة، حصلت على لقب
سفيرة المؤسسة الأميركة للمبصرين
وحين وصلت الى اليابان بعد ان محت القنبلة النووية هيروشيما وناغازاكي، استقبلها مليونا شخص ، وفي مصر التقت بالأديب العربي الكبير طه حسين وكان في استقبالها اكثر من ظ¦ظ ظ الف نسمة.
وأما لقاؤها الشهير مع الرئيس الأميركي فرانكلين روزفيلت فاثمر عن قراره تشجيع اختراع
” الكتب الناطقة” بغية مساعدة غير المبصرين.

قرأت
هيلين أكثر بمئة مرة من أي قارئ عادي، نهمها للقراءة فتح لها أبواب السعادة، وفتح لقرائها أبواب الأمل، وقد ترجمت مؤلفاتها لمعظم لغات العالم ونالت جوائز كثيرة
في كتابها الحامل عنوان
” لو ابصرت ثلاثة أيام” نوع من الحسرة على فقد نعمة البصر، لكن في حياتها مثال لقدرة الانسان الهائلة على اجتراح المعجزات
حيث أثبتت أن الإرادة والسعادة والنجاح والابداع قرار
وان مشاعرنا الداخلية أكثر بصرا من حواسنا الخارجية حين تكون الروح صافية.



الكاتبة/ نادين عبدالله