مرحباً بك أيها القارئ الكريم
أتمنى أن تنعم بالحب والسلامة والأمان أنت ومن تحب .
منذ عدة أشهر عندما زرت أخصائي التغذية للإشراف على حميتي، بدأتُ زيارتي مباشرة بسرد القائمة التي تكون عادةً من شأن الأخصائي ذكرها لا المراجع
فكان من جملة ما قلت :
” أعلم أنه علي اتباع برنامج رياضي ، والابتعاد ما أمكن عن الماكرونات والخبز والرز والحلويات بل النشويات بكل أنواعها والسكريات وما صنف حولها
، ولا يخفى علي وجوب شرب لترين من الماء في اليوم وانتظام مواعيد الطعام والنوم له دور كبير جداً في نجاح حميتي كما أن الأملاح والمخللات من أكثر العوامل التي تسبب احتباس السوائل…. .”
قاطعني الطبيب بقهقهة بليدة بعد بعض الدهشة
سائلاً : فلم أنتِ هنا إذن ؟ !
الحقيقة أني لم أعلم لِمَ ، ولعلي حتى اللحظة لم أجد جواباً أكثر منطقية على سؤاله من ( التناقض ) فبالرغم من معرفتي لكل أسباب السمنة إلا أني أتبعها !
أرى الكثير من تفاصيل حياتنا هكذا بالضبط ، نعيشها بتناقض عجيب
والأدهى من ذلك كله أننا نمزج هذا التناقض بثوب رقيع من المكابرة والإنكار
كم منا يعلم يقيناً أن الوقت مهم لا يُعوض ثم يُهدر بالساعات الطوال أمام شاشات التلفاز والانترنت و النوم وغيرها من المسليات مستسلماً لها مكابراً متعذراً بأنه متنفس وحيد له وراحة من عناء يومٍ شاق ؟
كم منا يدندن بأهمية العلم وقدسية مكانته ، ثم لا يخطو نحوها سوى خطوات الحصول على الشهادة ، ومن ثم توظيفها فيما هو أهم بالنسبة إليه وأولى أياً يكن هذا الأهم ؟ !
كم منا يشعر في صميمه بروحه الجائعة في ثنايا فؤاده ، وتئن للغذاء والسكينة ، ومع ذلك نلجأ للصخب والتطاول والفرار من أغنى مصادر هذا الغذاء ؟
كم وكم منا يصارع مواهبه حين تأجج في صدره الطموح ، فيعتق هواجس نفسه ومخافه الوهمية ، لتطعن مهاراته وقدراته فيصبح عالة على المجتمع بدلاً من كونه يداً عليا ؟
كم منا يدعي الفضيلة ، ثم يكشف عورة القريب والبعيد ، ويكون أول من يغتال تلك الفضيلة ، ثم ينكر ويكابر !
كم منا يدعي سروره بنجاح الآخرين ، و هو في قرارته يموت كمداً وغيظاً ، وغيرةً تأكل قلبه ، أتساءل جداً لم؟ أيسرق نجاحك أم يستعمر أفكارك ؟؟
كم وكم منا يدعي الفهم والفهم منه براءة ، وإن حاولت شرحاً استهجنك ، بل بالغ في ادعاء الفهم وهو يدور حولك ويدور ، وأنت في نهاية المطاف خارج تلك الدائرة ؟
كم منا يتدخل في شؤون غيره ويعايره وينقده ببعض الخصال ، وهو مليء بها من رأسه حتى أخمص قدمه ؟
ما اكثر المواقف والتناقضات في الحياة !!
أحياناً نصدق تلك المظاهر التي ندعيها ونتناسى الحقائق التي نطوي صفحاتها ونسدل عليها الستار ، فتبقى العيوب والشوائب ثقوباً في أثواب نفسياتنا و شخصياتنا ويبقى ذلك الغطاء أمام الناس يشف عما نضمر ، تفضحها سلوكياتنا التي تعكس رغماً عنا ……….. الحقيقة
مواقع النشر (المفضلة)