درسنا في المناهج التعليمية أن صوت الرعد عبارة عن اصطدام سحابتين احداهما سالبة والأخرى موجبة .
هذا التفسير قديم، والتفسير الجديد : أن البرق هو سبب الرعد، حيث أن البرق يُحدث حرارة قوية ترفع حرارة الجو المحيط فيتمدد الهواء بسرعة فيحدث الرعد .
ولا يهمنا أيهما الصواب، وإنما المهم هو أن يتبين للناس أن هذه مجرد تفاسير ولا توجد أجهزة كما يتوهمه البعض .
وبالنسبة للتفسير الأول فلا زال يوجد من يقول به ، وخصوصًا الذين في جيلنا، ولا أدري الجيل الذي بعدنا أي تفسير قيل له .
وإذا نظرنا إلى كتب المتقدمين نجد أن هذا التفسير معروف عندهم وقال به الفلاسفة القدماء، ونجد أن شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله لا يرى أنه يتعارض مع الحديث المعروف عن الرعد فيقول :
وَأَمَّا " الرَّعْدُ وَالْبَرْقُ " فَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ فِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ {أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّعْدِ قَالَ: مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ مَعَهُ مخاريق مِنْ نَارٍ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ} . وَفِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ للخرائطي: عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّعْدِ فَقَالَ: " مَلَكٌ وَسُئِلَ عَنْ الْبَرْقِ فَقَالَ: مخاريق بِأَيْدِي الْمَلَائِكَةِ - وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ - مخاريق مِنْ حَدِيدٍ بِيَدِهِ ". وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ آثَارٌ كَذَلِكَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَقْوَالٌ لَا تُخَالِفُ ذَلِكَ. كَقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ اصْطِكَاكُ أَجْرَامِ السَّحَابِ بِسَبَبِ انْضِغَاطِ الْهَوَاءِ فِيهِ فَإِنَّ هَذَا لَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ فَإِنَّ الرَّعْدَ مَصْدَرُ رَعَدَ يَرْعَدُ رَعْدًا. وَكَذَلِكَ الرَّاعِدُ يُسَمَّى رَعْدًا. كَمَا يُسَمَّى الْعَادِلُ عَدْلًا. وَالْحَرَكَةُ تُوجِبُ الصَّوْتَ وَالْمَلَائِكَةُ هِيَ الَّتِي تُحَرِّكُ السَّحَابَ وَتَنْقُلُهُ مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ وَكُلُّ حَرَكَةٍ فِي الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ فَهِيَ عَنْ الْمَلَائِكَةِ وَصَوْتُ الْإِنْسَانِ هُوَ عَنْ اصْطِكَاكِ أَجْرَامِهِ الَّذِي هُوَ شَفَتَاهُ وَلِسَانُهُ وَأَسْنَانُهُ وَلَهَاتُهُ وَحَلْقُهُ. وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَكُونُ مُسَبِّحًا لِلرَّبِّ. وَآمِرًا بِمَعْرُوفِ وَنَاهِيًا عَنْ مُنْكَرٍ. فَالرَّعْدُ إذًا صَوْتٌ يَزْجُرُ السَّحَابَ .
انتهى النقل
وقبله نجد القرطبي رحمه الله يعترض على هذا التفسير لعدم الدليل فيقول : وَقَالَتِ الْفَلَاسِفَةُ:
الرَّعْدُ صَوْتُ اصْطِكَاكِ أَجْرَامِ السَّحَابِ. وَالْبَرْقُ مَا يَنْقَدِحُ مِنَ اصْطِكَاكِهَا. وَهَذَا مَرْدُودٌ لَا يَصِحُّ بِهِ نَقْلٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
انتهى النقل
ولكن من العجيب أننا نجد قبلهما الرازي يصيغ هذه النظرية بعبارة عجيبة فيقول :
قَالَتِ الْفَلَاسِفَةُ السَّحَابُ فِيهِ كَثَافَةٌ وَلَطَافَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْهَوَاءِ وَالْمَاءِ. فَالْهَوَاءُ أَلْطَفُ مِنْهُ وَالْمَاءُ أَكْثَفُ فَإِذَا هَبَّتْ رِيحٌ قَوِيَّةٌ تَخْرِقُ السَّحَابَ بِعُنْفٍ فَيَحْدُثُ صَوْتُ الرَّعْدِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ النَّارُ كَمِسَاسِ جِسْمٍ جِسْمًا بِعُنْفٍ .
انتهى النقل
وهذه الصياغة تشابه صياغة التفسير الثاني للعصر الحديث ، ولكن هناك قالوا : أن البرق هو سبب الرعد، وهنا قالوا : أن الرعد هو سبب البرق . وهذا الصنيع يشابه صنيعهم في مركزية الأرض، حيث قلبوا الأمر فقالوا بمركزية الشمس .
غير أني قرأتُ عن التفسير الثاني أنهم استخدموا صاروخ وفيه كاميرات ، وكما قلتُ سابقًا لا يهمنا هنا أيهما الصواب ، فالمهم أن تُزال عن البعض الأوهام .
مواقع النشر (المفضلة)