ولدالقصيم
22-07-2022, 11:45 PM
http://my.mec.biz/attachment.php?attachmentid=138688&d=1364445733
نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ
الحمدُ للهِ الذي خَلَقَ فَسَوَّى؛ أَظْهَرَ عَجَائِبَهُ وَعَظَمَتَهُ بِمَخْلُوقَاتِهِ، وَأَمَرَ بِالتَّدَبُّرِ وَالنَّظَرِ في أَرضِهِ وَسَمَاوَاتِهِ، سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ نِعَمُهُ تَتْرَى، وَفَضْلُهُ لا يُحْصَى،
أَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، وَأَشْهَدُ أنَّ نَبِينَا مُحمَّداً عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَصْدَقُ العِبَاد للهِ شُكْراً، وأَعظَمُهُم لِرِبِّهِ ذِكْراً،
صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعلى آلِهِ وَأَصْحَابِه وَالتَّابِعِينَ لهُمْ بِإحْسَانٍ وإيمَانٍ إلى يومِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوى فَهِيَ وصيةُ اللهِ للأَوَّلِينَ وَالآخِرِينِ، وَهِيَ مُسْتَمْسَكُ الصَّالِحينَ، وَسَبِيلُ النَّجَاةِ في الدُّنَيا وَيومِ الدِّينِ.
مَعَاشِرَ الْمُسلِمينَ:في تَقلُّبِ الزَّمَانِ مُدَّكرٌ،
وَفي التَّحَوُّلِ مِنْ شِتَاءٍ إلى صَيفٍ مُحْرِقٍ مَا يُنبِّهُ الْمَتَذَكِّرِينَ, وَيُنِيرُ عُقُولَهُمْ تَفَكُّرًا بِعَظَمَةِ البَارِي وَسَعَةِ سُلْطَانِهِ,
ونُفوذِ قُدْرَتِهِ وَمَشيئَتِهِ, وَعُمُومِ عِلْمِهِ وَحِلْمِهِ,وَشُمُولِ مُلْكِهِ وَحِكْمَتِهِ.الْقَائِلِ فِي كِتَابِهِ:(يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ).
وَهَذا التَّقَلُّبَ يَسُوقُنَا إلى شُكْرِ اللهِ عَلى جَمِيعِ نِعَمِهِ, فَلَقَدْ نَبَّهَ اللهُ الْمُؤمِنِينَ لِذَلكَ فَقَالَ:(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا).
فالْمَسَاكْنُ والْمَسَاجِدُ والْمَرَاكِبُ وَأَمَاكِنُ الْعَمَلِ فِي بَرْدٍ مُعْتَدَلٍ وَتَكْييفٍ لَطِيفٍ فَللهِ الْحَمْدُ والْمِنَّةُ.
عِبَادَ اللهِ:نَعيشُ أَيَّامَنَا مَعَ وَاعظِ الصَّيفِ وَخَطِيبِهِ،فَهْل أَصْغَتْ قُلُوبُنَا لِمَوعِظَتِهِ؟وَوَعَينَا دُرُوسَهُ وَحِكَمَهُ؟
فَمَنْ مِنَّا لَم يُؤذِهِ حَرُّ الصَّيفِ؟مَنْ مِنَّا مَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِمِئاتِ الْبَشَرِ مِمَّنْ أَهْلَكَهُمُ الْحَرُّ وَأَفْنَاهُمْ في دُولٍ غَرْبِيَّةٍ وأُورُوبِّيَّةٍ,مَنْ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرَ حَرائِقَ الْغَابَاتِ التي لَمْ يُسَيْطِرْ عَليهَا الْبَشَرُ؟فأيُّ شيءٍ نَتَعَلَّمُهُ مِن ذَلِكَ؟
هَلْ يَكُونُ حَظُّنَا مُتَابَعَةُ الأَخْبَارِ الْمُجَرَّدَةِ؟ كلا فَالْمُؤمِنُ يَتَذَكَّرُ وَيَتَّعِظُ وَيَعْتَبِرُ.
رَأَى عُمَرُ بنُ عَبدْ العَزِيزِ رَحِمَهُ اللهُ قَومًا في جَنَازَةٍ قَدْ تَوَقَّوا مِن حَرِّ الشَّمْسِ إلى الظِّلِّ، فَأَبْكَاهُ الْمَنْظَرُ فَأَنْشَد قَائِلاً:
مَنْ كانَ حِينَ تُصيبُ الشَّمْسُ جَبْهتَهُ*أَو الغُبَارُ يخافُ الشَّيْـنَ وَالشَعَثـَا.
وَيَأَلَفُ الظِّـــلَّ كَي تَبْقَى بَشَاشَتُهُ*فَسَوفَ يَسْكُنُ يَومـًا رَاغِمًا جَدَثًا.
تجهَّـزِي بجَهَــازٍ تَبْلُغِيـنَ بِـِـه*يَا نَفْسُ قَبْلَ الرَّدَى لم تُخْلَقِي عَبَثَـا.
عِبَادَ اللهِ:يَسْاَلُ البَعْضُ مِنْ أَينَ يَأْتي الحَرُّ؟فَقَدْ أَجَابَ عنْ ذَلِكَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمِ كَما في الصَّحِيحَينِ:
مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،أَنْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،قَالَ:" قَالَتِ النَّارُ:رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا،
فَأْذَنْ لِي أَتَنَفَّسْ،فَأْذِنْ لَهَا بِنَفَسَيْنِ،نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ،وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَمَا وَجَدْتُمْ مِنْ بَرْدٍ،أَوْ زَمْهَرِيرٍ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ،
وَمَا وَجَدْتُمْ مِنْ حَرٍّ، أَوْ حَرُورٍ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ".وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ الْحَرُّ، فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ».
أَعَرَفْتُمْ يَا رَعَاكُمُ اللهُ أَنَّ مَصْدَرَهُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ!أَعَاذَنَا اللهُ جَمِيعًا مِنْهَا.
إِذَا حُقَّ لَنَا أَنَّ نُذَكِّرَ بِأَنَّ الصَّيفَ مَوعِظَةٌ، وَأَيُّ مَوعِظَةٍ! مَوعِظَةٌ بِأَنْ نَسْتَعِذَ باللهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ.
وَهَّذا مَنْهَجُ رَبِّنَا فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ يُذَكِّرُنَا بِنَعِيمِ الْجَنَّةِ وَيُخَوِّفُونَا مِنْ عَذَابِ النَّارِ.
التي وَصَفَهَا اللهُ بِقَولِهِ:(إِذَا رَأَتْهُمْ مّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً
(.عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغِلُّ أَيَّ فُرْصَةٍ لِتَذْكِيرِ أَصْحَابِهِ, فَإنْ رَأى غَيمًا ذَكَّرِ بِقَومِ عَادٍ, وَإنْ آنَسَ حَرًّا أَو رَأَى نَارًا عَظِيمَةً ذَكَّرَ
فَقَالَ: «نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ» قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً قَالَ: «فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا».
وَإنْ رَأَى مَرِيضٍا بِالْحُمَّى ذَكَّرَ بِفَيْحِ جَهَنَّمَ, فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ».
وَلَمَّا دَخَلَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمِّ السَّائِبِ يَزُورُهَا قَالَ: «مَا لَكِ؟ يَا أُمَّ السَّائِبِ أَوْ يَا أُمَّ الْمُسَيِّبِ تُزَفْزِفِينَ؟»
قَالَتْ: الْحُمَّى، لَا بَارَكَ اللهُ فِيهَا، فَقَالَ: «لَا تَسُبِّي الْحُمَّى، فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ، كَمَا يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ» الأحَادِيثُ رَوَاهَا الإمَامُ مُسْلِمٌ.
أيُّهَا الأَخُ الْمُسْلِمُ: حَقٌّ عَليكَ أَنْ تَسْأَلَ نَفْسَكَ وَأنْتَ تَتَّقِي حَرَّ الدُّنْيَا: كَيفَ تَتَّقِي حَرَّ الآخِرَةِ؟
التي قَالَ اللهُ عَنْهَا:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ).
وَإذَا كَانَ حَرُّ الدُّنْيَا مِنْ فَيحِ جَهَنَّمَ فَهُوَ أَيضًا بِسَبَبِ دُنُوَّ الشَّمْسِ نَحْوَ الأَرضِ قَليلاً!
فَمَا بَالُكُمْ بِمَشْهَدٍ وَصَفَهُ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ منْ حَدِيثِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ، حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ» قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ:
فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ؟ أَمَسَافَةَ الْأَرْضِ، أَمِ الْمِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ قَالَ: «فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ،
وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا» وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
يَا مُؤمِنُونَ: اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، فَهَذِهِ وَصِيَّةُ رَسُولِ اللهِ لَنَا. وَفَّقَنَا اللهُ جَميعًا للأَعمَالِ الصَّالحةِ وَالأَقْوالِ الطيِّبةِ وَأَعَاذَنَا بِرَحْمَتهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ.
أقولُ مَا سَمِعْتُمْ، وأستغفِر الله لي ولَكم ولِسائرِ المسلِمين مِن كلّ ذَنبٍ، فاستَغفِروه إنّه هوَ الغفورُ الرّحيم
نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ
الحمدُ للهِ الذي خَلَقَ فَسَوَّى؛ أَظْهَرَ عَجَائِبَهُ وَعَظَمَتَهُ بِمَخْلُوقَاتِهِ، وَأَمَرَ بِالتَّدَبُّرِ وَالنَّظَرِ في أَرضِهِ وَسَمَاوَاتِهِ، سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ نِعَمُهُ تَتْرَى، وَفَضْلُهُ لا يُحْصَى،
أَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، وَأَشْهَدُ أنَّ نَبِينَا مُحمَّداً عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَصْدَقُ العِبَاد للهِ شُكْراً، وأَعظَمُهُم لِرِبِّهِ ذِكْراً،
صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعلى آلِهِ وَأَصْحَابِه وَالتَّابِعِينَ لهُمْ بِإحْسَانٍ وإيمَانٍ إلى يومِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوى فَهِيَ وصيةُ اللهِ للأَوَّلِينَ وَالآخِرِينِ، وَهِيَ مُسْتَمْسَكُ الصَّالِحينَ، وَسَبِيلُ النَّجَاةِ في الدُّنَيا وَيومِ الدِّينِ.
مَعَاشِرَ الْمُسلِمينَ:في تَقلُّبِ الزَّمَانِ مُدَّكرٌ،
وَفي التَّحَوُّلِ مِنْ شِتَاءٍ إلى صَيفٍ مُحْرِقٍ مَا يُنبِّهُ الْمَتَذَكِّرِينَ, وَيُنِيرُ عُقُولَهُمْ تَفَكُّرًا بِعَظَمَةِ البَارِي وَسَعَةِ سُلْطَانِهِ,
ونُفوذِ قُدْرَتِهِ وَمَشيئَتِهِ, وَعُمُومِ عِلْمِهِ وَحِلْمِهِ,وَشُمُولِ مُلْكِهِ وَحِكْمَتِهِ.الْقَائِلِ فِي كِتَابِهِ:(يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ).
وَهَذا التَّقَلُّبَ يَسُوقُنَا إلى شُكْرِ اللهِ عَلى جَمِيعِ نِعَمِهِ, فَلَقَدْ نَبَّهَ اللهُ الْمُؤمِنِينَ لِذَلكَ فَقَالَ:(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا).
فالْمَسَاكْنُ والْمَسَاجِدُ والْمَرَاكِبُ وَأَمَاكِنُ الْعَمَلِ فِي بَرْدٍ مُعْتَدَلٍ وَتَكْييفٍ لَطِيفٍ فَللهِ الْحَمْدُ والْمِنَّةُ.
عِبَادَ اللهِ:نَعيشُ أَيَّامَنَا مَعَ وَاعظِ الصَّيفِ وَخَطِيبِهِ،فَهْل أَصْغَتْ قُلُوبُنَا لِمَوعِظَتِهِ؟وَوَعَينَا دُرُوسَهُ وَحِكَمَهُ؟
فَمَنْ مِنَّا لَم يُؤذِهِ حَرُّ الصَّيفِ؟مَنْ مِنَّا مَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِمِئاتِ الْبَشَرِ مِمَّنْ أَهْلَكَهُمُ الْحَرُّ وَأَفْنَاهُمْ في دُولٍ غَرْبِيَّةٍ وأُورُوبِّيَّةٍ,مَنْ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرَ حَرائِقَ الْغَابَاتِ التي لَمْ يُسَيْطِرْ عَليهَا الْبَشَرُ؟فأيُّ شيءٍ نَتَعَلَّمُهُ مِن ذَلِكَ؟
هَلْ يَكُونُ حَظُّنَا مُتَابَعَةُ الأَخْبَارِ الْمُجَرَّدَةِ؟ كلا فَالْمُؤمِنُ يَتَذَكَّرُ وَيَتَّعِظُ وَيَعْتَبِرُ.
رَأَى عُمَرُ بنُ عَبدْ العَزِيزِ رَحِمَهُ اللهُ قَومًا في جَنَازَةٍ قَدْ تَوَقَّوا مِن حَرِّ الشَّمْسِ إلى الظِّلِّ، فَأَبْكَاهُ الْمَنْظَرُ فَأَنْشَد قَائِلاً:
مَنْ كانَ حِينَ تُصيبُ الشَّمْسُ جَبْهتَهُ*أَو الغُبَارُ يخافُ الشَّيْـنَ وَالشَعَثـَا.
وَيَأَلَفُ الظِّـــلَّ كَي تَبْقَى بَشَاشَتُهُ*فَسَوفَ يَسْكُنُ يَومـًا رَاغِمًا جَدَثًا.
تجهَّـزِي بجَهَــازٍ تَبْلُغِيـنَ بِـِـه*يَا نَفْسُ قَبْلَ الرَّدَى لم تُخْلَقِي عَبَثَـا.
عِبَادَ اللهِ:يَسْاَلُ البَعْضُ مِنْ أَينَ يَأْتي الحَرُّ؟فَقَدْ أَجَابَ عنْ ذَلِكَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمِ كَما في الصَّحِيحَينِ:
مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،أَنْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،قَالَ:" قَالَتِ النَّارُ:رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا،
فَأْذَنْ لِي أَتَنَفَّسْ،فَأْذِنْ لَهَا بِنَفَسَيْنِ،نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ،وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَمَا وَجَدْتُمْ مِنْ بَرْدٍ،أَوْ زَمْهَرِيرٍ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ،
وَمَا وَجَدْتُمْ مِنْ حَرٍّ، أَوْ حَرُورٍ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ".وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ الْحَرُّ، فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ».
أَعَرَفْتُمْ يَا رَعَاكُمُ اللهُ أَنَّ مَصْدَرَهُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ!أَعَاذَنَا اللهُ جَمِيعًا مِنْهَا.
إِذَا حُقَّ لَنَا أَنَّ نُذَكِّرَ بِأَنَّ الصَّيفَ مَوعِظَةٌ، وَأَيُّ مَوعِظَةٍ! مَوعِظَةٌ بِأَنْ نَسْتَعِذَ باللهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ.
وَهَّذا مَنْهَجُ رَبِّنَا فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ يُذَكِّرُنَا بِنَعِيمِ الْجَنَّةِ وَيُخَوِّفُونَا مِنْ عَذَابِ النَّارِ.
التي وَصَفَهَا اللهُ بِقَولِهِ:(إِذَا رَأَتْهُمْ مّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً
(.عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغِلُّ أَيَّ فُرْصَةٍ لِتَذْكِيرِ أَصْحَابِهِ, فَإنْ رَأى غَيمًا ذَكَّرِ بِقَومِ عَادٍ, وَإنْ آنَسَ حَرًّا أَو رَأَى نَارًا عَظِيمَةً ذَكَّرَ
فَقَالَ: «نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ» قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً قَالَ: «فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا».
وَإنْ رَأَى مَرِيضٍا بِالْحُمَّى ذَكَّرَ بِفَيْحِ جَهَنَّمَ, فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ».
وَلَمَّا دَخَلَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمِّ السَّائِبِ يَزُورُهَا قَالَ: «مَا لَكِ؟ يَا أُمَّ السَّائِبِ أَوْ يَا أُمَّ الْمُسَيِّبِ تُزَفْزِفِينَ؟»
قَالَتْ: الْحُمَّى، لَا بَارَكَ اللهُ فِيهَا، فَقَالَ: «لَا تَسُبِّي الْحُمَّى، فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ، كَمَا يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ» الأحَادِيثُ رَوَاهَا الإمَامُ مُسْلِمٌ.
أيُّهَا الأَخُ الْمُسْلِمُ: حَقٌّ عَليكَ أَنْ تَسْأَلَ نَفْسَكَ وَأنْتَ تَتَّقِي حَرَّ الدُّنْيَا: كَيفَ تَتَّقِي حَرَّ الآخِرَةِ؟
التي قَالَ اللهُ عَنْهَا:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ).
وَإذَا كَانَ حَرُّ الدُّنْيَا مِنْ فَيحِ جَهَنَّمَ فَهُوَ أَيضًا بِسَبَبِ دُنُوَّ الشَّمْسِ نَحْوَ الأَرضِ قَليلاً!
فَمَا بَالُكُمْ بِمَشْهَدٍ وَصَفَهُ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ منْ حَدِيثِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ، حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ» قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ:
فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ؟ أَمَسَافَةَ الْأَرْضِ، أَمِ الْمِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ قَالَ: «فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ،
وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا» وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
يَا مُؤمِنُونَ: اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، فَهَذِهِ وَصِيَّةُ رَسُولِ اللهِ لَنَا. وَفَّقَنَا اللهُ جَميعًا للأَعمَالِ الصَّالحةِ وَالأَقْوالِ الطيِّبةِ وَأَعَاذَنَا بِرَحْمَتهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ.
أقولُ مَا سَمِعْتُمْ، وأستغفِر الله لي ولَكم ولِسائرِ المسلِمين مِن كلّ ذَنبٍ، فاستَغفِروه إنّه هوَ الغفورُ الرّحيم