طالع نسبه
08-03-2022, 03:29 PM
الحرب الأوكرانية والأسمدة .. الأمن الغذائي العالمي في خطر والفقراء يدفعون الثمن (argaam.com) (https://www.argaam.com/ar/article/articledetail/id/1541196)
"لدينا ما يكفي من الأسمدة حتى منتصف أكتوبر المقبل، ولكن هناك احتياجات مستقبلية علينا العمل على تلبيتها" هكذا جاءت تصريحات وزير الزراعة البرازيلي حول الأزمة التي تعانيها بلاده بفعل توقعات شح العرض من الأسمدة بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية.
وتبحث البرازيل بشكل عاجل عن بدائل لأسمدة أوروبا الشرقية، ولا سيما في ظل استيرادها لربع احتياجاتها تقريبا من روسيا وحدها، حيث تتطلع البرازيل إلى تشيلي لتوفير المزيد من البوتاسيوم ودول الشرق الأوسط لتوريد المزيد من اليوريا.
روسيا.. وبيلاروسيا أيضًا
في الوقت الذي تركزت فيه الأنظار على العقوبات الغربية على روسيا، ولا سيما ما يتعلق بوقف عمل نظام "سويفت" وأنظمة "فيزا" و"ماستر كارد"، ومدى تأثر أسعار النفط العالمية بالحرب والعقوبات، بدت قضية أخرى هامة للغاية ولكنها لا تحظى بالاهتمام نفسه وتتعلق بصناعة الأسمدة.
وعلى الرغم من أن روسيا تأتي في المرتبة الثالثة بين منتجي السماد عالميًا، بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين، فإنها تأتي في المركز الأول في ترتيب مصدريه، وذلك مع صادرات قيمتها 7 مليارات دولار عام 2020، تليها الصين بـ6.5 مليار دولار، ثم كندا بأكثر من 5 مليارات.
كما أن روسيا البيضاء، المتغلغلة بالصراع بالفعل، هي المُصدر الخامس عالميا للأسمدة أيضا، بإجمالي إنتاج بقيمة حوالي 3 مليارات دولار سنويا، وقد بدأت الإدارة الأمريكية خطوات لاستهداف الصادرات من روسيا البيضاء، وذلك بعد إقرار الاتحاد الأوروبي لعقوبات عليها في مجال تصدير أسمدة البوتاس، وهو من أهم صادراتها.
وتتميز الصادرات الروسية بتوجهها للعديد من الأسواق، فهي موجودة في أسواق الأمريكيتين، وفي الأسواق الآسيوية وكذلك في أوروبا وإفريقيا، خاصة مع احتلالها للمركز الثاني عالميا في إنتاج البوتاس، بعد كندا، والأخير مادة مغذية حيوية في إنتاج الخضراوات والفاكهة، بما يجعل أي إخفاق في الإنتاج الروسي مؤثرًا عالميًا.
أزمة قديمة - جديدة
والشاهد أن الأزمة الروسية - الأوكرانية، تأتي بينما تعاني صناعة الأسمدة من العديد من الأزمات بالفعل، منها ارتفاع قياسي وغير مسبوق في أسعار المواد الكيميائية التي يتم تصنيع الأسمدة منها.
وعلى سبيل المثال، في الفترة بين يناير 2021 إلى يناير 2022، ارتفع سعر الأمونيا بنسبة 220%، واليوريا بنسبة 148%، وثنائي فوسفات الأمونيوم بنسبة 90%، وكلوريد البوتاسيوم بنسبة 198%.
وكانت هناك مجموعة من العوامل وراء هذه الزيادات الحادة في تكلفة المدخلات، ومنها القيود على العرض في البلدان المنتجة للأسمدة مثل الصين والهند والولايات المتحدة وروسيا وكندا. كما كان ارتفاع تكاليف الشحن، وارتفاع أسعار النفط والغاز من العوامل المساهمة، إلى جانب زيادة الطلب العالمي من المنتجات الزراعية.
وسيزيد الصراع الروسي الأوكراني من ضغوط الأسعار، لا سيما إذا عانت الصادرات الروسية من الحرب والعقوبات، فضلًا عن التأثير القائم حاليا بالفعل بسبب الارتفاع الكبير للغاية في أسعار الشحن.
كُلفة اقتصادية وإنسانية
وبالفعل حذرت شركة "موزايك" الأمريكية الكبيرة لإنتاج المخصبات من نقص البوتاس وتأثيره السلبي على المحاصيل، ولا سيما في الدول الفقيرة، وقال "باتريك دونلي"، كبير المحللين لدى شركة "ثيرد بريدج" للاستشارات "أسعار الأسمدة بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق، وهناك احتمال كبير أن نشهد نقصا في العام المقبل، خصوصا قبل موسم الزراعة في أمريكا الشمالية".
ولتبيان خطورة ذلك قال وزير الزراعة الأمريكي ،"توم فيلساك"، إنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت الحرب في أوكرانيا ستعطل تجارة الأسمدة الدولية، لكنه حذر الشركات من "الاستفادة غير العادلة" من الظروف الحالية من خلال تضخيم الأسعار بشكل مصطنع.
ولن تكون الكلفة لمسألة ارتفاع أسعار الأسمدة اقتصادية فحسب، بل غالبا ما سيكون لها تأثير إنساني، حيث كشفت تقارير إخبارية أن ارتفاع أسعار الأسمدة العالمية فاقم من المخاوف بشأن الأمن الغذائي في أنحاء منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، حيث يعتمد صغار المزارعين بشكل شبه كامل على الواردات من الأسمدة- هذا إذا استخدموا أسمدة من الأساس.
وبسبب الارتفاعات السعرية القائمة والمحتملة يبحث العديد من المزارعين الاستغناء عن شراء الأسمدة هذا العام، بما يجعل السوق التي كان يتوقع لها منذ فترة أن تحقق نموا، معرضة للانكماش بنسبة الثلث تقريبا، وفقا لـ"سيباستيان ندوفا"، مدير برنامج في مجموعة "أفريكا فرتيليزر دوت أورج" للأبحاث.
والشاهد أن ذلك يمكن أن يحد من إنتاج الحبوب بنحو 30 مليون طن، وهو ما يكفي لإطعام 100 مليون شخص، وما يفاقم الأزمة "إنسانياً" ما يشير إليه برنامج الأغذية العالمي عن وجود حوالي 20 مليون شخص على شفا المجاعة في تلك المنطقة بالفعل.
وتسجل منطقة أفريقيا جنوب الصحراء أدنى معدلات استخدام للأسمدة في العالم، بمتوسط 12 كيلوجراما للهكتار الواحد"عشرة آلاف متر مربع"، مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 110 كيلوجرامات.
نصف إنتاج الغذاء العالمي مهدد
ولذلك حذر رئيس شركة «يارا إنترناشيونال» النرويجية، وهي إحدى أكبر شركات إنتاج الأسمدة في العالم، ولها وجود في أكثر من 60 دولة، "سفين توري هولسيثر"، من أن الوضع قد يصبح أكثر صعوبة، مضيفا أن الصناعة تعاني بالفعل من قبل الغزو الروسي بسبب ارتفاع أسعار الغاز (حتى أن إنتاج شركته انخفض بنسبة 40% بسبب ارتفاع أسعار الغاز في بعض فترات العام الماضي).
وأضاف "هولسيثر" في حديث إلى هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) أن نصف سكان العالم يحصلون من الغذاء بسبب الأسمدة، أي أنه إذا لم تتوافر الأسمدة (كلياً) في الحقول على مستوى العالم فستنخفض الأغذية المنتجة بنسبة 50% كاملة وهو تأثير ضخم للغاية بطبيعة الحال.
وما يدعم مخاوف "هولسيثير" حقيقة أن الحكومة الروسية طالبت منتجيها بالعمل على وقف صادرات الأسمدة (لم تُصدِر قرارا مُلزما بعد)، بل وجاء على لسان أكثر من مسؤول روسي أنه يمكن لموسكو "معاقبة" الغرب بوقف تصدير الأسمدة، حيث تحصل أوروبا على قرابة 40% من الأسمدة التي تستخدمها من روسيا.
وشدد "هولسيثير" على أن إنتاج الأغذية سيتأثر حتما بسبب الأزمة الحالية للأسمدة، ولكن السؤال هو حول مدى التأثر وهل سيكون سعريا فحسب أم سيؤثر بالسلب على كم الأغذية المنتجة أيضا، ولكنه أكد على أن الدول الفقيرة ستكون في صدارة المتضررين بالطبع.
المصادر: بي.بي.سي- وول ستريت جورنال- رويترز- كونفرسيشن- إنفستبيديا
"لدينا ما يكفي من الأسمدة حتى منتصف أكتوبر المقبل، ولكن هناك احتياجات مستقبلية علينا العمل على تلبيتها" هكذا جاءت تصريحات وزير الزراعة البرازيلي حول الأزمة التي تعانيها بلاده بفعل توقعات شح العرض من الأسمدة بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية.
وتبحث البرازيل بشكل عاجل عن بدائل لأسمدة أوروبا الشرقية، ولا سيما في ظل استيرادها لربع احتياجاتها تقريبا من روسيا وحدها، حيث تتطلع البرازيل إلى تشيلي لتوفير المزيد من البوتاسيوم ودول الشرق الأوسط لتوريد المزيد من اليوريا.
روسيا.. وبيلاروسيا أيضًا
في الوقت الذي تركزت فيه الأنظار على العقوبات الغربية على روسيا، ولا سيما ما يتعلق بوقف عمل نظام "سويفت" وأنظمة "فيزا" و"ماستر كارد"، ومدى تأثر أسعار النفط العالمية بالحرب والعقوبات، بدت قضية أخرى هامة للغاية ولكنها لا تحظى بالاهتمام نفسه وتتعلق بصناعة الأسمدة.
وعلى الرغم من أن روسيا تأتي في المرتبة الثالثة بين منتجي السماد عالميًا، بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين، فإنها تأتي في المركز الأول في ترتيب مصدريه، وذلك مع صادرات قيمتها 7 مليارات دولار عام 2020، تليها الصين بـ6.5 مليار دولار، ثم كندا بأكثر من 5 مليارات.
كما أن روسيا البيضاء، المتغلغلة بالصراع بالفعل، هي المُصدر الخامس عالميا للأسمدة أيضا، بإجمالي إنتاج بقيمة حوالي 3 مليارات دولار سنويا، وقد بدأت الإدارة الأمريكية خطوات لاستهداف الصادرات من روسيا البيضاء، وذلك بعد إقرار الاتحاد الأوروبي لعقوبات عليها في مجال تصدير أسمدة البوتاس، وهو من أهم صادراتها.
وتتميز الصادرات الروسية بتوجهها للعديد من الأسواق، فهي موجودة في أسواق الأمريكيتين، وفي الأسواق الآسيوية وكذلك في أوروبا وإفريقيا، خاصة مع احتلالها للمركز الثاني عالميا في إنتاج البوتاس، بعد كندا، والأخير مادة مغذية حيوية في إنتاج الخضراوات والفاكهة، بما يجعل أي إخفاق في الإنتاج الروسي مؤثرًا عالميًا.
أزمة قديمة - جديدة
والشاهد أن الأزمة الروسية - الأوكرانية، تأتي بينما تعاني صناعة الأسمدة من العديد من الأزمات بالفعل، منها ارتفاع قياسي وغير مسبوق في أسعار المواد الكيميائية التي يتم تصنيع الأسمدة منها.
وعلى سبيل المثال، في الفترة بين يناير 2021 إلى يناير 2022، ارتفع سعر الأمونيا بنسبة 220%، واليوريا بنسبة 148%، وثنائي فوسفات الأمونيوم بنسبة 90%، وكلوريد البوتاسيوم بنسبة 198%.
وكانت هناك مجموعة من العوامل وراء هذه الزيادات الحادة في تكلفة المدخلات، ومنها القيود على العرض في البلدان المنتجة للأسمدة مثل الصين والهند والولايات المتحدة وروسيا وكندا. كما كان ارتفاع تكاليف الشحن، وارتفاع أسعار النفط والغاز من العوامل المساهمة، إلى جانب زيادة الطلب العالمي من المنتجات الزراعية.
وسيزيد الصراع الروسي الأوكراني من ضغوط الأسعار، لا سيما إذا عانت الصادرات الروسية من الحرب والعقوبات، فضلًا عن التأثير القائم حاليا بالفعل بسبب الارتفاع الكبير للغاية في أسعار الشحن.
كُلفة اقتصادية وإنسانية
وبالفعل حذرت شركة "موزايك" الأمريكية الكبيرة لإنتاج المخصبات من نقص البوتاس وتأثيره السلبي على المحاصيل، ولا سيما في الدول الفقيرة، وقال "باتريك دونلي"، كبير المحللين لدى شركة "ثيرد بريدج" للاستشارات "أسعار الأسمدة بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق، وهناك احتمال كبير أن نشهد نقصا في العام المقبل، خصوصا قبل موسم الزراعة في أمريكا الشمالية".
ولتبيان خطورة ذلك قال وزير الزراعة الأمريكي ،"توم فيلساك"، إنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت الحرب في أوكرانيا ستعطل تجارة الأسمدة الدولية، لكنه حذر الشركات من "الاستفادة غير العادلة" من الظروف الحالية من خلال تضخيم الأسعار بشكل مصطنع.
ولن تكون الكلفة لمسألة ارتفاع أسعار الأسمدة اقتصادية فحسب، بل غالبا ما سيكون لها تأثير إنساني، حيث كشفت تقارير إخبارية أن ارتفاع أسعار الأسمدة العالمية فاقم من المخاوف بشأن الأمن الغذائي في أنحاء منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، حيث يعتمد صغار المزارعين بشكل شبه كامل على الواردات من الأسمدة- هذا إذا استخدموا أسمدة من الأساس.
وبسبب الارتفاعات السعرية القائمة والمحتملة يبحث العديد من المزارعين الاستغناء عن شراء الأسمدة هذا العام، بما يجعل السوق التي كان يتوقع لها منذ فترة أن تحقق نموا، معرضة للانكماش بنسبة الثلث تقريبا، وفقا لـ"سيباستيان ندوفا"، مدير برنامج في مجموعة "أفريكا فرتيليزر دوت أورج" للأبحاث.
والشاهد أن ذلك يمكن أن يحد من إنتاج الحبوب بنحو 30 مليون طن، وهو ما يكفي لإطعام 100 مليون شخص، وما يفاقم الأزمة "إنسانياً" ما يشير إليه برنامج الأغذية العالمي عن وجود حوالي 20 مليون شخص على شفا المجاعة في تلك المنطقة بالفعل.
وتسجل منطقة أفريقيا جنوب الصحراء أدنى معدلات استخدام للأسمدة في العالم، بمتوسط 12 كيلوجراما للهكتار الواحد"عشرة آلاف متر مربع"، مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 110 كيلوجرامات.
نصف إنتاج الغذاء العالمي مهدد
ولذلك حذر رئيس شركة «يارا إنترناشيونال» النرويجية، وهي إحدى أكبر شركات إنتاج الأسمدة في العالم، ولها وجود في أكثر من 60 دولة، "سفين توري هولسيثر"، من أن الوضع قد يصبح أكثر صعوبة، مضيفا أن الصناعة تعاني بالفعل من قبل الغزو الروسي بسبب ارتفاع أسعار الغاز (حتى أن إنتاج شركته انخفض بنسبة 40% بسبب ارتفاع أسعار الغاز في بعض فترات العام الماضي).
وأضاف "هولسيثر" في حديث إلى هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) أن نصف سكان العالم يحصلون من الغذاء بسبب الأسمدة، أي أنه إذا لم تتوافر الأسمدة (كلياً) في الحقول على مستوى العالم فستنخفض الأغذية المنتجة بنسبة 50% كاملة وهو تأثير ضخم للغاية بطبيعة الحال.
وما يدعم مخاوف "هولسيثير" حقيقة أن الحكومة الروسية طالبت منتجيها بالعمل على وقف صادرات الأسمدة (لم تُصدِر قرارا مُلزما بعد)، بل وجاء على لسان أكثر من مسؤول روسي أنه يمكن لموسكو "معاقبة" الغرب بوقف تصدير الأسمدة، حيث تحصل أوروبا على قرابة 40% من الأسمدة التي تستخدمها من روسيا.
وشدد "هولسيثير" على أن إنتاج الأغذية سيتأثر حتما بسبب الأزمة الحالية للأسمدة، ولكن السؤال هو حول مدى التأثر وهل سيكون سعريا فحسب أم سيؤثر بالسلب على كم الأغذية المنتجة أيضا، ولكنه أكد على أن الدول الفقيرة ستكون في صدارة المتضررين بالطبع.
المصادر: بي.بي.سي- وول ستريت جورنال- رويترز- كونفرسيشن- إنفستبيديا