طالع نسبه
13-02-2022, 03:18 PM
يشير أكثر التوقعات إلى أن أسعار الفائدة في طريقها إلى الارتفاع سواء في الولايات المتحدة أو هنا في المملكة، والسبب الرئيس يعود إلى حالة الاقتصاد الأمريكي وطبيعة السياسة النقدية الأمريكية، التي بالمجمل تشير إلى تصاعد حاد في وتيرة تضخم الأسعار وتوقف البنك المركزي الأمريكي "الاحتياطي الفيدرالي" عن ضخ السيولة في البلاد. وبسبب ارتباط دول كثيرة حول العالم بالسياسة النقدية الأمريكية، يبدو أن ارتفاع أسعار الفائدة شبه مؤكد في الفترات المقبلة.
السؤال هنا عن تكلفة القروض العقارية وكيف ستتأثر في الفترات المقبلة، وهل الأفضل قروض المرابحة أم الإجارة، وكيف سيتم التعامل بها من قبل البنك السعودية؟
بداية أشير إلى أن أسعار الفائدة على سندات الخزينة الأمريكية لعشرة أعوام وصلت 2 في المائة هذا الأسبوع وهي في أعلى مستوياتها منذ أكثر من عامين ونصف العام، وأهمية ذلك هي أن الأسواق المالية عادة تستبق الأحداث وتتنبأ بها بشكل أسرع من قرارات البنوك المركزية. فرغم أن تكلفة فائدة التمويل الفيدرالي التي يحدد مستوياتها البنك المركزي الأمريكي لا تزال قريبة إلى الصفر، إلا أن الأسواق المالية بدأت بالتحرك بشكل استباقي منذ عدة أشهر، فأخذت أسعار الفائدة بالارتفاع على المديين القصير والمتوسط الأمر الذي أخل بشكل ما يعرف بمنحنى عائد الاستحقاق، وهو الشكل الذي يرسم أسعار الفائدة على فترات زمنية متعددة.
بدأ سعر الفائدة بين البنوك في المملكة "سايبور لمدة ثلاثة أشهر" بالارتفاع المتواصل منذ صيف العام الماضي، حيث يقف الآن على ارتفاع 9 في المائة عن ذاك الوقت، ومن المتوقع له مزيد من الصعود. هذا المؤشر مهم جدا للبنوك التي تقوم بتسعير القروض بناء عليه.
هل الأفضل الاقتراض بسعر فائدة ثابت أم بسعر فائدة متغير؟
الاقتراض بسعر الفائدة الثابت هو ما يعرف في معظم البنوك السعودية بنظام المرابحة، توافقا مع التسمية الشرعية لهذا النوع من الاقتراض، أما الاقتراض بفائدة متغيرة فهو نظام الإجارة، وكلا الطريقتان متاحة من قبل البنوك في قروض الأفراد والشركات. والاقتراض بفائدة متغيرة معمول به منذ أعوام طويلة وكان يمارس بشكل أكبر في تمويل الشركات، إلا أنه بدأ في الانتشار عقب صدور نظام التمويل العقاري ولائحته التنفيذية التي وضعت الأسس المنظمة لآلية القروض بفائدة متغيرة. كتبت هنا في صحيفة "الاقتصادية" وقت صدور لائحة التمويل العقاري في 2014 عن أهمية هذا التنظيم وضرورة توعية العملاء بطريقة الفائدة المتغيرة وأنها من الممكن أن تخفف تكلفة التمويل ومبلغ الأقساط بشكل قد يفاجئ كثيرا من الناس. وبالفعل بعد عدة أعوام ظهرت مشكلات أثيرت إعلاميا من قبل بعض ممن اقترض بأسلوب الإجارة وتفاجأ بتغير تكلفة التمويل حين ارتفعت أسعار الفائدة في 2018.
الإجابة عن السؤال، هل الأفضل التعامل بقرض الإجارة المتغير أم بقرض المرابحة الثابت ليس بالأمر الهين وذلك لعدة أسباب، أهمها أنه لا يوجد جواب ثابت وقاطع في كل الأوقات لأن ذلك يعني انتفاء العمل بالطريقة المكلفة أكثر. أي لو أن التكلفة المتغيرة دائما هي الأسوأ لما تقدم أحد بقرض بفائدة متغيرة، ولتم وقف العمل بهذا الأسلوب. من جهة أخرى تلجأ الجهات التمويلية للتحكم بتكلفة القرض لأخذ الفارق بين الطريقتين في الحسبان عند تحديد تكلفة الاقتراض، فمثلا في الأوقات التي متوقع فيها ارتفاع أسعار الفائدة مستقبلا، فمن الطبيعي أن تكون التكلفة الثابتة أعلى من المتغيرة. على سبيل المثال قد تكون تكلفة قرض عقاري ثابت 5 في المائة، باستخدام معدل النسبة السنوي apr، بينما القرض المتغير تكون تكلفته 4 في المائة الآن، وتتغير هذه النسبة كل ستة أشهر أو كل عام حسب تغير نسبة معدل "السايبور" بين البنوك. ولأنه من المتوقع أن ترتفع أسعار الفائدة فستتغير تكلفة القرض لاحقا، وبالتالي لن يخسر البنك فرصة الاستفادة من ارتفاع أسعار الفائدة.
ورغم ما سبق فقد يتفاجأ البعض بأن سعر التكلفة الثابتة "المرابحة" للقروض العقارية حاليا في المملكة أقل من سعر التكلفة المتغيرة "الإجارة"، وهذا أمر محير إن اتفقنا على أن أسعار الفائدة في طريقها إلى الارتفاع، وبالتالي من المفترض أن تتحوط البنوك وتجعل تكلفة قروض المرابحة أعلى من قروض الإجارة المتغيرة، السبب في هذا التفاوت ربما يعود لفروق أخرى بين طريقة المرابحة وطريقة الإجارة التي حسب طبيعة كل واحدة منها قد تؤدي إلى زيادة التكلفة على البنوك. فمثلا في نظام الإجارة يبقى العقار تحت مسؤولية البنك لأن ملكية العقار لم تنتقل بعد إلى المقترض، وبالتالي فإن البنك قد يتحمل مخاطر الخسائر المتعلقة بالعيوب الإنشائية وربما حتى صيانة العقار المؤجر للمقترض. مثل هذه المتغيرات الخاصة بالمملكة قد تكون أحد أسباب ارتفاع أسعار الفائدة المتغيرة عن الثابتة حاليا.
لذا فإن قرار أخذ قرض بتكلفة ثابتة أو متغيرة يعتمد على عدة أمور يقررها الشخص حسب ظروفه وطبيعة العقار الذي سيشتريه أو يبنيه، ومن ثم يعتمد ذلك على سعر التكلفة المتاح لكل طريقة، وأخيرا يعتمد ذلك على المدة المتوقعة للاحتفاظ بالقرض. هذه النقطة الأخيرة مهمة جدا لمن يخطط لبيع العقار خلال أعوام قليلة وبالتالي قد يكون القرض متغير التكلفة أفضل له، والسبب لأنه حتى إن ارتفعت أسعار الفائدة فهو سيقوم ببيع العقار والخروج من القرض، وبالتالي يستفيد من تدني تكلفة الاقتراض بسعر فائدة متغيرة على المدى القريب. ومرة أخرى، هذا يعتمد على الأسعار المتاحة من قبل البنوك التي من المفترض فيها أن تكون أسعار التكلفة المتغيرة أقل من نظيرتها الثابتة بسبب توقعات ارتفاع أسعار الفائدة.
ختاما، في بعض الدول تقدم القروض العقارية بفائدة متغيرة لكن بضوابط معينة تساعد على التخفيف من حدة تقلبات أسعار الفائدة، فمثلا هناك قروض متغيرة لكن ثابتة لعام أو عامين أو ثلاثة أعوام وذلك لحماية المقترض جزئيا، وكذلك هناك سقوف عليا لارتفاع التكلفة حتى إن ارتفعت الأسعار بشكل حاد فلن تتغير تكلفة الفائدة المتغيرة بأكثر من حد معين.
السؤال هنا عن تكلفة القروض العقارية وكيف ستتأثر في الفترات المقبلة، وهل الأفضل قروض المرابحة أم الإجارة، وكيف سيتم التعامل بها من قبل البنك السعودية؟
بداية أشير إلى أن أسعار الفائدة على سندات الخزينة الأمريكية لعشرة أعوام وصلت 2 في المائة هذا الأسبوع وهي في أعلى مستوياتها منذ أكثر من عامين ونصف العام، وأهمية ذلك هي أن الأسواق المالية عادة تستبق الأحداث وتتنبأ بها بشكل أسرع من قرارات البنوك المركزية. فرغم أن تكلفة فائدة التمويل الفيدرالي التي يحدد مستوياتها البنك المركزي الأمريكي لا تزال قريبة إلى الصفر، إلا أن الأسواق المالية بدأت بالتحرك بشكل استباقي منذ عدة أشهر، فأخذت أسعار الفائدة بالارتفاع على المديين القصير والمتوسط الأمر الذي أخل بشكل ما يعرف بمنحنى عائد الاستحقاق، وهو الشكل الذي يرسم أسعار الفائدة على فترات زمنية متعددة.
بدأ سعر الفائدة بين البنوك في المملكة "سايبور لمدة ثلاثة أشهر" بالارتفاع المتواصل منذ صيف العام الماضي، حيث يقف الآن على ارتفاع 9 في المائة عن ذاك الوقت، ومن المتوقع له مزيد من الصعود. هذا المؤشر مهم جدا للبنوك التي تقوم بتسعير القروض بناء عليه.
هل الأفضل الاقتراض بسعر فائدة ثابت أم بسعر فائدة متغير؟
الاقتراض بسعر الفائدة الثابت هو ما يعرف في معظم البنوك السعودية بنظام المرابحة، توافقا مع التسمية الشرعية لهذا النوع من الاقتراض، أما الاقتراض بفائدة متغيرة فهو نظام الإجارة، وكلا الطريقتان متاحة من قبل البنوك في قروض الأفراد والشركات. والاقتراض بفائدة متغيرة معمول به منذ أعوام طويلة وكان يمارس بشكل أكبر في تمويل الشركات، إلا أنه بدأ في الانتشار عقب صدور نظام التمويل العقاري ولائحته التنفيذية التي وضعت الأسس المنظمة لآلية القروض بفائدة متغيرة. كتبت هنا في صحيفة "الاقتصادية" وقت صدور لائحة التمويل العقاري في 2014 عن أهمية هذا التنظيم وضرورة توعية العملاء بطريقة الفائدة المتغيرة وأنها من الممكن أن تخفف تكلفة التمويل ومبلغ الأقساط بشكل قد يفاجئ كثيرا من الناس. وبالفعل بعد عدة أعوام ظهرت مشكلات أثيرت إعلاميا من قبل بعض ممن اقترض بأسلوب الإجارة وتفاجأ بتغير تكلفة التمويل حين ارتفعت أسعار الفائدة في 2018.
الإجابة عن السؤال، هل الأفضل التعامل بقرض الإجارة المتغير أم بقرض المرابحة الثابت ليس بالأمر الهين وذلك لعدة أسباب، أهمها أنه لا يوجد جواب ثابت وقاطع في كل الأوقات لأن ذلك يعني انتفاء العمل بالطريقة المكلفة أكثر. أي لو أن التكلفة المتغيرة دائما هي الأسوأ لما تقدم أحد بقرض بفائدة متغيرة، ولتم وقف العمل بهذا الأسلوب. من جهة أخرى تلجأ الجهات التمويلية للتحكم بتكلفة القرض لأخذ الفارق بين الطريقتين في الحسبان عند تحديد تكلفة الاقتراض، فمثلا في الأوقات التي متوقع فيها ارتفاع أسعار الفائدة مستقبلا، فمن الطبيعي أن تكون التكلفة الثابتة أعلى من المتغيرة. على سبيل المثال قد تكون تكلفة قرض عقاري ثابت 5 في المائة، باستخدام معدل النسبة السنوي apr، بينما القرض المتغير تكون تكلفته 4 في المائة الآن، وتتغير هذه النسبة كل ستة أشهر أو كل عام حسب تغير نسبة معدل "السايبور" بين البنوك. ولأنه من المتوقع أن ترتفع أسعار الفائدة فستتغير تكلفة القرض لاحقا، وبالتالي لن يخسر البنك فرصة الاستفادة من ارتفاع أسعار الفائدة.
ورغم ما سبق فقد يتفاجأ البعض بأن سعر التكلفة الثابتة "المرابحة" للقروض العقارية حاليا في المملكة أقل من سعر التكلفة المتغيرة "الإجارة"، وهذا أمر محير إن اتفقنا على أن أسعار الفائدة في طريقها إلى الارتفاع، وبالتالي من المفترض أن تتحوط البنوك وتجعل تكلفة قروض المرابحة أعلى من قروض الإجارة المتغيرة، السبب في هذا التفاوت ربما يعود لفروق أخرى بين طريقة المرابحة وطريقة الإجارة التي حسب طبيعة كل واحدة منها قد تؤدي إلى زيادة التكلفة على البنوك. فمثلا في نظام الإجارة يبقى العقار تحت مسؤولية البنك لأن ملكية العقار لم تنتقل بعد إلى المقترض، وبالتالي فإن البنك قد يتحمل مخاطر الخسائر المتعلقة بالعيوب الإنشائية وربما حتى صيانة العقار المؤجر للمقترض. مثل هذه المتغيرات الخاصة بالمملكة قد تكون أحد أسباب ارتفاع أسعار الفائدة المتغيرة عن الثابتة حاليا.
لذا فإن قرار أخذ قرض بتكلفة ثابتة أو متغيرة يعتمد على عدة أمور يقررها الشخص حسب ظروفه وطبيعة العقار الذي سيشتريه أو يبنيه، ومن ثم يعتمد ذلك على سعر التكلفة المتاح لكل طريقة، وأخيرا يعتمد ذلك على المدة المتوقعة للاحتفاظ بالقرض. هذه النقطة الأخيرة مهمة جدا لمن يخطط لبيع العقار خلال أعوام قليلة وبالتالي قد يكون القرض متغير التكلفة أفضل له، والسبب لأنه حتى إن ارتفعت أسعار الفائدة فهو سيقوم ببيع العقار والخروج من القرض، وبالتالي يستفيد من تدني تكلفة الاقتراض بسعر فائدة متغيرة على المدى القريب. ومرة أخرى، هذا يعتمد على الأسعار المتاحة من قبل البنوك التي من المفترض فيها أن تكون أسعار التكلفة المتغيرة أقل من نظيرتها الثابتة بسبب توقعات ارتفاع أسعار الفائدة.
ختاما، في بعض الدول تقدم القروض العقارية بفائدة متغيرة لكن بضوابط معينة تساعد على التخفيف من حدة تقلبات أسعار الفائدة، فمثلا هناك قروض متغيرة لكن ثابتة لعام أو عامين أو ثلاثة أعوام وذلك لحماية المقترض جزئيا، وكذلك هناك سقوف عليا لارتفاع التكلفة حتى إن ارتفعت الأسعار بشكل حاد فلن تتغير تكلفة الفائدة المتغيرة بأكثر من حد معين.