طالع نسبه
23-01-2022, 09:45 AM
كل شيء يتغير في الاقتصاد، المالية، والمحاسبة، المفاهيم لم تعد كما كانت، خاصة مع دخول التقنية وعالم الإنترنت. ومع التطور المذهل للمصرفية الرقمية، فمن المناسب اليوم إعادة النظر في مواعيد صرف الأجور والرواتب، لتتناسب مع هذا التقدم المذهل والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة. فلم تعد هناك حجة قائمة تبرر الاستمرار في صرف الرواتب بشكل شهري، ومن الأولى الآن، أن تدفع بشكل أسبوعي.
لقد قامت طريقة دفع الراتب شهريا على حجج من أهمها، صعوبة إنجاز إجراءات صرف الرواتب في أقل من شهر بدءا من حصر الموظفين والحضور والانصراف والحسومات حتى إعداد المسيرات وتدقيقها وإصدار أوامر الدفع وأخيرا الدفع، لكن ذلك تغير فعليا وهو يتم اليوم في أقل من ساعة. ففي عالم من التقنيات يتم حصر الموظفين وساعات عملهم بشكل يومي وإرسالها للأنظمة الإلكترونية التي تقوم فورا باحتساب الحسومات، وتحديث المستحقات يوميا، ومع وجود تقنيات عالية الدقة مثل منصة اعتماد، فإن الصرف وإصدار الأوامر لن يستغرق أكثر من دقائق، ومن خلال التقنية أيضا يتم بث الرواتب في الحسابات في أقل من ساعة، كل هذه الإجراءات التي كانت تستغرق أياما أصبحت الآن تنتهي في أقل من نصف يوم، فلماذا لا تصبح الرواتب أسبوعية؟
وقامت حجج دفع الرواتب بشكل شهري على أساس أن تغطية الإيرادات العامة للرواتب يحتاج إلى وقت ليس أقل من شهر، وهذه الحجة تدفع بمثل ما دفعت به الحجة السابقة، فالتقنيات الكبيرة على مستوى العالم، وآليات دفع الرسوم في المنافذ أو الضرائب كلها تتم إلكترونيا وتقوم التقنيات المصرفية بكل شيء في أقل من دقائق حتى تكون المبالغ مسجلة في حساب جار لوزارة المالية، وهنا دليل إضافي ضد هذه الحجة، وهي أن العلاقة بين الإيرادات النقدية والمصروفات النقدية لم تعد علاقة وثيقة كما كانت من قبل، بمعنى آخر، فإن زمن دفع الرواتب بشكل ورقي للموظفين قد ولى، كما أن المحاسبة في المالية تتحول لأساس الاستحقاق، وفوق هذا وذاك، فإنه يتم الآن تحويل "أرقام إلكترونية" في الحسابات ليس بالضرورة أن يقابله غطاء ورقي من النقد، وقد ناقشت هذه المسألة مرارا. فتحول النقد من الورق "الكاش" إلى الأرقام الإلكترونية، ويؤيد فكرة أن الإنتاج الذي يقوم به الموظف أو العامل ليست له علاقة لا من قريب ولا بعيد بالنقد، فإذا قام شخص بتنفيذ أعمال لأي جهة خاصة أو عامة، أو قدم لها سلعا أو خدمات، وبغض النظر هل هذا الشخص طبيعي أو شركة، فإنه يحصل على "وزن"، لهذه الأعمال والسلع على شكل أرقام إلكترونية متفق عليها، سواء كانت بمعادل الريال السعودي أو الدولار، فهي مجرد "أوزان" تعكس قيمه "عقود" بين الأطراف، يمكن استبدالها في أي وقت بأي شيء تقريبا وفي كل مكان تقريبا، ويمكن أن تتحول يوميا وبسهولة من خلال شبكات الإنترنت إلى أرقام إلكترونية أخرى في مكان في العالم ويستطيع الشخص استبدالها بأي سلعة أو حتى بأي ورقة نقدية من أوراق العالم، وإذا كانت هذه حقيقة اليوم لا يمكن إنكارها، فلماذا لا تصبح الرواتب أسبوعية؟
ولتقديم دليل على الانفصال التام بين النقد الورقي والأرقام الإلكترونية في الحسابات، فتجربة اكتتاب "أكوا باور" تقدم دليلا لا يقبل الدحض، فحسب نشرة الإصدار لشركة أعمال المياه والطاقة الدولية أكوا باور، وخلال عمليات الطرح، ضخ المستثمرون المحليون ما قيمته 1.075 تريليون ريال بحجم تغطية 236 مرة، في الوقت الذي كان الحد الأعلى للنطاق السعري للطرح يشير إلى أن قيمة "أكوا باور" تقدر بنحو 42.2.5 مليار ريال. وإذا كان من المستحيل عمليا توفير هذا النقد الضخم لتغطية الاكتتاب، ومن غير المفهوم ابتداء، لماذا تتسابق البنوك لمنح هذه التسهيلات التي تتجاوز رؤوس أموالها، فإنك أمام حقيقة ماثلة بكل صلافتها أن هناك اليوم انفصالا تاما بين حقائق الاقتصاد وحقائق الأرقام الإلكترونية واستخداماتها، وبمعنى آخر، فإن الأرقام الإلكترونية ذات طبيعة مختلفة، وهي تعكس مفاهيم العقود. وإذا كان هذا شديد الوضوح، فإن تحويل الأرقام الإلكترونية لحسابات الموظفين بنهاية كل أسبوع سيكون أكثر سهولة وأقل تعقيدا، فلماذا لا تصبح الرواتب أسبوعية؟
وإذا كنت قد قدمت من الأدلة ما يكفي لدعم هذا الإجراء من الناحية البيروقرطية، فإنه له آثارا اقتصادية واجتماعية تحمد، فمن ذلك أن قدرة الأسر على الصرف المتوازن تتحسن حيث لا يتم صرف كامل الراتب فجأة على كل الفواتير ليبقى الأب وأسرته بلا راتب طوال الشهر، بل يمكنه من خلال الراتب الأسبوعي ترتيب آليات الصرف ويبقى في حال مستقرة عموما، وهذا يساعد الأسر على التخطيط الجيد للأعمال، أضف إلى هذا أنه يسهم في توزيع، أو قل تمهيد الصرف طوال الشهر وفصول العام، فالجميع يعرف أن المحال المختلفة تنشط مع نزول الرواتب بنهاية الشهر ثم تجد نفسها في منتصف الشهر حتى نهايته بلا زبائن تقريبا، ما يشكل أزمة في التدفقات النقدية طوال الشهر. لكن مع دفع الرواتب بشكل أسبوعي تتمكن الأسر من توزيع نشاطها على الشهر كاملا، فلا تركز مشترياتها وأنشطتها في أوله فقط، وبذلك تستطيع الأسواق والأنشطة أن تبقى رائجة طوال العام. وهذا بخلاف الإحساس الدائم بالرضا لدى الموظفين الذين يجدون إنتاجهم في حسابهم بنهاية كل أسبوع، ما يعزز عندهم الولاء للعمل ويحسن الإنتاجية عموما. هذا غيض من فيض الحجج التي يمكن تقديمها من أجل التحول نحو الرواتب الأسبوعية، وعند القارئ الكريم ما هو أكثر.
لقد قامت طريقة دفع الراتب شهريا على حجج من أهمها، صعوبة إنجاز إجراءات صرف الرواتب في أقل من شهر بدءا من حصر الموظفين والحضور والانصراف والحسومات حتى إعداد المسيرات وتدقيقها وإصدار أوامر الدفع وأخيرا الدفع، لكن ذلك تغير فعليا وهو يتم اليوم في أقل من ساعة. ففي عالم من التقنيات يتم حصر الموظفين وساعات عملهم بشكل يومي وإرسالها للأنظمة الإلكترونية التي تقوم فورا باحتساب الحسومات، وتحديث المستحقات يوميا، ومع وجود تقنيات عالية الدقة مثل منصة اعتماد، فإن الصرف وإصدار الأوامر لن يستغرق أكثر من دقائق، ومن خلال التقنية أيضا يتم بث الرواتب في الحسابات في أقل من ساعة، كل هذه الإجراءات التي كانت تستغرق أياما أصبحت الآن تنتهي في أقل من نصف يوم، فلماذا لا تصبح الرواتب أسبوعية؟
وقامت حجج دفع الرواتب بشكل شهري على أساس أن تغطية الإيرادات العامة للرواتب يحتاج إلى وقت ليس أقل من شهر، وهذه الحجة تدفع بمثل ما دفعت به الحجة السابقة، فالتقنيات الكبيرة على مستوى العالم، وآليات دفع الرسوم في المنافذ أو الضرائب كلها تتم إلكترونيا وتقوم التقنيات المصرفية بكل شيء في أقل من دقائق حتى تكون المبالغ مسجلة في حساب جار لوزارة المالية، وهنا دليل إضافي ضد هذه الحجة، وهي أن العلاقة بين الإيرادات النقدية والمصروفات النقدية لم تعد علاقة وثيقة كما كانت من قبل، بمعنى آخر، فإن زمن دفع الرواتب بشكل ورقي للموظفين قد ولى، كما أن المحاسبة في المالية تتحول لأساس الاستحقاق، وفوق هذا وذاك، فإنه يتم الآن تحويل "أرقام إلكترونية" في الحسابات ليس بالضرورة أن يقابله غطاء ورقي من النقد، وقد ناقشت هذه المسألة مرارا. فتحول النقد من الورق "الكاش" إلى الأرقام الإلكترونية، ويؤيد فكرة أن الإنتاج الذي يقوم به الموظف أو العامل ليست له علاقة لا من قريب ولا بعيد بالنقد، فإذا قام شخص بتنفيذ أعمال لأي جهة خاصة أو عامة، أو قدم لها سلعا أو خدمات، وبغض النظر هل هذا الشخص طبيعي أو شركة، فإنه يحصل على "وزن"، لهذه الأعمال والسلع على شكل أرقام إلكترونية متفق عليها، سواء كانت بمعادل الريال السعودي أو الدولار، فهي مجرد "أوزان" تعكس قيمه "عقود" بين الأطراف، يمكن استبدالها في أي وقت بأي شيء تقريبا وفي كل مكان تقريبا، ويمكن أن تتحول يوميا وبسهولة من خلال شبكات الإنترنت إلى أرقام إلكترونية أخرى في مكان في العالم ويستطيع الشخص استبدالها بأي سلعة أو حتى بأي ورقة نقدية من أوراق العالم، وإذا كانت هذه حقيقة اليوم لا يمكن إنكارها، فلماذا لا تصبح الرواتب أسبوعية؟
ولتقديم دليل على الانفصال التام بين النقد الورقي والأرقام الإلكترونية في الحسابات، فتجربة اكتتاب "أكوا باور" تقدم دليلا لا يقبل الدحض، فحسب نشرة الإصدار لشركة أعمال المياه والطاقة الدولية أكوا باور، وخلال عمليات الطرح، ضخ المستثمرون المحليون ما قيمته 1.075 تريليون ريال بحجم تغطية 236 مرة، في الوقت الذي كان الحد الأعلى للنطاق السعري للطرح يشير إلى أن قيمة "أكوا باور" تقدر بنحو 42.2.5 مليار ريال. وإذا كان من المستحيل عمليا توفير هذا النقد الضخم لتغطية الاكتتاب، ومن غير المفهوم ابتداء، لماذا تتسابق البنوك لمنح هذه التسهيلات التي تتجاوز رؤوس أموالها، فإنك أمام حقيقة ماثلة بكل صلافتها أن هناك اليوم انفصالا تاما بين حقائق الاقتصاد وحقائق الأرقام الإلكترونية واستخداماتها، وبمعنى آخر، فإن الأرقام الإلكترونية ذات طبيعة مختلفة، وهي تعكس مفاهيم العقود. وإذا كان هذا شديد الوضوح، فإن تحويل الأرقام الإلكترونية لحسابات الموظفين بنهاية كل أسبوع سيكون أكثر سهولة وأقل تعقيدا، فلماذا لا تصبح الرواتب أسبوعية؟
وإذا كنت قد قدمت من الأدلة ما يكفي لدعم هذا الإجراء من الناحية البيروقرطية، فإنه له آثارا اقتصادية واجتماعية تحمد، فمن ذلك أن قدرة الأسر على الصرف المتوازن تتحسن حيث لا يتم صرف كامل الراتب فجأة على كل الفواتير ليبقى الأب وأسرته بلا راتب طوال الشهر، بل يمكنه من خلال الراتب الأسبوعي ترتيب آليات الصرف ويبقى في حال مستقرة عموما، وهذا يساعد الأسر على التخطيط الجيد للأعمال، أضف إلى هذا أنه يسهم في توزيع، أو قل تمهيد الصرف طوال الشهر وفصول العام، فالجميع يعرف أن المحال المختلفة تنشط مع نزول الرواتب بنهاية الشهر ثم تجد نفسها في منتصف الشهر حتى نهايته بلا زبائن تقريبا، ما يشكل أزمة في التدفقات النقدية طوال الشهر. لكن مع دفع الرواتب بشكل أسبوعي تتمكن الأسر من توزيع نشاطها على الشهر كاملا، فلا تركز مشترياتها وأنشطتها في أوله فقط، وبذلك تستطيع الأسواق والأنشطة أن تبقى رائجة طوال العام. وهذا بخلاف الإحساس الدائم بالرضا لدى الموظفين الذين يجدون إنتاجهم في حسابهم بنهاية كل أسبوع، ما يعزز عندهم الولاء للعمل ويحسن الإنتاجية عموما. هذا غيض من فيض الحجج التي يمكن تقديمها من أجل التحول نحو الرواتب الأسبوعية، وعند القارئ الكريم ما هو أكثر.