طالع نسبه
19-11-2021, 07:47 AM
أصبحت أضطرابات سلاسل الأمداد تحديًا كبيرًا للأقتصاد العالمي منذ بداية الوباء. كان ذلك نتيجة الأجراءات الوقائية التي أتخذها العالم في سبيل السيطرة على الجائحة. فمروراً من الأغلاقات و منع تنقل الأيدي العاملة و التباطأ في الشحن، و ليس اخرها الهلع الذي أصاب العالم بأسره لعدم اليقين في الوصول الى علاج لهذا الوباء.الأقتصاد العالمي كان له النصيب الأكبر من التأثيرات السلبية و التي مازال العالم يعاني منها، فمنذ الوهلة الأولى أصابت الجائحة أول ما أصابت الصين قلب العالم الأقتصادي النابض، فلقد أغلقت الصين مصانعها منذ عام 2020 مما أدى الى النقص الحاد في مدخلات سلاسل الأمداد. هذا النقص خلق تكدس كبير للبضائع في الموانىء من جهه و أرتفاع كبير في الطلب الذي سببه الأغلاق من جهة أخرى، وكل ذلك أدى الى أضطراب وأختناق لسلاسل الأمدادات العالمية.التقارير الأقصادية تشير الى أن تأثير الوباء العالمي على شبكات الخدمات اللوجستية، والقيود المفروضة على السلع أدت إلى زيادات كبيرة في تكاليف الشحن وأوقات التسليم. ويعزى هذا الى أرتفاع الطلب أو قيود العرض الواسعة أو مزيج من الاثنين معًا. خلال هذه الأوقات. مع وجود هذه التحديات على الساحة الأقتصادية تكون غالباً لدى الموردين قوة تسعير أكبر، مما يتسبب في ارتفاع الأسعار. علاوة على ذلك، يمكن أن تؤدي هذه الأضطرابات و الأختناقات في سلسلة التوريدات العالمية إلى تقليل توافر السلع الأساسية والسلع الوسيطة التي يمكن أن تؤدي ، إلى جانب نقص العمالة ، إلى إبطاء نمو الإنتاج.هذه الأضطرابات و الأخفاقات في سلاسل الأمداد أنعكست سلباً على مستوى التضخم و الناتج المحلي، أذ تباطأت وتيرة نمو الناج المحلي الأمريكي في الربع الأخير من هذه السنه، ويرجع ذلك الى عدم القين في تلاشي الجائحة و المتحورات المتعددة لكوفيد – 19.أقتصادياً أظهرت المؤشرات الأمريكية و بالخصوص مؤشر أسعار المستهلك والذي صدر في 29 أكتوبر 2021 ، زيادة بنسبة 4.4٪ في الاثني عشر شهرًا الماضية ، أعلى من المعدل الذي يعمل كمرجع كمتوسط يتبعه بنك الاحتياطي الفيدرالي.هذه التأثيرات و الأضطربات لسلاسل الأمداد العالمية و أنعكاساتها الأقتصادية الكبيرة اثرت سلباً على الأسواق الناشئة وأشد تأثيرا على الأقتصاديات النامية، كان ذلك واضحاً في أسعار السلع الأساسية.تتخذ الشركات أستراتيجيات متعددة للتغلب على مثل هذه الأضطرابات و عدم القين في سلاسل الأمداد. فوفقًا لدراسة حديثة أجرتها أحدى شركات الاستشارات العالمية أشارت الى ان التحول الرقمي سيتسارع بسبب الوباء. ومن المرجح أن يكون الاستثمار في الروبوتات والمصانع شبه المستقلة بشكل كبير في خطط إعادة التشكيل. تتوقع شركة إدارة الاستثمار ARK Invest أنه بحلول عام 2025، ستنخفض التكلفة المرتبطة بتقنيات الروبوتات بنسبة 71 ٪ مقارنة بعام 2010 مما يعطي حافزاً للأسثمار في الجيل الرابع من سلاسل الأمداد.والأسراتيجية الأخرى تنوع مصادر التوريد لتجاوز العلاقات التجارية الأحادية حيث أظهرت الأبحاث التي أجرتها Cap Gemini ان 68٪ من المؤسسات تستثمر بنشاط في تنويع قاعدة مورديها. تتطلب ادارة مثل هذه الأستراتيجية الانتقال الى علاقات أكثر ديناميكية. تتيح مثل هذه التقنيات والأستراتجيات الكثير من المرونة في تخفيف ضغوط المخزون من خلال التجميع الذكي، كذلك تتيح هذه الأستراتيجيات الى الأنتقال من مورد الى اخر بمرونة عالية مما يحسن مستوى الخدمة المقدمة للعملاء.أن أضطراب وأختناق سلاسل الأمدادات العالمية سمة دائمة للتجارة العالمية، ربما تختلف مسبباتها من وقت الى أخر، ولعل التغيير المناخي من التحديات المستقبلية مالم تؤخذ حياله الأجراءات الكفيلة من التقليل من اثاره المدمرة. لعل التحول الى الثورة الرابعة لسلاسل الأمداد جزءًا من الإجابة. ولكن الأهم من ذلك هو أن نحدث ثورة في الطريقة التي نفكر بها في التجارة الدولية. يجب أن نتحرك بعيدًا عن سلاسل الأمداد المعرضة للخطر حيث يتسبب ارتباط معطل واحد في حدوث فوضى. بدلاً من ذلك، يجب الأستثمار في تطوير مدخلات محلية لتأمين سلاسل الأمداد،بأنتاج سلع وسيطة. كما يجب أن نركز على بناء مجتمع عالمي للتجارة: شبكة متشابكة من العلاقات التي تدعم المرونة الشاملة المطلوبة لمواجهة الأزمات المستقبلية بثقة عالية.أن مثل هذه المقترحات نضعها برسم رجال الأعمال و المشرعين وذوي الأختصاص حتى لا نتعرض الى هذا القدر من المخاطر التي لربما تمتد اثارها أبعد من التأثيرات الأقتصادية.