حمزه
12-10-2018, 06:44 AM
عبدالله الناصر
كنا مجموعة من الأصدقاء نتحدث في شؤون الحياة والثقافة والإيمان فقال أحدهم عن شخص: إنه لن يؤمن إلا إذا آمن الحمار!! فقلت له هذا لا يجوز فكثير من الملاحدة تحولوا إلى الإيمان في طرفة عين.. بسبب موقف أو هداية مفاجئة، وأوردت له قصة سبق لي أن ذكرتها هنا، حيث أشرت إلى أن صديقاً أثق فيه قال لي: كنا مجموعة أصدقاء من الطلاب في بلد غربي.. وكان لنا زميل متمرد على كل القيم الدينية، وكان ملحداً شديد الإلحاد، وكان يقول: إنه لا جنة ولا نار! وأن الجنة الحقيقية على الأرض وليست في السماء، وأن الدين كله اختراع بشري قديم!! وأن الإنسان لا فرق بينه وبين الحيوان، أي أن الحمار، والدودة، والإنسان، تجمعهم خصائص مشتركة سواء في الوجود، أو الحياة والفناء!! وأنه بعد ذلك لا بعث ولا نشور!
قال: وذات مرة أخذنا إجازتنا وتوجهنا إلى الوطن وكان هذا الزميل معنا في الرحلة وكنا قد اتفقنا على أن نذهب إلى مكة لأداء العمرة، فصار يضحك منا، ويزدرينا، ويرمينا بالجهل، والتخلف، وقلة العقل، ويقول: إن ثقافتكم، واطلاعكم، على حضارة الغرب، لم تُجد معكم شيئاً!! وكان مستمراً في تندره، بل كان أحياناً يعابثنا بسحب الإحرام تارة والسخرية تارة أخرى، حتى إذا وصلنا حدود «الحمى» ما بين مكة وجدة، وشرعنا في التهليل، والتكبير وهو لا يزال في عبثه، أوقفنا السيارة وطلبنا إليه الصمت، فإن هو لم يلتزم فسوف نقذفه في الطريق ونتركه، فوعدنا بالالتزام، فلما علونا الريع المطل على الحرم من تلك الناحية وأشرفنا على البيت ولاحت لنا منائره، وجلاله، وهيبته، كبرنا تكبيرة واحدة، وبصوت مرتفع، أما هو فقد أخذ يتلفت في ارتباك ووجل.. وفجأة وعلى حين غرة انفجر بالبكاء وصار يجهش والدموع تسيل غزيرة من عينيه، وأصابته حالة من الوجل والاضطراب مما حدا بصاحب السيارة أن يقف، فنزلنا جميعاً وأخذناه بين أيدينا واحتضناه، وإذا هو يسترسل في البكاء والنشيج ويردد: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، خذوني إلى أقرب مكان أحرِمُ منه.. أريد أن أعتمر أريد أن أغسل ذنوبي وأوزاري، قال: فبكينا جميعاً وكان مشهداً تجلت فيه روح ربانية.
ثم ذهبنا رأساً إلى مكان الإحرام القريب من مكة وأحرم هناك، وعدنا إلى الحرم ملبين مكبرين سوية.
ثم صار صاحبنا هذا فيما بعد أكثرنا التزاماً وخشية وإيماناً.. وكان يقول عن تلك الحالة: إنه كان يشعر وكأن في صدره باباً مغلقاً من حديد يجعله لا يستفيق من شيء، ولا يقبل الحديث في شيء عن الدين.. وأن في صدره تعتلج وتختلج، وتنحبس أشياء ترفض مسألة الطاعة لله.. وأن على قلبه قفلاً ثقيلاً حتى كانت تلك اللحظة، حيث تحطمت الأغلال وأشرق النور في صدره، وانزاح الظلام الثقيل عن بصره وقلبه..
«يهدي الله لنوره من يشاء».
كنا مجموعة من الأصدقاء نتحدث في شؤون الحياة والثقافة والإيمان فقال أحدهم عن شخص: إنه لن يؤمن إلا إذا آمن الحمار!! فقلت له هذا لا يجوز فكثير من الملاحدة تحولوا إلى الإيمان في طرفة عين.. بسبب موقف أو هداية مفاجئة، وأوردت له قصة سبق لي أن ذكرتها هنا، حيث أشرت إلى أن صديقاً أثق فيه قال لي: كنا مجموعة أصدقاء من الطلاب في بلد غربي.. وكان لنا زميل متمرد على كل القيم الدينية، وكان ملحداً شديد الإلحاد، وكان يقول: إنه لا جنة ولا نار! وأن الجنة الحقيقية على الأرض وليست في السماء، وأن الدين كله اختراع بشري قديم!! وأن الإنسان لا فرق بينه وبين الحيوان، أي أن الحمار، والدودة، والإنسان، تجمعهم خصائص مشتركة سواء في الوجود، أو الحياة والفناء!! وأنه بعد ذلك لا بعث ولا نشور!
قال: وذات مرة أخذنا إجازتنا وتوجهنا إلى الوطن وكان هذا الزميل معنا في الرحلة وكنا قد اتفقنا على أن نذهب إلى مكة لأداء العمرة، فصار يضحك منا، ويزدرينا، ويرمينا بالجهل، والتخلف، وقلة العقل، ويقول: إن ثقافتكم، واطلاعكم، على حضارة الغرب، لم تُجد معكم شيئاً!! وكان مستمراً في تندره، بل كان أحياناً يعابثنا بسحب الإحرام تارة والسخرية تارة أخرى، حتى إذا وصلنا حدود «الحمى» ما بين مكة وجدة، وشرعنا في التهليل، والتكبير وهو لا يزال في عبثه، أوقفنا السيارة وطلبنا إليه الصمت، فإن هو لم يلتزم فسوف نقذفه في الطريق ونتركه، فوعدنا بالالتزام، فلما علونا الريع المطل على الحرم من تلك الناحية وأشرفنا على البيت ولاحت لنا منائره، وجلاله، وهيبته، كبرنا تكبيرة واحدة، وبصوت مرتفع، أما هو فقد أخذ يتلفت في ارتباك ووجل.. وفجأة وعلى حين غرة انفجر بالبكاء وصار يجهش والدموع تسيل غزيرة من عينيه، وأصابته حالة من الوجل والاضطراب مما حدا بصاحب السيارة أن يقف، فنزلنا جميعاً وأخذناه بين أيدينا واحتضناه، وإذا هو يسترسل في البكاء والنشيج ويردد: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، خذوني إلى أقرب مكان أحرِمُ منه.. أريد أن أعتمر أريد أن أغسل ذنوبي وأوزاري، قال: فبكينا جميعاً وكان مشهداً تجلت فيه روح ربانية.
ثم ذهبنا رأساً إلى مكان الإحرام القريب من مكة وأحرم هناك، وعدنا إلى الحرم ملبين مكبرين سوية.
ثم صار صاحبنا هذا فيما بعد أكثرنا التزاماً وخشية وإيماناً.. وكان يقول عن تلك الحالة: إنه كان يشعر وكأن في صدره باباً مغلقاً من حديد يجعله لا يستفيق من شيء، ولا يقبل الحديث في شيء عن الدين.. وأن في صدره تعتلج وتختلج، وتنحبس أشياء ترفض مسألة الطاعة لله.. وأن على قلبه قفلاً ثقيلاً حتى كانت تلك اللحظة، حيث تحطمت الأغلال وأشرق النور في صدره، وانزاح الظلام الثقيل عن بصره وقلبه..
«يهدي الله لنوره من يشاء».