هو زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني ، المعروف بالنابغة الذبياني ، وقد لحقته هذه الكنية لأنه نبغ في الشعر منذ حداثة سنه، و هو واحد ثلاثة ممن وصفوا باشعر العرب و هم : امرؤ القيس إذا ركب ، و زهير إذا رغب ، و النابغة إذا رهب ، و الأعشى إذا شرب " ، و يعد من الطبقة الأولى بين الشعراء . و يلقب ايضا بأبي أمامة ، و قيل بأبي ثمامة ، كما هو وارد في كتاب "الشعر و الشعراء" ، و بأبي عقرب على ما يذهب إليه البغدادي في خزانة الأدب . و له قصيدة اشتهر بها تحسب ضمن المعلقات، و مطلعها:
يا دار مية بِالعلياء فالسند = أَقوت وطال عليها سالف الأَبد
أما قصيدة المتجردة موضوع الحديث ومطلعها:
أَمِن آلِ مَيَّةَ رائِحٌ أَو مُغتدِ = عَجلانَ ذا زادٍ وَغَيرَ مُزَوَّدِ
فتعد من أجرأ وأروع أشعار النابغة الذبياني ، و من شوارد وعيون الشعر العربي ، و احسنها بيانا و اجملها وصفا ، و شجاعة رأي و فصاحة لغة ، و أصبحت أشهر قصائده على الإطلاق ، و قد تباينت في شأن نظمها الحكايات و الاقاويل و النقول ، ذلك بأن النابغة الذبياني كان من اقرب المقربين الي الملك النعمان بن المنذر ، و شاعر بلاطه و نديمه، و قد طلب في احد مجالسه من النابغة أن يصف له زوجتة المتجردة في قصيدة تليق بمقامها ، و كانت فائقة الحسن بارعة الجمال ممتلئة الجسد، و كان النعمان على ما يروى قصيراً ذميما ، لكن شاعرنا استرسل في وصف محاسن المتجردة ليتعداه الى ما خفى منها و ما بطن ، فوصل الى علم النعمان من احد الوشاة بانه لا يصف ذلك إلا مجرب . فغضب النعمان و امر بقتل النابغة فهرب..

و جاء في حكاية اخرى بأن النابغة دخل يوما على النعمان ، فرأى زوجته المتجردة ، و قد سقط نصيفها ، فاستترت منه بيدها . فأمره النعمان بأن يصفها له ، فأنشأ قصيدته هذه التي أثارت غيرة المنخل اليشكري الذي كان يهواها بدوره ، فوشى به إلى زوجها ، فقال للنعمان: ما يستطيع أن يقول مثل هذا الشعر إلا من قد جرب . فاهدر النعمان دمه ، و بلغ ذلك الى علم النابغة ، فخافه فهرب إلى الغساسنة . و قد كان هذا الغرار من الحيرة و الاتصال بالغساسنة الاعداء التاريخيين للمناذرة سبباً آخر من الأسباب التي اججت حقد و حنق النعمان على النابغة الذبياني